أول فرحتنا مات.. والد محمد ضحية مركب المنوفية يروي اللحظات الأخيرة في حياة ابنه

  • 11/27/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

مع دقات الساعة السادسة صباحا، دخل عم «سيد» غرفة ابنه، لإيقاظه من نومه، كي لا يتأخر على العمل، قائلا: «يلا يا صاحبي يا دوب تلحق تروح الشغل ومتتأخرش على زمايلك»، ليرد عليه ابنه «محمد» قائلا: «أحلى صباح في الدنيا صباحك يا حاج.. خلاص أنا صحيت».لم يكن «سيد محمد جمال» البالغ من العمر 45 عامًا، يتوقع أن تلك الكلمات، وهذا المشهد هو أخر ما يجمعه بابنه قبل أن يسمع خبر وفاته ضمن ضحايا المركب التى تعرضت للغرق في نهر النيل بين محافظتي البحيرة والمنوفية، ومعه 4 آخرين قبل أن ينقذ الصيادون 17 راكبا ممن كانوا برفقتهم، خلال ذهابهم للعمل ساعيًا على الرزق.«محمد السيد محمد»، أحد ضحايا المركب الغرقانة في نهر النيل، والبالغ من العمر 14 عامًا، ويدرس في الصف الثاني الإعدادي، والذي لم يتكل على والده في توفير مصروفاته، حتى أصر على العمل مع أصدقائه في جميع محصول الفراولة، لتوفير تلك المصروفات ومساعدة الأسرة، لم يكن يعلم أن نهايته ستكون داخل تلك المركب المتهالك الذي ينقله من قريته «بشتامى» بمحافظة المنوفية إلى البر الآخر مركز «كوم حمادة» بمحافظة البحيرة، لجني الفراولة.بدموع يصحبها الألم والندم جلس عم «سيد» والد «محمد»، داخل دار مناسبات القرية يتلقى عزاء نجله يندم على اللحظة التي وافق فيها على ذهاب طفله الصغير للعمل قائلا: «قالي هروح الشغل أساعد معاك يا حاج.. يا ريتني ما وافقت انك تروح تشتغل.. بس انا مرديتش أزعله وقولت خليه يروح مع صحابه».معاملة «محمد» مع والده وأسرته كانت مثالا لعلاقة الأصدقاء على حد وصف والده، قائلا: «محمد كان بيتعامل معايا كصاحب، وعمره ما اتعامل معايا غير كأني صاحبه يحكيلي على كل حاجة ويهزر معايا ويضحك معايا، ومفيش حد في البيت كان بيطلب منه حاجة غير ويقوله حاضر، وكنت كل ما أرجع من الشغل يأخدني بالحضن وأقوله عيب يا ابني انت كبرت، يقولي: لو كبرت على الدنيا كلها عمري ما أكون كبير عليك يا حاج».«أول فرحتنا مات.. ومش هلاقي حد في الدنيا يفرحني قده ولا حد يسمع كلامي زيه»، هكذا قال الحاج «محمد جمال» جد الطفل «محمد»، والبالغ من العمر 73 عاما، والذي لم تنقطع دموعه حزنا على فراقة حفيده، كلما تذكر موقفا معه قائلا: «كان كل ما يقابلني وانا مروح من الأرض يقولي سيب كل حاجة وانا هدخلها وروح صلي يا جدي.. وكنت لما بحتاج حاجة مكنتش بقول لحد غير ليه».جد «محمد»، لم يطلب أكثر من العدالة ومحاسبة المخطئ كل لا تتكرر الواقعة، أو تفقد القرية أحد أخر من أبنائها قائلا: «كل اللي عايزينه القصاص من صاحب المركب، علشان مفيش مركب في الدنيا بالحجم الصغيره ده تشيل 22 واحد، لكن صاحب المركب كل اللي هامه الفلوس وخلاص ومش فارق معاه الناس تغرق أو تموت أو تروح في داهية».

مشاركة :