ينظر مدافع تشيلسي، الذي يشارك في صفوف فيتيس آرنهيم الهولندي على سبيل الإعارة، إلى الإسباني سيرغيو راموس كمصدر إلهام للشعور بالراحة بعد أن تلقى ثلاث بطاقات حمراء خلال مسيرته المهنية الناشئة، في الوقت الذي مد الحكم يده نحو الجيب الخلفي في سرواله في غضون أقل من نصف ساعة من إحراز نادي فيتيس آرنهيم الهولندي هدف التعادل في مرمى فريق بازل السويسري في إطار بطولة الدوري الأوروبي في أغسطس (آب)، كان من السهل تخيل ما كان يدور في تلك اللحظة في ذهن جيك كلارك سالتر. كانت فترة الإعارة السابقة التي خاضها مدافع تشيلسي، في صفوف سندرلاند الموسم الماضي، قد خيمت عليها ظلال بطاقات حمراء تعرض لها اللاعب، والآن يقف اللاعب على وشك الحصول على بطاقة حمراء جديدة - وقاسية للغاية. وأمسك اللاعب برأسه بين راحتيه، وبالتأكيد لم يكن في ذهنه حينها سوى عبارة ليس مجدداً! أثناء جلوسه داخل استاد سانت جورجيس بارك قبل انطلاق مباراة المنتخب الإنجليزي أقل من 21 عاماً أمام نظيره الاسكوتلندي، تحدث كلارك سالتر عن منحى تعلم هائل في خضم حديثه عن تلك البطاقات الحمراء وتجاربه في الإعارة، والتي بدأت منذ عامين في بريستول روفرز، حيث انتهى به الحال بتركيب شريحة معدنية في إحدى ذراعيه بعدما تعرض لإصابة مؤلمة عبارة عن خلع كسري في المرفق. في بعض الأحيان، جاءت مثل هذه المواقف بمثابة اختبار لشخصيته، خاصة أثناء مشاركته في صفوف سندرلاند، حيث بدا كلارك سالتر شديد الحرص على ترك بصمة إيجابية على الفريق. وفي هذا الشأن، قال: أول طرد تعرضت له كان أثناء مباراة ديربي، وراوغت لاعباً على الكرة في توقيت سيء. أما الطرد الثاني فتلقيته بسبب افتقاري إلى الخبرة بعض الشيء. وكنت قد انضممت لتوي لصفوف الفريق، ولذلك تعرضت للإحباط. إلا أنني تعلمت من هذين الموقفين. أما قرار الطرد الذي تعرض له أمام بازل فكان مثيراً للجدل ومن الصعب تقبله - من الواضح أن كلارك سالتر لمس الكرة أولاً، ويمكن تفهم شعور اللاعب بالقلق حيال اكتسابه سمعة التعرض للطرد بمعدل كبير. وعن ذلك، قال: «ومع ذلك، تجد أن لاعباً مثل الإسباني سيرغيو راموس نجم ريال مدريد تعرض لنحو 20 بطاقة حمراء خلال مسيرته الكروية رغم كونه واحداً من أعظم لاعبي قلب الدفاع على الإطلاق، ما يعني أن هذا أمر وارد الحدوث. ومن يدري، قد تكون تلك البطاقة الحمراء الأخيرة لي في مسيرتي الكروية، وربما لا تكون كذلك، لكن تظل الحقيقة أن المرء يعيش ويتعلم يوماً بعد آخر». من السهل إغفال القفزة من الأكاديمية إلى كرة القدم للمحترفين، حتى بالنسبة لأولئك الذين حظوا بنجاح لافت على مستوى الناشئين - وينتمي كلارك سالتر إلى هذه الفئة. جدير بالذكر أنه كان عضواً في المنتخب الإنجليزي الذي فاز ببطولة كأس العالم لأقل من 20 عاماً العام الماضي، وكذلك في صفوف فريق تشيلسي الذي فاز ببطولتي دوري اليويفا للناشئين، وكذلك من أفراد مجموعة منتقاة من المراهقين فازت بثلاث بطولات لكأس الاتحاد الإنجليزي للناشئين. ومع ذلك، ينطوي اللعب على مستوى الفريق الأول على مجموعة جديدة تماماً من التحديات. وعلق كلارك سالتر على الأمر بقوله: «يبدو الحال مختلفاً تماماً عن مسابقات الناشئين، فكل نقطة لها أهميتها. أما الصراع على هذه النقاط أمام الجماهير فيمنح المرء أفضل شعور على الإطلاق». ورغم أن العلاقات الوثيقة التي تربط تشيلسي وآرنهيم ستدفع البعض بطبيعة الحال إلى افتراض أن كلارك سالتر لم يكن لديه رأي في الانتقال إلى النادي الهولندي خلال فترة الصيف، إلا أن