ذكرت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية أن الدول الغربية أبدت اهتماما ضئيلا بالتصعيد العسكري الذي نشب بين أوكرانيا وروسيا، الأحد الماضي، بعدما هاجمت سفن حربية روسية، سفنا بحرية أوكرانية واستولت عليهم، بعد محاولتهم عبور مضيق كيرتش، فيما أفادت البحرية الأوكرانية بأن السفن الروسية قد أطلقت النيران وأصابت ما لا يقل عن ستة من ضباط البحرية الأوكرانية. وقالت المجلة إن الأعمال التي تقوم بها روسيا في مضيق كيرتش والاستجابة الأوكرانية غير المسبوقة تسلط الضوء على الخطر المتزايد للتصعيد العسكري بين البلدين، فقد أصدر الرئيس الأوكراني بوروشنكو ومجلس وزرائه العسكري قرارا بفرض الأحكام العرفية في البلاد، وبالفعل، أقر البرلمان القرار. ووفقا للمجلة، فإن التجاهل الغربي للأزمة يرجع إلى أن الدول الغربية مهتمة أكثر بمشاكلها الداخلية، ومن المحتمل أن يستمر هذا بسبب المشكلات التى تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأزمة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تبدأ إجراءات خروج لندن رسميا من الاتحاد الأوروبي قبل يومين من الانتخابات الرئاسية الأوكرانية. وذكرت المجلة الأمريكية أنه على الرغم من أن نشوب حرب شاملة بين روسيا وأوكرانيا غير محتمل إلا أنه يظل خطرا حقيقيا. وأوضحت «ناشيونال انترست» أن مضيق كيرتش يمثل أحد الأصول الجيوستراتيجية الرئيسية، إذ تحيط به روسيا وشبه جزيرة القرم التي تحتلها موسكو إلى الغرب، كما يعد المضيق الرابط المائي الوحيد بين بحر آزوف والبحر الأسود، لذا، يعتبر مرور المضيق أمرا ضروريا بالنسبة لمدن الميناء الرئيسية في بحر آزوف، مثل روستوف أون دون الروسي، وماريوبول الأوكراني، والذي حاول الانفصاليون الروس بشكل متكرر التغلب عليه. ولفتت المجلة إلى أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الخلاف بين روسيا و أوكرانيا، فلطالما قاومت أوكرانيا جهود روسيا ومحاولاتها للسيطرة على مضيق كيرتش، الذي جعل البلدين قريبين من الصراع العسكري قبل عام 2014. وأكدت المجلة الأمريكية أن التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا، بكل ما يترتب عليه من عواقب لا يمكن التنبؤ بها، فهو خطر حقيقي ومتصاعد، لافتة إلى أن روسيا لا تدرك ذلك إلى حد كبير، لأنها أبعدت انتباهها عن أوكرانيا وركزت على العمليات في سوريا، ومكافحة الجهود الأمريكية لتحديث ترسانتها النووية، وتحسين قدرات إمدادات الغاز الروسية إلى الاتحاد الأوروبي وألمانيا. وقالت المجلة إن وسائل الإعلام الروسية تواصل استفزاز الحكومة الأوكرانية، بينما تحتفل بوضع اللمسات الأخيرة على جسر كيرتش والإنجازات الاقتصادية في شبه جزيرة القرم، الأمر الذي يثير لهيب الانتقام في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، سمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر قاذفات القنابل وصواريخ إسكندر في شبه جزيرة القرم، التى عززت شعبية بوتين لفترة طويلة بعدما ضمها لذلك، ومن غير المرجح أن تتراجع روسيا في أزمتها مع أوكرانيا. وعلى الجانب الآخر، عززت أوكرانيا بشكل كبير قواتها العسكرية وحسّنت سيطرتها على الأرض. وأضافت المجلة الأمريكية أن السياسة الداخلية الأوكرانية تزيد من سوء الوضع، إذ أنه من المقرر أن تجري البلاد انتخابات رئاسية في مارس 2019، وتعتبر حظوظ الرئيس الأوكراني ضعيفة بسبب الوضع الاقتصادي المتعثر والأزمة المستمرة مع روسيا، لذا فإن قرار بوروشنكو بفرض الطوارئ يهدف إلى أن يقدم نفسه على أنه رئيس ناجح أو على الأقل حازم.
مشاركة :