يوم التضامن مع فلسطين يدحض ذكرى التقسيم

  • 11/30/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في السنوات العشر التي تلت صدور القرار الأممي رقم 181 بتقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947، لم يكن الفلسطينيون والعرب يتوقفون أمام ذكرى صدوره، وكان الكثير من الفلسطينيين، في مخيمات اللجوء يشعرون أن رفض قرار التقسيم، كان أسوأ من قبوله، على الأقل لأنه يفتح من الوجهة القانونية والنظرية، بابا للاستقلال الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، معترف به دوليا. وفي تلك السنوات جرى التركيز على وعد بلفور في الثاني من نوفمبر 1917 باعتباره الرسالة المقتضبة التي تحددت فيها النوايا البريطانية. وكان من الطبيعي بعد عشر سنوات من صدور قرار التقسيم، أن يصبح الموقف منه إشكاليا على الصعيد الشعبي الفلسطيني. فقد لعبت الصهيونية ببراعة لكي تحيل مسؤولية فشل مشروع التقسيم إلى الطرف العربي الإسلامي، بينما هي التي كانت ترفضه وتتهيأ لإحباطه. في يوم ذكرى صدور القرار عام 1977 أعلنت الجمعية العام للأمم المتحدة، يوم 29 نوفمبر من كل عام، يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني وطلبت من لجنة حقوق الفلسطينيين في المنظمة الدولية، الاحتفال بهذا اليوم باعتباره معطوفا على سياق سياسي جديد أتيح بموجبه أن تكون لمنظمة التحرير الفلسطينية بعثة لدى المنظمة الدولية. وكان ذلك سياقا سياسيا يتوخى تسوية الصراع على أساس القرارات الأممية. منذ عام 1977 واظبت الأمم المتحدة على الاحتفال في كل عام، بيوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني. وتتخلل الاحتفالات، معارض صور وكلمات تؤكد التمسك بمساندة الحقوق الفلسطينية، وتفعل الشيء نفسه، وزارات الخارجية في الدول المؤيدة للسلام في الشرق الأوسط على أساس القرارات الأممية. المفارقة هنا، أن الاحتفال بموعده السنوي كيوم للتضامن، يختلف عن إحياء يوم ذكرى القرار الذي بدأ مؤلما، ثم أصبح بمفاعيل الواقع وبديهيات السياسة الدولية، غاية ينشدها الفلسطينيون في أكثر أطروحاتهم السياسية تشددا. لذا أصبح التوقف احتفالا بيوم التضامن، في دواعيه وعاطفته، يختلف عن إحياء ذكرى أليمة لوصفة تقر بمشروعية تمزيق وحدة الأراضي الفلسطينية، وهنا تكون المنظمة الدولية، قد تبنت تأطير محطة تاريخية، باعتبارها نقطة البدء الطبيعية للمسار السياسي للقضية الفلسطينية! كان التوقف عند ذكرى صدور القرار الأممي 181 يلبي أكثر من غرض على مر سنوات ذكراه. ففي البدايات شعر الفلسطينيون أنه يهضم حقوقهم في أكثر من نصف وطنهم، وبالطبع كانت قاعدة القياس هي إدراك الفلسطينيين لحجم حقوقهم. ففي عام 1947 كان الذين عايشوا الأقلية اليهودية التي وفدت إلى البلاد، لا يزالون أحياء، وشاهدوا كيف كان زعماء هذه الأقلية، يتوسلون تقبل الفلسطينيين لهم كجيران مسالمين. وقد رأى أولئك الفلسطينيون كيف تطور الوجود اليهودي الذي رعته الصهيونية وسلطات الانتداب البريطاني، وأصبح أمرا واقعا، تسانده دول كبرى. وعلى الرغم من ذلك، تغلبت العاطفة على ضغوط الأمر الواقع، فكان الفلسطينيون يرفضون القرار الأممي بالتقسيم. لكن الأمر اختلف عام 1977 بعد 20 عاما من القرار تخللتها ثلاث حروب عربية إسرائيلية كبرى. وتراجعت البكائية المتعلقة بـ29 نوفمبر، وطفت الاحتفالية التي تعيد التذكير بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف! لم يعد هناك متسع، على أجندة السنة، لإحياء الذكريات الحزينة. يمكن لمن يرغب في الإحاطة بوقائع التاريخ أن يعود إليها ويطالعها. غير أن الوقائع المحزنة، يزيح جديدها قديمها عن الذاكرة، والأجدر بالنخب السياسية أن تتحسس مواضع الخلل لكي تتحاشى كوارث جديدة. فلا جدوى من استعادة النكبات ولا اجترار الوعود، ولا معنى لأن نندب حظنا ونتباكى على ما مضى ونتأسى على أحوالنا بأثر رجعي، بينما نحن معنيون بالحفاظ على الأرض التي نقف عليها. إن يوم الاحتفال بحقوق الفلسطينيين ليس هو يوم التأسي الفلسطيني والأممي على قرار التقسيم، لأن هذا القرار هو السند القانوني للمطالبة بالدولة الفلسطينية وقد استفادت منه إسرائيل ولم تستفد منه فلسطين، وقد جاء الاستدراك الغربي متأخرا.

مشاركة :