قبل ثلاث سنوات تقريبًا، وتحديدًا مساء الثلاثاء 29 مارس 2011م كان لي شَـرَفُ الـتَّـقْـديم لمحاضرة تفضل بها (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز) في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عندما كان -حفظه الله- أميرًا لمنطقة الرياض، وكانت حول (الأسس التاريخية والفكرية للدولة السعودية). تلك المحاضرة وما صاحبها من مداخلات وردود أفعال، وما حظيت به من أصداء واسعة على الساحتين الفكرية والإعلامية، فيها تأكيد على جانب مهم من شخصية (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان)، وهي ثروته المعرفية الكبيرة، وقدرته على حفظ الأنساب والتاريخ، واستدعاء أحداثها، وكذا رصد المستجدات ومتابعتها، والتحليل الفكري العميق لها. وانطلاقًا من تلك المرجعية الفكرية الراسخة والغنية كان اهتمامه -رعاه الله- بالفكر والعلم والتاريخ عَمَلِيًّا وملموسًا يَشْهَدُ به الواقِع، ومِن صوره: دعمه ورئاسته لمجلس دارة الملك عبدالعزيز التي تمّ إنشاؤها عام 1972م، ذلك الصرح المعرفي العملاق الذي يحتضن تاريخ الجزيرة العربية عمومًا، والدولة السعودية بخاصة من خلال جَمْع المخطوطات والوثائق، وإصدار الكتب والمجلات، وتنظيم الندوات والمؤتمرات، وتنفيذ الدراسات والأبحاث في تلك المجلات. وفي هذا الميدان (أعني دعم الملك سلمان للدراسات التاريخية) تأتي جائزته لبحوث ودراسات الجزيرة العربية التي فيها تشجيع للمتخصصين على المزيد من البحث، أيضًا هناك رعايته لمجموعة من الكراسي والمراكز العلمية في عدد من الجامعات السعودية، تلك التي ترصد تفاصيل الموروث التاريخي لجزيرة العرب، بل للتاريخ الإسلامي كله، وتأخذ من تجاربه ما يُضيء الحاضر والمستقبل، وعَـزّز ذلك بجائزته -حفظه الله- لدراسات تاريخ الجزيرة العربية التي تُشجع المختصين على المزيد من البحث. ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان جهوده الثقافية والاجتماعية الدائمة والمباشرة في التأكيد على (الثوابت الدينية) التي قامت عليها هذه البلاد الطاهرة، يأتي ذلك من خلال محاضراته وخطاباته وحواراته ومتابعاته الإعلامية، ومقالاته الصحفية، وتعقيباته على المثقفين والكُتَّاب يَفْعَلُ ذلك ترسيخًا لتلك الأسس والقِيْم النبيلة، ولِتَكون تلك الثوابت راسخة وحاضرة في أذهان الأجيال الناشئة يحفظونها، ويستلهمون منها الدروس والعِبَر! المخزون الثقافي الضّخْم لـ(الملك سلمان) وسعة اطّلاعه ومتابعته، وخبرته بالأنساب جعلته قريبًا من المجتمع على اختلاف أطيافه ومناطقه. أخيرًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ساهم في بناء العديد من المكتبات العامة، ومنها مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، فيما تؤكد بعض المصادر بأنّ مكتبته الخاصة تضم أكثر من (20 ألف) عنوان في مختلف فنون المعرفة؛ فهنيئًا لوطننا بهذا القائد المحنّك، والمفكر والقارئ النَّهِم، الذي لم تشغله الأعباء السياسة والإدارية التي نجح فيها بامتياز عن عشق العلم والثقافة، ومحاولة حفظ الموروث الحضاري وعصرنتِه. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :