غدًا، سوف يتوجه الناخبون إلى صناديق الانتخاب للمشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات النيابية والبلدية. كما نعلم، شهدت الجولة الأولى مشاركة شعبية تاريخية غير مسبوقة بلغت نسبتها 67% ممن لهم حق التصويت. كان من الطبيعي أن عددا كبيرا من محطات التلفزيون والإذاعة في العالم، ومن الصحف والمواقع الإعلامية الإلكترونية، أشادت إشادة كبيرة جدا بالانتخابات وبالطريقة التي جرت بها وبنسبة المشاركة، وأعربت عن تقديرها البالغ لتجربة البحرين الديمقراطية وما تطورت إليه. كان هناك استثناءٌ واحدٌ صارخ هو البي بي سي البريطانية. كانت تغطية البي بي سي للانتخابات في البحرين منحازة بشكل فاضح، ومن دون أن تقدم لمشاهديها ومستمعيها أي تحليل أو رؤية عميقة أو مقنعة للحدث. حقيقة الأمر أن من تابع تغطية البي بي سي للانتخابات قد لاحظ حتما أن مذيعيها ومقدمي برامجها يتعاملون مع البحرين ويتحدثون عنها كما لو كانت دولة عدوة! في كل نشرة إخبارية، وفي كل برنامج، لم يكن يهم البي بي سي سوى الحديث عمن يسمون مرشحي المعارضة الذين قيل إنهم مُنعوا من الترشح للانتخابات. وليس هذا صحيحا بالطبع كما نعلم. جمعية المنبر التقدمي شاركت في الانتخابات. كما يعلم الجميع، كانت جمعية المنبر متحالفة مع جمعية الوفاق وعضوًا في تحالف الجمعيات التي قاطعت الانتخابات السابقة. لكن الجمعية انشقت عن هذا التحالف وقدمت مرشحيها إلى الانتخابات، وفاز أحد أعضائها بالفعل في الجولة الأولى السبت الماضي. الحقيقةُ أن البي بي سي في تغطيتها للانتخابات وللتطورات والأحداث في البحرين عموما لا تركز إلا على ما تزعمه من انتهاكات لحقوق الإنسان، وعلى ما تسميها المعارضة وما تردده من ادعاءات ومزاعم، وتتعمد تجاهل الغالبية الساحقة من شعب البحرين ومواقفهم وآرائهم. أعتقد أنه آن الأوان لأن تقف البي بي سي وقفة طويلة مع النفس ومع طاقم مذيعيها. كثيرٌ من مذيعي البي بي سي ومقدمي برامجها لم يعد من الممكن اعتبارهم إعلاميين مهنيين محترفين، بل هم مجموعة من الآيديولوجيين ينتمون إلى مدارس آيديولوجية أصبحت قديمة جدا وتجاوزها الزمن، كما تجاوزها العالم بتطوراته وأحداثه. وهؤلاء أصبحوا عاجزين عن مجاراة العالم الحديث وما يشهده من تطورات والتأقلم معها. نحن في البحرين نعيش في بلد فتي شاب يتغير بسرعة كبيرة ويلاحق العصر وتطوراته. وليس هذا هو حالنا نحن فقط، بل هو حال كثير من دول العالم. وعلى سبيل المثال، فإن فرنسا استطاعت أن تتحرر من قيود النابوليونية، والاتحاد السوفيتي ابتعد عن اللينينية والماركسية، وألمانيا الشرقية وأوروبا الشرقية حطمت جدار برلين وحلف وارسو. وحتى الصين تحت قيادة دنج هسياو بنج اتبعت نظاما اقتصاديا منفتحا، وأرست مبدأ «دولة واحدة ونظامين مختلفين»... وهكذا. لهذا، أقول للبي بي سي إن هؤلاء الذين تُطلق عليهم معارضين، وتدافع عنهم في كل مناسبة، فشلوا فشلا ذريعا في أن يحققوا أي شيء طيب لشعب البحرين. ليس هذا فحسب، بل ارتكبوا جرائم بحق الوطن والشعب وأدانهم القضاء. والجيل الحالي في البحرين لا يعنيه كثيرا أمر السياسة، وكل ما يعنيه هو الارتقاء بأحواله المعيشية، والحصول على خدمات إسكانية، وعلى تعليم جيد ورعاية صحية وفرص للعمل. وبالإضافة إلى هذا، فإن أبناء البحرين عايشوا من قرب ما جلبته الآيديولوجيات المتصارعة من مآسٍ، ومن تهديدات وأخطار كادت تعصف بالوطن كله وتهدد كل مكتسباته، كما أن أبناء البحرين عايشوا التجارب البرلمانية الفاشلة السابقة حين كان أعضاء الوفاق نوابا بالبرلمان، وكيف كان كل همهم هو الدفاع عن أجندتهم الآيديولوجية التخريبية المدمرة، ولم تكن تعنيهم في شيء خدمة الوطن أو المواطن. ونتذكر جميعا كيف كان عمل البرلمان يصاب بالشلل بسبب الشجار والجدال الفارغ والانسحابات المتكررة، من دون إنجاز أي شيء له قيمة بالنسبة إلى الشعب. لهذا، وعلى ضوء هذه الخبرة، رأينا كيف أن أبناء الشعب أصبحوا أكثر حرصا على اختيار نساء ورجال من ذوي الخبرة والكفاءة مؤهلين لخدمة الشعب بعيدا عن الانحيازات والصراعات الآيديولوجية. نقول كل هذا لكي نذكر البي بي سي مجددا بأنها يجب أن تفيق، وأن تدرك أن التحديات البرلمانية ليست بالأمر السهل أبدا. إن بريطانيا التي تعتبر نفسها «أم البرلمانات» في العالم احتاجت إلى 500 عام كاملة لكي تنضج تجربتها وتكتمل. لهذا، يحق لنا في البحرين أن نعتز ونفتخر كثيرا بنسبة 67% من المشاركة الشعبية في الانتخابات. يجب أن يتذكر الجميع أن نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات البريطانية الأخيرة بلغت 68%، وفي الانتخابات التي سبقتها بلغت 66%. نقول هذا ونحن على ثقة تامة بأن شعب البحرين سوف يكرر ما حدث السبت الماضي، وسيشارك بكثافة في انتخابات الإعادة غدا، وسيختار الأفضل والأكثر كفاءة.
مشاركة :