"على دروب الأندلس" رحلة إلى بلاد الحلم في ثلاثين يوما

  • 11/28/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يأخذ الكاتب الفلسطيني سميح مسعود، في كتابه “على دروب الأندلس”، القارئ في رحلة إلى الأندلس، بلاد الحلم، مستهلا رحلته بالحديث عن ولعه القديم بالقراءة، وأسفاره إلى تلك الأرض من خلال قراءة التاريخ والمسرح. ويصف المستعرب خوسيه ميغيل بويرتا الكتاب الصادر حديثا عن دار ناشرون وموزعون في عمّان، بقوله “يرتبط هذا العمل الأدبي ارتباطا وثيقا بأدب الرحلات، إنه محصلة زيارات قام بها مؤلفه لمدن أندلسية، التقى فيها بعدد من المستعربين الإسبان، وبعرب يقيمون في إسبانيا منذ سنوات طويلة، نقل عنهم صورا حية عن الحضارة الأندلسية، باعتبارها تراثا إنسانيا، أبرزها جنبا إلى جنب مع معلومات أخرى ثرية، تشكل إطارا دقيقا للمدن التي زارها، بما فيها من مآثر تراثية قديمة وحديثة، ونصب تذكارية أقامتها إسبانيا لتخليد ذكرى مشاهير الأندلس، من أهل العلم والفكر والأدب”. ويواصل “إنه عمل كثير التفاصيل والوصف الدقيق وفق أسلوب أدبي شيق، يروي الحقائق بطريقة ممتعة وشاملة تسترعي الأنظار، لا بد أن يقرأه كل من له اهتمام بالحضارة الأندلسية، وبرؤية الإسبان عن ماضي بلاده العربي”. ويذهب الكاتب، خلال رحلته في الكتابة، إلى طريقة التشجير، وإثراء النص، وزخرفة الحكايات بالربط بين جماليات المكان والأحداث التاريخية، وذكر أسماء المشهورين الذين عاشوا في المكان حديثا وقديما، مضفيا على الرحلة مخزونه الثقافي الواسع بسرد القصص ببساطة متناهية وكأنه لا يكتب، بل يحدث القارئ بحميمية ودهشة. كما يسرد الكاتب بداية فكرة الرحلة من خلال عدد من الأصدقاء الإسبان، ورحلته إلى مصر، ثم إلى المغرب الذي يسّر له الرحلة، وتعرفه إلى عدد من الأصدقاء الذين قدموا له معلومات غنية عن سبيل الرحلة، وهو يبدو محظوظا بالمصادفات الطيبة التي سهلت له الرحلة، فضلا عن كونه ينطوي على إنسانية وطيبة وحيوية يستطيع من خلالها نسج علاقات متشعبة مع الناس الذين يلتقيهم أول مرة، ويكون لهم دور في إثراء رحلته. حكايات تتداخل بين الماضي والحاضرحكايات تتداخل بين الماضي والحاضر ومن بين هذه العلاقات تعرفه إلى فتاة أميركية في كندا، معجبة بالأندلس واللغة العربية وتغني الموشحات، وكذلك صديقتها الإسبانية التي تتقن العربية، والتي فتحت له نافذة على الحضارة الأندلسية والمستعربين الإسبان الذين اهتموا وحافظوا على الأدب الأندلسي وتراثه، وأسهموا في تعميق العلاقات العربية الإسبانية. وزار الكاتب، خلال الرحلة التي دامت ثلاثين يوما، ست مدن أندلسية، ومر بمدريد العاصمة، ووصف خلالها العمارة، واستعاد التاريخ، وربط بين الماضي والحاضر لغرناطة، وقرطبة وملقا وإشبيليا. ويتوقف الكاتب الفلسطيني عند كل ساحة ونافذة وباب ودرج وجدار ليستذكر حكايات الذين عاشوا في هذه المدن وصنعوا حضارتها، ومنهم ابن زيدون، ابن رشد، الولادة بنت المستكفي، لسان الدين الخطيب، عباس بن فرناس، محي الدين بن عربي وابن حزم الأندلسي. وتتداخل الحكايات بين الماضي والحاضر فيستذكر فيها بيكاسو الذي رسم “الجرنيكا”، والرسام غويا، وإرنست همنغواي الذي كتب “لمن تقرع الأجراس”، هذه الرواية التي تتحدث عن الحرب الأهلية الإسبانية، ورواية “علي” للكاتب حسين ياسين، التي يروي فيها حكاية المتطوعين الفلسطينيين في الحرب الأهلية الإسبانية، وبطلها مناضل فلسطيني اسمه علي عبدالخالق، استشهد خلال تلك الحرب في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي. كما يستعيد سميح مسعود رواية “الخيميائي” للبرازيلي باولو كويلو، التي جرت أحداثها الأولى في جزيرة طريفة الأندلسية، وتأثر لوركا بالشعر والزي العربيين، والحياة العربية وثقافتها، وتضمن شعره عددا من المفردات العربية. وفي رحلات المؤلف لم يكن مجرد سائح، بل كان رسولا لقضيته العربية والفلسطينية التي نجدها في حواراته الكثيرة مع الطلبة، والناس الذين يلتقيهم والمستعربين الأندلسيين، ولقاءاته مع الهيئات والجمعيات العربية هناك. ويتوقف عند الكثير من الرمزيات العربية التي لا تزال باقية في المكان، ومنها العمارة والكتابة والزخرفة والعلم الأندلسي والمآذن والقباب والأواني الخزفية التي ما برحت تجارة رابحة للزوار، وقد نقش عليها بالعربية “لا غالب إلاّ الله”، وكذلك الروح العربية في وجدان الإسبان، وانتماؤهم العربي في الحس الشعري للموشحات، ورقص الفلامنكو، وتأثرهم بالمطبخ العربي، وأسماء محال عربية مثل القدس ودمشق.

مشاركة :