طرابلس - استعاد مجلس النواب الليبي ثقة البعثة الأممية، التي كان رئيسها غسان سلامة قد وجه له انتقادات لاذعة واتهامات بالسعي لإطالة أمد الوضع الراهن. ورحبت بعثة الأمم المتحدة الثلاثاء بالتعديل الدستوري لتحصين قانون الاستفتاء على الدستور. وقالت البعثة على صفحتها بموقع تويتر “نرحب بسعي مجلس النواب، لإصدار التشريعات الضرورية للانتقال إلى مرحلة المؤسسات الثابتة، من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور، وإجراء انتخابات عامة”. وتمنت البعثة الأممية، لمجلس النواب، “النجاح في مسعاه”. وخلال جلسة الاثنين، أقرّ مجلس النواب تعديلا على الإعلان الدستوري يتضمن تحصين المادة السادسة من قانون الاستفتاء على الدستور الدائم، بحيث تقسم ليبيا إلى ثلاث دوائر انتخابية، بحسب ما أعلن عنه المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، خلال تصريح مصور، نشر على الموقع الرسمي للمجلس. وتنص المادة السادسة من قانون الاستفتاء على الدستور بحسب بليحق، “على ضرورة حصول مشروع الدستور على نسبة 50+1 في كل إقليم (شرق، غرب، جنوب) على حدة، بالإضافة إلى ضرورة موافقة ثلثي الشعب على مستوى البلاد لتمرير الدستور”. وفي 14 سبتمبر الماضي، أعلن مجلس النواب اعتماده مشروع قانون الاستفتاء على الدستور. لكن نوابا عن منطقة الشرق الليبي طعنوا، حينها، في شرعية ونصاب الجلسة وزعموا أن 30 نائبا عن إقليم طرابلس (غرب) هم من اجتمعوا وأقروا قانون الاستفتاء على الدستور الذي “يتضمن موادّ تخالف الإعلان الدستوري، ويستوجب إجراء تعديل دستوري أولا، وموافقة أغلبية ثلثي الأعضاء (من إجمالي 200 نائب)، وهو ما لم يتم”. وكان مجلس النواب قد أعلن في ذات الجلسة التي أقر فيها القانون، تأجيل إجراء تعديل دستوري، لتضمين المادة السادسة لجلسة مقبلة، كي تصبح مادة محصنة دستوريا من الطعن، وهو ما أتمّه المجلس خلال جلسة الاثنين. وتوترت العلاقة بين المبعوث الأممي ومجلس النواب خلال الفترة الماضية، بسبب تلكؤ في إصدار التشريعات الضرورية للانتخابات وهو ما دفع إلى تأجيلها حتى ربيع العام المقبل، بعدما كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل. وكان سلامة قد انتقد خلال إحاطته أمام مجلس الأمن مطلع سبتمبر المنقضي، مجلس النواب. وقال إن “الكثير من أعضاء مجلس النواب يخفقون في القيام بعملهم على النحو الواجب. ويسعون إلى تخريب العملية السياسية لتحقيق مآرب شخصية خلف ستار الإجراءات” مشددا على أنهم “ببساطة ليست لديهم النية في التخلي عن مناصبهم. ومن أجل طموحات شخصية، فقد دفع جميع مواطني ليبيا أثمانا باهظة”. وردا على سؤال حول ما إذا فوجئ بالصعوبات في ليبيا، قال المبعوث الأممي في مقابلة صحافية أجراها سابقا، “لا ربما تفاجأت بإبداع الليبيين في العثور على عراقيل. هم يجدون وسائل غير متوقعة لإدامة الأمر الواقع”. ولوح المبعوث الأممي عقب ذلك بإمكانية تجاهل مجلس النواب في خصوص إصدار التشريعات الضرورية، ما فتح باب التكهنات بشأن البديل. وفي المقابل لم تعلق البعثة الأممية بشأن تضمين التعديلات على الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات في الإعلان الدستوري، الذي جرى خلال نفس الجلسة التي تم خلالها تعديل الإعلان الدستوري ليتواءم مع قانون الاستفتاء. واعتمد مجلس النواب مجلسا رئاسيا من رئيس ونائبين ورئيس حكومة يكون منفصلا عن المجلس. وتوصل مجلسا الدولة والنواب الشهر الماضي إلى اتفاق مفاجئ بشأن اقتسام السلطة التنفيذية، لم يلق تجاوبا من قبل بعثة الأمم المتحدة ورئيسها. واعتبر مراقبون أن تجاهل البعثة لتعديل الاتفاق السياسي يعكس استمرار الدعم للمجلس الرئاسي الحالي بقيادة فايز السراج. وكان مصير المجلس الرئاسي الحالي محور النقاشات التي عقدت خلال مؤتمر باليرمو الإيطالية في 11 و12 نوفمبر الحالي. وسربت وسائل إعلام إيطالية تصريحات للقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر أثناء قمة أمنية عقدت على هامش المؤتمر، أكد خلالها قبوله ببقاء رئيس المجلس فايز السراج، مع تغيير بقية الأعضاء الذين يمثل بعضهم أطرافا متطرفة لا تعترف بمحاربة الجيش للإرهاب كمحمد عماري، الذي يوصف بأنه ممثل تيار المفتي المقال الصادق الغرياني. ويتكون المجلس الرئاسي الحالي من 9 أعضاء، حسب الاتفاق السياسي. لكن عددا من أعضائه قدموا استقالتهم ومن بينهم ممثل الجنوب موسى الكوني وعدد من المقربين من سلطات الشرق كعمر الأسود ممثل الزنتان، وعلي القطراني وفتحي المجبري ممثلا الحراك الفدرالي، ليبقى السراج وحده مع ممثلي تيار الإسلام السياسي. ويبدو أن تمسك حفتر باستبدال ممثلي تيار الإسلام السياسي دفع مجلس الدولة إلى الانقلاب على الاتفاق مع مجلس النواب بشأن تغيير المجلس الرئاسي. وينشغل مجلس الدولة الآن وبعض من النواب المحسوبين على حكومة الوفاق بسد الشغورات في المجلس الرئاسي الحالي. وأعلن 102 عضو بمجلس النواب و62 عضوا من المجلس الأعلى للدولة، تأييدهم لترشيح سيف النصر نائبا لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني خلفا للكوني. وجاء ذلك في رسالة بعث بها أعضاء المجلسين الموقعين على ترشيح عبدالمجيد سيف النصر إلى كل من مجلس النواب والمجلس الرئاسي ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، سربتها وسائل إعلام محلية مساء الأحد.
مشاركة :