جولة ولي عهد السعودية الخارجية..محاولة لكسر الحصار؟

  • 11/23/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بدأ ولي العهد السعودي زيارة لعدد من الدول العربية تعقبها مشاركته في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين. فما مغزي توقيت هذه الزيارات؟ وما الذي يطمح إليه الأمير بن سلمان من خلالها ؟ يجري  ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جولة خارجية من المقرر أن تشمل عدداً من الدول العربية، هي الأولى من نوعها بعد تقجر قضية مقتل جمال خاشقجي، فيما بدا أنها محاولة لكسر "حصار دولي" غير معلن على الأمير الطامح لكرسي عرش المملكة بعد تأثر صورته بشدة. وأدى مقتل خاشقجي، إلى توتر علاقات السعودية مع الغرب وأساء لصورة الأمير في الخارج وجلب ضغوطا شديدة على المملكة، حتى وصل الأمر إلى تلويح  دول غربية بتوقيع عقوبات على السعودية، فيما أعلنت دول أخرى وقف توريد الأسلحة للدولة الخليجية، صاحبة ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم. مغزى التوقيت من المقرر أن تشمل جولة ولي العهد الإمارات العربية المتحدة وتونس وموريتانيا ودول أخرى لم يعلن عنها حتى الآن. وأغلب هذه الدول التي يعتزم ولي العهد زيارتها، تبدو مرتبطة سياسياً أو اقتصادياً على نحو ما بالمملكة.  فما نوع الدعم الذي يبحث عنه ولي العهد السعودي من هذه الزيارة وما مدى تأثير تلك الدول على تحسين صورة الأمير، علما أن البعض منها بدوره محاط بشائعات التورط في انتهاكات لحقوق الانسان؟ يرى الدكتور عادل جوتيار، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين، إن قضية خاشقجي أثرت على ما كان يصبو إليه الأمير الشاب من إعادة رسم صورة السعودية خارجياً، ما جعل هذه الصورة تتضرر كثيرا،ً  لذا تعتقد السعودية اليوم أن "الفرصة قد حانت لمحاولة تغيير تلك الآراء التي تشكلت بعد مقتل خاشقجي، خاصة وأن المملكة ساهمت بشدة في خفض سعر برميل النفط عالمياً بحوالي 7 بالمائة ما جعل ترامب يبدي سعادته بذلك ويوجه الشكر للسعودية" كما أصدر البيت الأبيض  بيانا أبدى فيه دعماً كبيراً للقيادة السياسية السعودية وولي العهد. ويشير جوتيار إلى أن قضية خاشقجي طال أمدها بشكل كبير ما جعل بريقها يخفت مع الوقت "وكلها أمور دفعته لعمل مثل هذه الجولة في هذا التوقيت". حشد عربي مطلوب ويرى أستاذ العلوم السياسية، العراقي الدكتور عادل جوتيار في مقابلة له مع DW عربية أن هناك عدة ملفات رئيسية في المنطقة أهمها الملف الإيراني وملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والحرب في اليمن، "ومن الواضح أن ولي العهد السعودي يهدف مرة أخرى إلى تحشيد عربي حول هذه الملفات ودعم سياسات السعودية حيالها، وبدون هذه الحاضنة العربية قد تتأثر السياسة الخارجية السعودية كثيراً أمام الضغوط الغربية." ويوضح جوتيار: "حشد الدول العربية يهدف إلى تقديم رسالة إلى الغرب مفادها أن الرياض لازالت تقود الإقليم العربي فيما يتعلق بالمصالح المشتركة مع الغرب على الرغم من قضية مقتل خاشقجي وتبعات حرب اليمن الهائلة وانتهاكات حقوق الانسان والتأكيد على أن الغرب بحاجة ماسة إلى دور السعودية كدولة ذات نظام سياسي مستقر في المنطقة لتحجيم النفوذ الإيراني". تركيا ..