سفير أميركا بالسعودية في مهمة صعبة لكن ليست مستحيلة

  • 11/26/2018
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

الرياض- تم مؤخرا تعيين الجنرال المتقاعد جون أبي زيد، الذي كان أحد أهم القادة العسكريين خلال حرب العراق، سفيراً للولايات المتّحدة في السعودية، بعد فترة طويلة من اعتماد الولايات المتحدة على كريستوفر هينزيل للقيام بأعمال السفير الأميركي في المملكة، وهو المنصب الذي ظل شاغراً منذ أن غادره جوزيف ويستفال في يناير عام 2017. ويعتبر تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأبي زيد اختيارا للرجل المناسب في المكان المناسب، فهو يتمتع بخبرة عسكرية كبيرة، فقد كان الرجل الثاني في القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط أثناء غزو العراق عام 2003، كما أنه حاصل على ماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفارد، وذكرت تقارير أنه أعد خلال دراسته في جامعة هارفارد أطروحة عن سياسات السعودية الدفاعية. مصالح استراتيجية والجنرال أبي زيد المتحدّر من أصول لبنانية يتكلّم العربية بطلاقة. ويقول الباحث الأميركي انتونى كوردسمان، استاذ كرسى ألريه بورك في الشؤون الاستراتيجية بمركز الدراسات الاسترتيجية والدولية في واشنطن إنه من الممكن أن تكون خلفية أبي زيد العسكرية رصيدا أساسيا لتعزيز مصداقيته في التعامل مع القضايا المهمة للغاية التي يتعين على الولايات المتحدة التعامل معها في الوقت الراهن. وعلى أي حال فإن مهمته صعبة ولكن يمكن أن لا تكون مستحيلة. وذكر كوردسمان في تقرير نشره مؤخرا مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية على موقعه الإليكتروني أن أبي زيد في حاجة لمنحه الأولويات المناسبة والمهام الملائمة لكي يقوم بدوره بشكل فعال، وأن هذا الأمر يتطلب تغييرات مهمة في تصرفات كل من شركاء أميركا العرب الاستراتيجيين والولايات المتحدة نفسها. وأكد على أن التغيرات في العلاقات الأميركية السعودية سوف تكون دائما هي أساس النجاح. ويرى كوردسمان أن هناك حاجة لأن يدعم ترامب ووزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان السفير أبي زيد في وضع نهاية لمقاطعة السعودية والامارات العربية والبحرين لقطر وهي خطوة من شأنها أن تخدم الحاجة الأوسع نطاقا لتحقيق الإصلاح في المنطقة، وكذلك المصالح الاستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وكل الدول الخليجية العربية. ويؤكد كوردسمان على أن أبي زيد سوف يحتاج إلى دعم في صورة ضغط أميركي قوي على كل الدول المعنية لإنهاء المقاطعة، وإيجاد شكل ما للوحدة الحقيقية بين الدول الخليجية العربية، وهي خطوة مهمة إذا أراد أبي زيد القيام بمهمته الأمنية الأكثر أهمية. فالولايات المتحدة تحتاج لشركاء أمنيين فعالين في التعامل مع كل من إيران والتطرف العنيف، ويتطلب هذا قيادة سعودية فعالة تحقق الوحدة وتحترم احتياجات الدول الأخرى. وفيما يتعلق بمجلس التعاون الخليجي قال كوردسمان إن المجلس يواجه الآن تحديات جديدة مهمة وفي حاجة لامتلاك دفاع ودعم صاروخي فعال ومتكامل، ومواجهة تهديدات إيران للملاحة في الخليج وبالقرب منه، وكذلك تطوير أساليب أكثر تكاملا لمحاربة الإرهاب. تحديات ويقول كوردسمان أن أبي زيد سوف يواجه تحديا مهما وهو إيجاد سبل للتعاون مع القيادة السعودية لتوحيد صفوف الدول الخليجية العربية في التعامل مع إيران، والتوقف عن توفير الفرص لإيران لتوسيع نطاق دورها ومصالحها في المنطقة، حيث أن إيران تستغل التصرفات العربية التي تفتقر للوحدة ومن أمثلة ذلك، ما يحدث في لبنان وسوريا، والعراق. ويرى كوردسمان انه ليست هناك في الوقت الحالي أي وسائل سهلة لكبح النفوذ الإيراني في لبنان، وسوريا، والعراق، ولكن من الممكن للعمل الأميركي والخليجي العربي الموحد، الذي تقوم فيه السعودية بدور قيادي، أن يتمثل في خطط مساعدات مشروطة لسوريا واليمن، وفي تواصل قوي بقيادة السعودية مع العراق، وتعاون خليجي عربي مع مصر والأردن، وضغط موحد للحد من النفوذ الروسي، ومحاولة فعالة على نطاق مجلس التعاون الخليجي لردع واحتواء إيران. وأكد الباحث الأميركي على ضرورة استغلال الوحدة الخليجية العربية، والمساعدات المدنية المشروطة المرتبطة بجهود من جانب الولايات المتحدة والبنك الدولي، وعدم الاعتماد على تقديم الأسلحة فقط في التعامل مع المصاعب التي تعانيها دول عربية مثل العراق، وسوريا، واليمن، حيث أوضحت المؤسسة العسكرية الأميركية في حالة بعد أخرى أنه ليس هناك حل عسكري محض للتعامل مع خطر التطرف والتوترات المدنية والصراعات داخل دول المنطقة. من ناحية أخرى ذكر كوردسمان أن هناك أخطاء ترتكبها الولايات المتحدة في التعامل مع السعودية والمنطقة تحتاج قيام السفير أبي زيد بدور مهم لتصحيحها، ومن أهمها فشلها في إظهار التزامها المستمر تجاه دول الخليج العربية وغيرها من الشركاء الاستراتيجيين. ومن ناحية أخرى، فإن تهديد ترامب بسحب القوات الأميركية من المنطقة يضاعف من شكوك دولها تجاه الالتزام الأميركي. خطة الإصلاح ويرى كوردسمان أن هناك خطأ رئيسيا آخر وهو عدم اهتمام الولايات المتحدة بحقيقة أن التقدم في الجانب المدني من عمليات الإصلاح والاستقرار في الدول الخليجية العربية هو على الأقل مهم تماما مثل التقدم في الجانب الأمني والعسكري. وتعتبر خطة الاصلاح الاقتصادي السعودية " 2030" مثالا مهما، إذ يعتبر النجاح في خلق فرص العمل، وتحديث وتنويع الاقتصاد، وتحقيق إصلاحات اجتماعية أساسية أمر مهم للاستقرار السعودي طويل الأمد. وتحتاج الولايات المتحدة إلى النظر إلى أبعد من تأكيدها الحالي على القوات العسكرية وقوات محاربة الإرهاب، وأن تفعل كل ما هو ممكن لمساعدة السعودية على إنجاح خطتها الإصلاحية. ويشمل هذا الدعوة إلى إصلاح اجتماعي حقيقي، حيث سوف يكون الإصلاح المدني السلاح الرئيسي ضد الإرهاب والتطرف في انحاء المنطقة. وذكر كوردسمان في تقريره أن هناك أمرا يتعين على السفير أبي زيد التعامل معه وهو التأكيد في الآونة الأخيرة على الحجم الهائل لمبيعات الأسلحة الأميركية لدول الخليج، وباعتباره سفيرا قويا لدى السعودية يمكنه إقناع ترامب بأن التركيز على المستويات المرتفعة لمبيعات الأسلحة لا يفيد المصالح الاستراتيجية الأميركية في حقيقة الأمر.

مشاركة :