وجهت واشنطن مؤخرا جملة من الرسائل الضمنية لموسكو تعكس إصرارا على موقفها بشأن سبل حل الأزمة السورية، حيث ترى أنه لا بديل عن مسار جنيف، وأنه من غير المسموح به تجاوز المكون الكردي، ويرى مراقبون أن الكرة الآن في ملعب روسيا فكيف سيتصرف الرئيس فلاديمير بوتين؟ دمشق – أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغبة واضحة في إجراء لقاء مع نظيره الأميركي دونالد ترامب على هامش قمة العشرين التي ستعقد يومي الجمعة والسبت في الأرجنتين، مقابل عدم حماسة الأخير بسبب ما اعتبره العدوان الروسي على أوكرانيا. وقال الرئيس الروسي الأربعاء إنه يأمل في لقاء نظيره الأميركي هذا الأسبوع لبحث جملة من الملفات، ردا على تصريحات لترامب في صحيفة “واشنطن بوست” الثلاثاء، أعلن فيها أن هذا اللقاء قد لا يتم على خلفية الحادث الذي تعرضت له السفن الأوكرانية في مضيق كيرتش. وفي وقت لاحق شدد المتحدث باسم الكرملين يوري أوشاكوف على أن “الحاجة إلى هذا اللقاء متساوية لدى الجانبين”. وأكد أوشاكوف أن الرئيسين ترامب وبوتين سيتطرقان خلال اللقاء إلى جملة من المواضيع بينها سوريا ومعاهدة القوى النووية التي لوحت الولايات المتحدة بالانسحاب منها، متهمة موسكو بخرقها. ويتصرف الكرملين على أساس أن اللقاء بين بوتين وترامب سيعقد، ويرى مراقبون أن روسيا تبدو في حاجة ماسة أكثر من الولايات المتحدة لعقد هذا اللقاء، خاصة وأن هناك العديد من القضايا التي تتطلب تواصلا مباشرا بين قيادتي البلدين وعلى رأسها الأزمة السورية. وتدرك روسيا أنه رغم إمساكها بمجمل خيوط اللعبة في سوريا لا يعني ذلك أنها تملك القدرة العملية على حسم الأزمة نهائيا لصالحها، فالولايات المتحدة لا تزال عنصرا فاعلا وبقوة في المسرح السوري. ووجهت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة جملة من الرسائل الضمنية تؤكد فيها أنها لن تقبل الخروج من الباب الصغير، ومن هذه الرسائل عدم المشاركة في الجولة الجديدة المنعقدة حاليا في أستانة، التي تضم كلا من روسيا وإيران وتركيا، بمشاركة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وتركز على ملفي إدلب واللجنة الدستورية. وحرصت الولايات المتحدة على المشاركة في الجولات السابقة من أستانة بصفة مراقب. لكن الموفد الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أوضح الأسبوع الماضي أن واشنطن لن تحضر الجولة الحالية. ويرى مراقبون أن هذا الموقف الأميركي المستجد، هو إشارة أميركية إلى أن واشنطن ليست مستعدة لمسايرة موسكو في فرض مسار أستانة بديلا عن جنيف، وأن أي قرارات تتخذ بين الدول الضامنة -تركيا وروسيا وإيران- لا تلزمها. ومن الرسائل الأخرى التي وجهتها واشنطن تعزيز نقاط انتشارها في شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، وتعللت بأن ذلك يندرج في سياق منع تسلل عناصر داعش إلى الأراضي التركية بيد أن مراقبين يرون أن هذه الخطوة هي تأكيد جديد على أن واشنطن متمسكة بدعم حلفائها الأكراد، وأنها لن تقبل بأي عدوان قد يستهدفهم كما أنها لن تسمح بإقصائهم عندما ينطلق قطاع التسوية السياسية. ويطالب الأكراد بفدرالية في سوريا وخاصة في شمال البلاد الأمر الذي تعارضه تركيا وتتحفظ عليه روسيا، التي تعمل على أن يستعيد النظام قبضته على كامل البلاد. ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة لا يبدو أنها بصدد التراجع عن مطالبها القاضية بإطلاق عملية سياسية برعاية أممية تضمن مشاركة كل الطيف السوري، وأيضا برحيل القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الإيرانية، وهي تنتظر من روسيا أن تبادر إلى تقديم تنازلات في هذا الصدد، فكيف سيكون الرد الروسي؟ وهل الرئيس بوتين مستعد للتجاوب مع هذه الطلبات خلال لقائه المرجح مع نظيره ترامب؟
مشاركة :