رسائل متضاربة على الرغم من الهجوم التركي الضاري إعلامياً وسياسيا على الأمير محمد بن سلمان بشأن قضية خاشقجي، إلا أنه بعد إعلان السعودية عن مشاركة ولي العهد في قمة مجموعة العشرين المزمع عقدها في الأرجنتين، بدأت تركيا في إرسال عدة رسائل ذات طابع إيجابي. من هذه الرسائل تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو من أنه "لا يوجد عائق لعقد لقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان"، وأنه في حال ورود طلب من الأخير فمن الممكن عقد الاجتماع "ولكن الأمر متروك للرئيس أردوغان". في هذا الصدد يرى الدكتور عادل جوتيار أنه "إلى الآن لم يصدر أي تصريح مباشر من قبل الرئيس التركي في اتهام شخص ولي العهد السعودي بالضلوع في قضية خاشقجي"، مشيرا إلى صدور تصريحين متناقضين من تركيا خلال 24 ساعة الماضية، الأول من قبل متحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية بأن اردوغان قد يلتقي بولي العهد السعودي خلال قمة العشرين في الأرجنتين، في حين نشرت صحيفة تركية نقلا عن اردوغان بأنه لن يلتقي بابن سلمان. ويرى المحلل السياسي العراقي أن "تركيا لها مصالح تتعدى ملف حقوق الإنسان في السعودية أو قضية خاشقجي والتي ترى ضرورة الحفاظ على المصالح مع السعودية خاصة بعد العقوبات التي فرضت على إيران ما جعل تركيا تتضرر اقتصادياً بشدة". ويضيف "تركيا تعتقد أن السعودية سوف تبقى اللاعب الرئيسي في المنطقة سواء اقتصادياً أو سياسياً وإذا كان هناك بعض التلكؤ من قبل تركيا حيال إعادة النظر في العلاقات الثنائية بعد مقتل خاشقجي لكن العلاقات ستعود إلى طبيعتها لاحقاً" قمة 20.. البراجماتية تحكم العالم بعد الصورة التي ظهر بها ولي العهد السعودي أمام المجتمع الدولي عقب قضية خاشقجي، وصورته كحاكم فعلي لدولة ذات تأثير اقتصادي وسياسي كبيرين في الساحة العالمية، أصبحت الطريقة التي يمكن ان يستقبل بها في المحافل الدولية موضع الكثير من التساؤلات. في هذا السياق يرى الدكتور عادل جوتيار أن هناك إشكالية حقيقية وهي ليست بجديدة تتعلق بالبعد الأخلاقي لسياسة الدول الغربية بشأن الدول الخليجية المصدرة للنفط والتي كثيراً ما تتهم بانتهاكات لحقوق الانسان وغياب الديمقراطية وسوء معاملة المرأة والتقليل من شأنها. وهذا البعد عاد ليطفو على السطح بعد قضية مقتل خاشقجي. ويوضح المحلل العراقي "أتصور أن هذا البعد لا يزال موجوداً وسيبقى مؤثراً على العلاقات بين الدول الغربية والسعودية، لكن علينا ألا ننسى في الوقت نفسه أن البراجماتية هي البعد الآخر للسياسة الدولية والتي تحكم تصرفات هذه الدول". ويتوقع جوتيار أن لقاءات القادة الغربيين مع ولي العهد السعودي خلال قمة مجموعة العشرين في بوينس آيريس بالأرجنتين إن حدثت  فستكون منفردة أو بعيدة عن الأنظار ولن تحفها الاستقبالات الحارة، كما كان يحدث من قبل، حتى لا يؤثر الأمر على قادة الدول الغربية في بلادهم بلقائهم مع شخص تحوم حوله الشبهات بالضلوع في جريمة قتل. ويختتم  المحلل السياسي العراقي حديثه بالقول، إن قضية خاشقجي سيتم حلها باستبعاد تورط العائلة المالكة من الضلوع فيها وإلقاء اللوم على جهات تصرفت خارج إطار توجيهات القيادة السياسية السعودية وإن كانوا مقربين من ولي العهد.  "ومع الوقت ستنتصر البراجماتية  وستعود العلاقات السعودية-الغربية كما كانت في السابق، لكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت." عماد حسن

مشاركة :