المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل موسكو حصرا مسؤولية المواجهة البحرية الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا في منطقة القرم. وقالت ميركل إن الأزمة من عمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "كليا"، وتعهدت باثارة الموضوع معه. وكانت قوات روسية أطلقت يوم الأحد الماضي النار على سفن أوكرانية كانت تبحر باتجاه بحر آزوف الذي يقتسم مياهه البلدان والقت القبض على بحارتها. وحث الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو حلف شمال الأطلسي على نشر قطع بحرية في المنطقة. وكان الرئيس بوتين قد اتهم بوروشينكو بافتعال "الاستفزاز" البحري لتعزيز حظوظه في الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها في أوكرانيا في العام المقبل. وكان الرئيس بوروشينكو أعلن الأحكام العرفية في مناطق أوكرانيا الحدودية لمدة 30 يوما ردا على الأزمة. كما أعلن بوروشينكو يوم الخميس عن فرض قيود على المواطنين الروس المقيمين في أوكرانيا تشمل تحديد حجم المبالغ التي يمكن لهم سحبها من المصارف، وقيود أخرى على التحويل الخارجي والسفر إلى الخارج.ما الذي جرى قبالة شبه جزيرة القرم؟ وقعت المواجهة يوم الأحد الماضي، عندما كانت ثلاث سفن أوكرانية (زورقان حربيان وقاطرة) تبحر في البحر الأسود باتجاه ميناء ماريوبول في بحر آزوف الذي تقتسم روسيا مياهه مع أوكرانيا. ولدى وصول السفن مضيق كيرش، واجهها حرس الحدود الروس الذين أطلقوا عليها النار وأصابوا 3 على الأقل من البحارة الأوكرانيين بجروح. يذكر أن مضيق كيرش يفصل البر الروسي عن شبه جزيرة القرم (الأوكرانية) التي ضمتها روسيا إلى اراضيها عام 2014. أي جانب يسيطر على المياه؟تحليل - جوناثان ماركوس - مراسل الشؤون الدبلوماسية والعسكرية إن دعوة حلف شمال الأطلسي لإرسال سفنه الحربية إلى بحر آزوف تثير العديد من المشاكل الدبلوماسية والعملية. ففي المفهوم القانوني الصرف، تتقاسم روسيا وأوكرانيا ميا هذا البحر بموجب معاهدة عقدت عام 2003. وتنص هذه المعاهدة تحديدا بأنه ينبغي للسفن الحربية العائدة لأي بلد ثالث طلب إذن أحد الجانبين الموقعين على المعاهدة اذا كانت تريد زيارة موانئ الجانب الآخر. ومن غير المعقول أن توافق روسيا على زيارات من هذا النوع للموانئ الأوكرانية، وهي تستطيع عمليا اغلاق مضيق كيرش بسهولة عن طريق ايقاف سفينة مدنية وسطه. من ناحية أخرى، سيرى حلف الأطلسي إن زيارات من هذا النوع ستزيد من التوترات. الأكثر ترجيحا أن يعمد حلف الأطلسي إلى تعزيز انتشاره البحري في البحر الأسود، حيث يشعر اعضاؤه المشاطئون لهذا البحر - تركيا ورومانيا وبلغاريا - بالقلق ازاء التصرفات الروسية المتسمة بالعدوانية. ويقول الحلف في هذا المضمار إن سفنه الحربية قضت هذا العام 120 يوما في تمارين وواجبات دورية في البحر الأسود مقارنة بـ 80 يوما في عام 2017. تقول أوكرانيا إن روسيا تتعمد حصار ماريوبول وميناء بيرديانسك الواقع أيضا على بحر آزوف، وانها تمنع السفن من اجتياز مضيق كيرش. وأمرت محكمة في القرم بتوقيف 24 من البحارة الأوكرانيين المحتجزين لشهرين قبل اخضاعهم للقضاء.ما الذي قالته ميركل؟ اتهمت المستشارة الألمانية، التي كانت تتحدث وإلى جانبها رئيس الحكومة الأوكرانية فولوديمير غرويسمان في برلين، روسيا بتقييد حق الوصول إلى بحر آزوف عن طريق مد جسر عبر مضيق كيرش. وقالت إن التصعيد الأخير "من عمل الرئيس الروسي كليا"، متهمة موسكو بانتهاك بنود اتفاق عقد عام 2003 لضمان حرية الملاحة في المنطقة. وقالت، "أريد أن يطلق سراح البحارة الأوكرانيين،" مضيفة أنها ستتحدث في الموضوع مع الرئيس بوتين على هامش قمة العشرين في الأرجنتين. وقالت المستشارة الألمانية "طلب منا الجانب الأوكراني أن نعمل بحكمة، فليس هناك حل عسكري لهذه المشاكل وعلينا التركيز على هذه الحقيقة."هل يساعد الأطلسي أوكرانيا؟ يعد حلف شمال الأطلسي أقوى تحالف دفاعي في العالم. ليست أوكرانيا عضوا في الحلف، ولكن لها وضع الشريك فيه مما يعني أن الجانبين يتعاونان في بعض الأمور السياسية والأمنية. وكان بوروشينكو قال لصحيفة بيلد الألمانية "نأمل من الدول الأعضاء في حلف الأطلسي أن تكون الآن على استعداد لنقل بعض قطعها البحرية إلى بحر آزوف لمساعدة أوكرانيا وضمان الأمن." ولم تعلق ناطقة باسم الحلف مباشرة على دعوة الرئيس الأوكراني، ولكنها أكدت على أنه "منذ ضمت روسيا بشكل غير القانوني شبه جزيرة القرم في 2014، عزز الحلف بشكل ملحوظ وجوده في البحر الأسود."ما هي حجة روسيا؟ وصف الرئيس الروسي الماجهة البحرية بأنها "استفزاز" دبرته السلطات الأوكرانية "في الفترة السابقة للانتخابات الرئاسية." يذكر أن شعبية بوروشينكو منخفضة في بلاده، فحسب استطلاعات للآراء أجريت مؤخرا، لم يقل الا 10 بالمئة من المشاركين إنهم ينوون التصويت له في انتخابات 2019، بينما قال 50 بالمئة من المستطلعة آراؤهم إنهم لن يمنحوه أصواتهم تحت أي ظرف من الظروف حسبما أوردت صحيفة كييف بوست الأوكرانية. وأضاف الرئيس بوتين أن القرار الذي أصدره بوروشينكو بفرض الأحكام العرفية عقب "حادثة حدودية بسيطة" كان ردا مبالغا فيه خصوصا وأن أوكرانيا لم تفرض الأحكام العرفية حتى ابان الحرب مع الانفصاليين الموالين لروسيا في الجزء الشرقي من البلاد في عام 2014. وتقول وسائل الإعلام الروسية إن موسكو نقلت لواءا من صواريخ S-400 المضادة للطائرات إلى شمالي شبه جزيرة القرم، وانها تخطط كذلك لبناء محطة رادار للانذار المبكر من الصواريخ في نفس المنطقة. وأصر الرئيس بوتين على أن الرد العسكري الروسي كان مناسبا ومتناسبا، لأن الأوكرانيين "تجاوزوا" على المياه الإقليمية الروسية. ولكن المسؤولين الأوكرانيين نشروا يوم الأربعاء خريطة تبين أن السفن الأوكرانية الثلاث كانت تبحر بمحاذاة مياه القرم الإقليمية عندما احتجزها الروس.
مشاركة :