قالت وكالة «بلومبيرج» الأميركية، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بات يظهر كثيراً مع والده على الملأ، منذ الإدانة الدولية لمقتل الصحافي جمال خاشقجي الشهر الماضي، بينما قام الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحمايته وتجنب تحميله مسؤولية القتل، مضيفة أن وجود هؤلاء الأشخاص الأقوياء إلى جانب ولي العهد، قد يشير إلى أنه سينجو من التداعيات الناجمة عن القتل الوحشي لخاشقجي، لكن مع ذلك لا يزال هناك كثير من الأمور المجهولة، خاصة أن مصير الأمير الشاب أصبح الآن حديث الشارع في الرياض. أضافت الوكالة في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، إن هناك سؤالين يُطرحان كثيراً في حوارات تجري بين الدبلوماسيين السعوديين والأجانب العاملين في المملكة: هل يمكن أن يبقى الأمير هو الخليفة المختار للملك سلمان؟ إن لم يكن كذلك، ما الذي سيحدث للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يقودها؟ وأوضح الموقع، أنه من الصعب تحديد كيف ينظر كبار أفراد العائلة المالكة وزعماء القبائل والأجهزة الأمنية إلى ابن سلمان، بعد سلسلة الأخطاء والأفعال الخبيثة التي نفّذها في الخارج، وقمعه للمعارضين في الداخل، إذ يمكن أن تكون هناك تداعيات لقيامه بتهميش الأمراء المنافسين، وتعزيز قبضته على السلطة، كما أن الحكم بإعدام خمسة من بين 11 شخصاً متهمين بقتل خاشقجي، قد يقوّض الثقة بين الأمير وأجهزة الأمن السعودية، التي هي حصن رئيسي ضد المعارضة. أيضاً، قد يكون لدى تركيا أدلة على تورط الأمير بشكل مباشر في مقتل خاشقجي، وهو أمر من شأنه أن يؤجّج غضب خصومه في الولايات المتحدة وأوروبا. ونقلت «بلومبيرج» عن كامران بخاري المتخصص في الأمن القومي والسياسة الخارجية بمعهد التنمية المهنية التابع لجامعة أوتاوا، قوله: «بصرف النظر عما إذا كان ابن سلمان قد أمر بقتل خاشقجي أم لا، فإن هذه الجريمة قد أدت إلى تغيير قواعد اللعبة وقلبت حياة الأمير رأساً على عقب، وأثارت الشكوك حول مستقبله في الحكم، إنها وصمة عار ستظل تلاحقه وتمنعه من فعل كثير من الأمور». ولفت الموقع إلى أن ولي العهد قام بتسويق نفسه في الغرب بصفته شاباً طموحاً يسعى إلى تحديث المملكة ومواجهة التطرف، وبأنه الرجل المعروف باسم «MBS مبس» الذي يجسّد المملكة العربية السعودية الجديدة، وقد جعلته خطة بيع حصة في شركة النفط العربية السعودية محبوباً من المصرفيين الدوليين، ومن بين مجموعة من كبار رجال العائلة المالكة، كان من المتوقع أن يقود ولي العهد أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، لكن الآن، أصبح مستقبله أقل أماناً بكثير. وأضاف الموقع، أن هناك مؤشرات تدل على مدى ضيق المساحة المتاحة له للمناورة، فبعد أن أعلن ترمب أن الولايات المتحدة لن تسمح لقتل خاشقجي بأن يعرّض العلاقات مع المملكة للخطر، سرعان ما توجهت أسعار النفط نحو 50 دولاراً للبرميل، وهذا التراجع ربما يكون مفيداً لإعادة تأهيل الأمير، لكنه سيزيد من الضغوط على الاقتصاد السعودي الذي ينمو ببطء. ولفت الموقع إلى أن الملوك السعوديين لطالما استخدموا المال للحصول على الدعم في جميع أنحاء البلاد في أوقات عدم اليقين، وقد يراهن الملك سلمان على أن تعهد كبار السعوديين له بالولاء ربما يحمي الأمير محمد لفترة كافية، فخلال خطابه السنوي في مجلس الشورى، لم يذكر الملك مقتل خاشقجي، بينما كان ابنه جالساً إلى جانب مفتي المملكة العربية السعودية. ونقلت «بلومبيرج» عن أيهم كامل رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة يوراسيا، قوله: «إن الملك سلمان يعرف تماماً كيف يستميل الجبهة الداخلية لضمان ألا تنقلب على ابنه، إن الأموال والزيارات التي قام بها إلى مختلف المحافظات، هي جزء من محاولات لضمان حماية القيادة، إنهم يفعلون ذلك للدفاع عن الخط الحالي للخلافة». لكن الوكالة ترى أن ضمان الولاء قد لا يكون كافياً، فولي العهد البالغ من العمر 33 عاماً لديه بعض النقاد والخصوم الأقوياء في الولايات المتحدة بمن فيهم كبار المشرّعين، وفي أوروبا أيضاً، حيث يُنظر إليه بعداء متزايد بسبب حربه في اليمن، وسجله السيئ في مجال حقوق الإنسان، أما على الصعيد المحلي، فهناك أحاديث حول تذمر ملكي وتكهنات بأن شقيق الملك الأمير أحمد، الذي عاد من لندن قبل بضعة أسابيع، يمكن أن يحل محل ابن سلمان. وأضافت أن قيام ابن سلمان بتهميش كبار أفراد العائلة المالكة الآخرين، وسيطرته على الجيش وأمن الدولة، ومعظم المؤسسات الاقتصادية في البلاد، وقيامه بإلغاء نظام التوافق الذي كان قائماً منذ عقود، هي الخطوات التي من المحتمل أن تسبب استياء بين الأمراء الكبار. ونقلت الوكالة عن بخاري قوله: «لا بد أن ابن سلمان يشعر بقلق مستمر حيال مستقبله، لقد قام بسجن خصوم محتملين، ورشوة أشخاص آخرين، وأرغم أفراد الأسرة على تسويات بالإكراه، كيف إذاً سيكون واثقاً من أنه لا يوجد آخرون يتآمرون ضده خلف الكواليس؟».;
مشاركة :