بغداد - شرعت السلطات العراقية، الخميس، في رفع عدد من الجدران الإسمنتية المحيطة بالمنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة بغداد تنفيذا لمخطّط إعادة فتح جزئي للمنطقة التي تضم سفارات ومباني رسمية ومساكن كبار المسؤولين، وذلك بدفع كبير من رئيس الوزراء الجديد عادل عبدالمهدي المصرّ على تجاوز المحاذير الأمنية التي يمكن أن تنجم عن العملية، والرفض الصادر عن جهات داخلية وخارجية من بينها الولايات المتحدة الأميركية التي تضمّ المنطقة الخضراء المقرّ الضخم لسفارتها في العراق. وتقول جهات سياسية وإعلامية عراقية إنّ مأتى إصرار رئيس الحكومة الجديدة على إعادة فتح أجزاء من المنطقة الخضراء، هو رغبته في تحقيق إنجاز رمزي في مستهل عهده الذي بدأ متعسّرا حتى أنّه لا يزال عاجزا عن استكمال تشكيل حكومته بفعل صراع الكتل السياسية الشديد على حقائبها الثماني المتبقية، ومن بينها حقيبتا الدفاع والداخلية. ورغم ذلك لن تخلو الخطوة من متنفّس لسكان العاصمة العراقية الذين يعانون اختناقات مرورية يومية بسبب ظاهرة إقفال الطرق وكثرة الحواجز الأمنية في المدينة ومنعهم من دخول أجزاء منها، فضلا عن التشوّهات الكبيرة التي لحقت بالمنظر العام لبغداد. وقطع تسييج المنطقة الخضراء التواصل بين ضفتي بغداد الكرخ والرصافة، وعسّر عملية التنقّل بعد إقفال الجسر المعلق في وسط المنطقة الخضراء الذي يربط الكرادة في الرصافة مع حي التشريع في الكرخ، فيما ضاقت الطرقات المؤدية إلى جسر الجمهورية الذي يتوسط بغداد كونه ينتهي في بوابة المنطقة الخضراء من جهة الكرخ. وقال مصدر حكومي لوكالة فرانس برس إنّ “العمل جار على رفع الكتل الإسمنتية وسيتم فتح شارع رئيسي بشكل تجريبي السبت، ثم فتحه رسميا الأحد”. لن تخلو خطوة فتح المنطقة الخضراء من متنفس لسكان العاصمة العراقية الذين يعانون اختناقات مرورية يومية ولاحظ شهود عيان أنه تم رفع عدد من الجدران التي أحاطت بالمنطقة الخضراء وعزلتها وحولتها إلى جيب من الإسمنت المسلح والأسلاك الشائكة على ضفتي نهر دجلة، مع نقاط تفتيش لا يجتازها معظم العراقيين. وبُعيد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في العام 2003 بسبب الغزو الأميركي للبلاد، أصبحت هذه البقعة المترامية على مساحة عشرة كيلومترات مربعة مقرا للمباني الحكومية والسفارات الأجنبية، أبرزها سفارتا الولايات المتحدة وبريطانيا. وكان رئيس الوزراء العراقي الجديد عادل عبدالمهدي دعا أمام البرلمان خلال منح الثقة لحكومته الشهر الماضي، إلى فتح المنطقة أمام المواطنين لكسر الحواجز بينهم وبين المسؤولين. وأوضح المصدر الحكومي أنّ “إعادة فتح الطريق الذي يمر وسط المنطقة الخضراء جاءت بناء على توجيهات عبدالمهدي” الذي قرر مؤخرا أيضا نقل مقر الحكومة إلى خارجها. وبحسب المصدر نفسه، ستفتح ثلاثة مداخل حيوية للمنطقة لتخفيف الازدحام في وسط العاصمة. وكان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي قد أمر خلال فترة ولايته بإعادة فتح المنطقة الخضراء، لكن الأمر لم يدم أياما قليلة قبل إعادة إغلاقها أمام المارة. وأشيع في تلك الفترة أن سبب إعادة إغلاقها هو اعتراض السفارة الأميركية التي تتخذ إجراءات أمنية مشددة لحماية موظفيها حتى داخل المنطقة الخضراء. وتعيش العاصمة بغداد فترة هدوء أمني نسبي منذ إعلان السلطات العراقية النصر في الحرب العسكرية ضدّ تنظيم داعش في ديسمبر 2017. لكن غالبية خبراء الشؤون الأمنية يحذّرون من أنّ خطر التنظيم لا يزال قائما إلى حدّ بعيد، متوقّعين أنّه بصدد التحوّل من حرب الجبهات إلى حرب العصابات والهجمات الخاطفة والتفجيرات.
مشاركة :