بعد عام كامل من الاشتغال الثقافي والحضاري العاكس لعراقة التراث الإنساني البحريني، اختتمت هيئة البحرين للثقافة والآثار برعاية سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى مساء أمس، برنامجها لعام 2018م، والذي احتفى بمدينة المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية، وذلك عبر احتفالية خاصّة أقيمت في مسرح البحرين الوطني بحضور الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، وتواجد عدد كبير من وزراء ثقافة الدول الإسلامية وممثليهم وحضور دبلوماسي وإعلامي كثيف. وفي كلمتها قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: «للأوطان جميعُها أن تحلمَ وتنجز، مثلما تفعل ذاكرة تحمل من عمر البلاد: تاريخًا، حضاراتٍ إنسانيّة، خرائطَ للجمال، وأخرى من نسج أناس يصدقون أن لنا أوطانًا تمعن في الأمل، وتتطلّعُ للإنجاز»، مضيفة: «اليوم نلتقي في هذا المسرح الذي هو ميناء الأغنيات والحكايات والإلهام، كي نصغي لقصة من المحرّق، مدينة التنوير والسلام، وعاصمة الثّقافة الإسلامية لعام 2018». وأردفت: «هذا المكان، الذي هو الاستثمار الثقافي الأضخم والذي افتتح عام 2012م، بدعم كريم وسامي من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدّى، صادفَ عام افتتاحه منجز إدراج (طريق اللؤلؤ: شاهدٌ على اقتصاد الجزيرة) على قائمة التّراث الإنساني العالمي لليونسكو»، قائلة: «وها نحنُ اليوم، في رهاننا على المدينةِ ذاتِها، نحتفي بافتتاح مركز زوّار طريق اللؤلؤ، برعاية سامية من ملك مملكة البحرين المفدّى، الذي يقاسمنا فكرة أنّ الرّهان الأجمل والمنتصر هو الثقافة». وأكدت على دور الثقافة في الارتقاء بالمجتمعات العربية والإسلامية، مشيرة إلى منجزات هيئة الثقافة خلال عام الاحتفاء بالمحرق عاصمة للثقافة الإسلامية، فقالت: «تبقى الثقافة صانعة للعراقة والأمل، وملهمة لكل ما يشكل تصديرًا لحضاراتنا العريقة، حيث أقر المجلس التنفيذي لليونسكو في سبتمبر الماضي (اليوم العالمي للفنّ الإسلامي)، وتمكّنّا قبل ذلك معًا، خلال اجتماع لجنة اليونسكو الذي انعقد هذا العام في مملكة البحرين من إدراج عدد من المواقع في أوطاننا الحبيبة على قائمة التراث الإنساني العالمي». أما الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري فتوجّه في بداية حديثه بالشكر إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لرعايته احتفالية اختيار المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2018م، كما شكر الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار لجهودها المتميزة والمتواصلة للنهوض بالعمل الثقافي وإغناء الحراك الحضاري والاعتناء بالتراث والآثار في مملكة البحرين، مشيرًا إلى أن هيئة الثقافة حققت إنجازات مهمة ونفذت أنشطة متعددة ومتنوعة أغنت برنامج اختيار المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية الذي تم إطلاقه يناير الماضي. وحول برنامج عواصم الثقافة الذي تنفّذه المنظّمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، قال الدكتور التويجري إن المنظمة جعلت من هذا البرنامج مشروعًا ثقافيًا دائمًا يعبّر عن الرؤية الحضارية المستنيرة للعمل الثقافي الإسلامي المشترك، موضحًا أن البرنامج يهدف إلى إنعاش العمل الثقافي وإغنائه وتطويره إضافة إلى تشجيع العمل الأدبي والحث على التفوّق في مجالات الثقافة والفنون. وأكد أن برنامج عواصم الثقافة يمكّن عواصم العالم الإسلامي من خدمة العمل الثقافي بصورة منتظمة. وبعد إلقاء كلمات افتتاح الحفل، تم تكريم شخصيتين بارزتين، تقديرًا لجهودهما في مجال تعزيز العمل الثقافي الإسلامي المشترك، حيث تم تسليم درع الاحتفالية لعمر سليمان آدم، وزير الثقافة والسياحة والآثار، في جمهورية السودان، رئيس المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة تقديرًا لجهوده وحرصه على متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة والتنسيق مع الإدارة العامة للإيسيسكو بشأنها. كما تسلم الدرع الدكتور عبداللطيف كانو، رئيس مجلس أمناء بيت القرآن في المنامة تقديرًا لجهوده في تأسيس بيت القرآن الذي يساهم في نشر قيم الدين الإسلامي. وفي إطار برنامج الإيسيسكو لعواصم الثقافة الإسلامية، سيتم الاحتفال العام المقبل 2019م، بأربع عواصم للثقافة الإسلامية، وهي: مدينة القدس الشريف، ومدينة تونس، عن المنطقة العربية، ومدينة بندر سيري بيغاوان، عن المنطقة الآسيوية، ومدينة بيساو، عن المنطقة الإفريقية. وتم تسليم «علم الاحتفالية» عن المنطقة العربية مع درع الاحتفالية من الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلى الدكتور إيهاب بسيسو وزير الثقافة في دولة فلسطين، كذلك تم تسليم علم الاحتفالية للدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية في الجمهورية التونسية، ودروع الاحتفالية إلى كل من الدكتور بادو حاجي عابدين وزير الثقافة والشباب والرياضة في سلطنة بروناي دار السلام والدكتور فلورينتينو فيرناندو دياس وزير الدولة المكلف بالثقافة في جمهورية غينيا بيساو. واختتمت الاحتفالية اشتغالها مع العرض العالمي «أحلام مسافر: قصّة من المحرّق»، الذي تم العمل عليه لأكثر من سنة ليكون بمثابة الختام الملائم لعام شهد نشاطًا ثقافيا كبيرًا.
مشاركة :