ألقت حوادث تسمم تعرض لها مئات الجنود الأتراك الضوء على تداعيات الخطوات الدرامية التي قام بها الرئيس التركي رجب أردوغان؛ للخلاص من الكفاءات داخل المؤسسة العسكرية التركية في كل القطاعات، بحجة ضلوعهم في الانقلاب الفاشل الذي تعرض له قبل عامين. وفيما أصيب 21 جنديًا في صفوف القوات الخاصة الأسبوع الماضي، بالتسمم الغذائي في إقليم مانيسا غربي البلاد؛ فقد انضم هذا العدد لنحو ألف جندي آخرين تعرضوا للتسمم في مرافق التدريب في هذه المنطقة في شهري مايو ويونيو، بينما توفي أحدهم. وتراجع مستوى الخدمات الطبية داخل المؤسسة العسكرية التركية بعد نقل مرافق الجيش الصحية إلى القطاع المدني، يأتي هذا فيما وقعت حالات مماثلة من التسمم الغذائي الجماعي في الثكنات الأخرى في جميع أنحاء البلاد في نفس الوقت تقريبًا. وفقدت العديد من شركات التموين المشهود لها بالكفاءة عقودها مع الجيش، فيما قرر وزير الدفاع، نور الدين كانيكلي، مراجعة مناقصات الطعام وإجراءات المشتريات، بناء على أوامر أردوغان، الذي لا يزال يعاقب الرافضين لسياساته داخل المؤسسة العسكرية. ورفض حزب العدالة والتنمية الحاكم مقترحات من لجنة الدفاع الوطني بالبرلمان بإنشاء لجنة تحقيق خاصة، بدا أن إجراءات التطهير التي اتخذتها السلطات التركية ضد آلاف القادة والضباط والجنود، في أعقاب الانقلاب الفاشل، مما كان لها أثر مرافق الجيش بشكل عام. وأحدثت المراسيم الحكومية تحولًا جذريًّا في أنظمة التدريب الرعاية الصحية للعسكريين ومستويات القيادة منذ يوليو 2016، مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت إعادة الهيكلة قد أضعفت الجيش بدلًا من أن تقوِّيه. وعلى صعيد القطاع الصحي بالجيش، تسلمت وزارة الصحة أكثر من 33 مستشفى عسكريًّا كامل التجهيز، و8 مستوصفات عسكرية، والعديد من مراكز إعادة التأهيل والمستوصفات، وتم نقل 6 آلاف من الأطباء العسكريين والجراحين والأطباء النفسيين والممرضات وعمال المختبرات إلى مستشفيات الوزارة. وتزعم حكومة أردوغان أن 95 بالمئة من العاملين في المؤسسات الصحية العسكرية كانوا على صلة بمنظمة رجل الدين فتح الله جولن، قبل أن يؤكد رئيس الأركان السابق، أن إجراءات أردوغان ضد الجيش تهدد 200 سنة من التاريخ والتقاليد التي رسختها مدارس ومستشفيات الجيش، واتهم الحكومة بقطع شرايين الجيش التركي. وبعد حالات التسمم الغذائي، أصدرت الجمعية الطبية التركية بيانًا لفتت الانتباه فيه إلى الفراغ الناجم عن تسليم المؤسسات الطبية العسكرية إلى وزارة الصحة. ودعت الجمعية إلى إعادة هذه المؤسسات إلى القوات المسلحة، بينما قالت جمعية ضباط الصف المتقاعدين في بيان لها، إن الإجراءات الأخيرة جعلت من القوات المسلحة التركية الجيش الوحيد في العالم الذي يفتقر إلى مستشفيات وأطباء متخصصين. وتساءلت الرابطة بشكل استنكاري، بشأن ما إذا كانت الشركات الخاصة ستكون مسؤولة أيضًا عن تقديم الطعام إلى القوات التركية في زمن الحرب.
مشاركة :