اللاعب البالغ 21 عاماً يصر على أنه كان اختياره بالكامل. كان كلارك سالتر قد التقى ستيفين غيرارد، مدرب رينجرز الاسكوتلندي، أثناء بطولة طولون الودية في الصيف كما أبدت الكثير من الأندية المشاركة في دوري الدرجة الثانية رغبتها في ضمه أيضاً. إلا أن كلارك سالتر راقت له فكرة اللعب في الدوري الهولندي أكثر، حيث سبق وأن تألق ماسون ماونت خلال فترة إعارة من تشيلسي، الموسم الماضي. وقال سالتر، الذي شارك في التشكيل الأساسي لآرنهيم في جميع مباريات الدوري واكتسب ثقة متزايدة يوماً بعد آخر: «اتجه الكثير من اللاعبين الإنجليز في الوقت الحالي إلى الخارج. وأعتقد أن المهم بالنسبة لنا وقت المشاركة في المباريات بانتظام - هذا هو الأساس، لأن باستطاعته فتح الكثير من الفرص أمامنا. ويعتبر ماسون مثالاً على ذلك، فهو لم يشارك كثيراً خلال أول شهرين له في صفوف آرنهيم، لكنه فجأة انطلق عبر مباريات الدوري وقدم أداء متألقاً». ولدى الإنصات إلى كلارك سالتر يبدو واضحاً أنه نضج سريعاً داخل وخارج الملعب. داخل أسرته، هو واحد من ستة أطفال - أصغرهم في العاشرة - ويمتد نطاق مسؤولياته إلى ما هو أبعد عن كونه الشقيق الأكبر. وعن هذا، قال: «انفصل والداي عندما كنت في الـ11 تقريباً. ولذلك، كنت بمثابة الأب لأشقائي وشقيقاتي الأصغر، وحاولت أن أكون قدوة لهم وحرصت على دعمهم وأملت في أن أوفر لهم طفولة أكثر سعادة. وأحاول أن أترك تأثيراً إيجابياً عليهم. في الواقع، هذا أحد أكبر أهدافي، أن أكون إلى جوارهم طول الوقت». وأضاف: «أشعر أنني تعلمت كيف أصبح رجلاً، وأعتقد أن هذا يساعدني الآن، لأنني واثق من نفسي وألعب بشكل جيد». اليوم، يتركز اهتمام كلارك سالتر على النجاح داخل تشيلسي. فقد انضم إلى تشيلسي الذي يشجعه منذ نعومة أظافره وهو في عمر التاسعة وأبدى حرصه على التألق في صفوفه حتى يومنا هذا، ولا يزال العاملون في أكاديمية النادي يبتسمون بسبب الطريقة التي يطرق بها كلارك سالتر بابهم مرة بعد أخرى. وقال اللاعب: «لقد رغبت في خوض تجارب جديدة وتحسين أدائي فحسب. لذا، حرصت على طرح أسئلة من عينة: كيف يمكنني تحسين مستواي؟ ولم أرغب قط في إهدار جلسة تدريب، وإنما رغبت دوماً في أن أكون بالقمة وأن أتقدم نحو صفوف المجموعات الأكبر سناً، مثلما كان الحال بعض اللاعبين الآخرين». رغم تسبب إصابة في الرباط الصليبي في تعطيل مسيرة كلارك سالتر، فإنه نجح في النهاية في المشاركة في أول مباراة له في صفوف تشيلسي بالدوري الممتاز عندما كان في الـ18 وانتهت المباراة بالفوز على آستون فيلا بأربعة أهداف دون مقابل وذلك عام 2016. وقال: «لعبت بجوار بيدرو، الحائز على بطولة كأس العالم مع إسبانيا، الأمر الذي بدا سريالياً بعض الشيء. وأتذكر أنني كنت أنظر من حولي لأجد لاعبين مثل سيسك فابريغاس وألكسندر باتو وغيرهما، وهم لاعبون اعتدت اللعب معهم عبر (بلاي ستيشن) عندما كنت صغيراً. لقد كان شعوراً أقرب إلى الجنون، وكأنني في حلم». اليوم، يرى كلارك سالتر أن فكرة معاودة اللعب مع تشيلسي يمكنها الانتظار بعض الشيء. في الوقت الراهن، يركز جل تركيزه على تجاوز الموسم الكامل الذي قضاه في فيتيس آرنهيم الذي يحتل المركز الخامس في الدوري الهولندي، والحفاظ على مكانه داخل صفوف المنتخب الإنجليزي أقل من 21 عاماً تحت قيادة المدرب أيدي بوثرويد، الأمر الذي يحمل قيمة كبرى بالنسبة له. وعن ذلك، قال: «شعرت أنني أصبحت رجلاً، وأعتقد أن هذا الأمر ساعدني الآن لأنني أصبحت واثقاً من نفسي وأقدم أداء جيداً».
مشاركة :