واشنطن - اتخذت الولايات المتحدة إجراءات ضد شبكة إيرانية روسية أرسلت الملايين من براميل النفط إلى سوريا ومئات الملايين من الدولارات بصورة غير مباشرة إلى حركة حماس الإخوانية وجماعة حزب الله اللبنانية التي تصنّفها واشنطن على قوائمها للإرهاب. وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن هذا الترتيب المعقد تضمّن مواطنا سوريا استخدم شركته التي يقع مقرها في روسيا في شحن نفط إيراني إلى سوريا بمساعدة شركة مملوكة للحكومة الروسية. وساعدت سوريا لاحقا في تحويل ملايين الدولارات نقدا إلى حزب الله التي تشارك في الحكومة اللبنانية وتقاتل كجماعة مسلحة، وكذلك إلى حماس التي تدير قطاع غزة. وقالت وزارة الخزانة إن سفنا تحمل النفط الإيراني أغلقت منذ عام 2014 أجهزة الإرسال والاستقبال فيها لإخفاء الشحنات المتجهة إلى سوريا، مضيفة أن وزارة الخارجية الأميركية وخفر السواحل الأميركي أصدرا ملحوظة إلى الأوساط الملاحية بخصوص خطر التعرض لعقوبات في حال نقل شحنات نفط إلى الحكومة السورية. وذكرت الوزارة في بيان أن من بين المستهدفين المواطن السوري محمد عامر الشويكي وشركته غلوبال فيجن غروب ومقرها روسيا، مؤكدة أنهما لعبا دورا محوريا في نقل شحنات النفط الإيراني إلى سوريا وتحويل الأموال إلى “وكلاء” لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وأضافت أن من بين المستهدفين أيضا المواطن السوري حاج عبدالناصر والمواطن اللبناني محمد قاسم البزال والمواطن الروسي أندريه دوجاييف إضافة إلى إيرانيين هما رسول سجاد وحسين يعقوبي مياب، مشيرة أن سجاد ويعقوبي، وهما مسؤولان في البنك المركزي الإيراني، كانا يسهلان التحويلات التي يجريها الشويكي. ستيفن منوتشين: أجهضنا مخططا إيرانيا لتوفير الأموال لنشاطها الخبيث في المنطقةستيفن منوتشين: أجهضنا مخططا إيرانيا لتوفير الأموال لنشاطها الخبيث في المنطقة وشملت العقوبات شركة (بروم سيريو إمبورت)، وهي شركة تابعة لوزارة الطاقة الروسية قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها سهّلت شحنات النفط الإيراني إلى سوريا، وكذلك مصرف (مير بيزنس) وشركة (تدبير كيش) الطبية والدوائية ومقرها إيران. ويظهر هذا الترتيب كيف سعت روسيا إلى تقويض السياسة الأميركية إزاء سوريا، حيث تدعم واشنطن وموسكو أطرافا مختلفة في الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011، وكذلك إزاء إيران التي تسعى الولايات المتحدة إلى وقف برامجها النووية والصاروخية ودعمها لفصائل تحارب بالنيابة عنها في المنطقة كميليشيا الحوثي في اليمن. وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في بيان للإعلان عن فرض عقوبات على من تصفهم وزارته بأنهم مرتبطون بالشبكة “نتحرك اليوم ضد مخطط معقد تستخدمه إيران وروسيا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد ولتوفير الأموال للنشاط الإيراني الخبيث”. وأضاف منوتشين “مسؤولو البنك المركزي الإيراني مستمرون في استغلال النظام المالي العالمي”. وقال ريتشارد نيفيو، وهو خبير في مجال العقوبات بجامعة كولومبيا، “يفضح الترتيب جهود روسيا لدعم الأسد من أجل مصالحها مما يعمل على التصدي لرغبة الولايات المتحدة في عدم بقاء الأسد في السلطة”. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن أوليج موروزوف عضو مجلس الاتحاد الروسي قوله، إن روسيا ستواصل تزويد سوريا بالنفط التزاما باتفاقها مع دمشق رغم ضغوط الولايات المتحدة. وأضاف موروزوف “يبدو أن الهزيمة السياسية في سوريا تدفع الولايات المتحدة إلى العودة إلى فكرة تغيير النظام في دمشق، لذلك، يصبح الضغط الاقتصادي من خلال وقف إمدادات النفط أداة للحرب الاقتصادية الجديدة مع بشار الأسد وبشكل غير مباشر مع موسكو وإيران”. وتابع النائب الروسي “لدينا اتفاق مع سوريا وبالتالي فإن الأمر متروك لنا لنقرر ما الذي نورده ولمن. سيكون هذا هو جوابنا، (إنه) أكثر فاعلية من العقوبات المضادة”. ويؤدي إدراج وزارة الخزانة الأميركية الأفراد والكيانات على لائحة العقوبات إلى عزلهم فعليا عن النظام المالي العالمي بتجميد أي أصول لهم تحت الاختصاص القضائي الأميركي وتحذير المؤسسات غير الأميركية من التعامل معهم. والولايات المتحدة على خلاف مع حلفاء أوروبيين رئيسيين لها مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، فضلا عن روسيا والصين، بسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثامن من مايو الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 والذي جرى التفاوض حوله مع القوى العالمية الأخرى في عهد إدارة سلفه باراك أوباما. وكان الاتفاق رفع الكثير من العقوبات الأميركية وغيرها من العقوبات الاقتصادية على إيران في مقابل التزام طهران بكبح برنامجها النووي، لكن ترامب أعاد في الخامس من نوفمبر الجاري فرض العقوبات الأميركية، وهدد باتخاذ المزيد من الإجراءات لوقف سياسات إيران “غير القانونية”. ويرى مراقبون للشأن الإيراني أن ما اعتبره الرئيس الأميركي عقوبات لم يشهد التاريخ مثيلا لها من قبل، هو تماما ما تتخوف منه الأوساط الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك المناصرة لنظام الولي الفقيه أو تلك المنتفعة من امتيازات يوفرها لها. ولفت مراقبون إلى أن تصريحات رئيس إيران الأسبق محمد خاتمي حول التداعيات الموجعة للعقوبات، واعتراف وزير الخارجية محمد جواد ظريف بقسوة العقوبات، يعبرّان عن بداية تعامل الواجهات القديمة والحديثة للنظام الإيراني مع الاستحقاق الجديد، وبداية استعداد نظام طهران لاتخاذ قرارات مفصلية باتجاه إيجاد المخارج بما في ذلك العودة إلى طاولة التفاوض على النحو الذي يطالب به دونالد ترامب. ويُتوقع أن يكون تأثير الحزمة الثانية من العقوبات وتستهدف قطاع النفط الذي يعدّ حيويا بالنسبة إلى إيران، الأشد وطأة حتى لو رفض أبرز مستوردي الخام الإيراني تقليص مشترياتهم إلى حد كبير.
مشاركة :