يواصل قطاع الطيران في الإمارات مسيرة الريادة العالمية والنمو المطرد التي يحققها طوال سنوات، مستفيداً من قاعدة عريضة من الخبرات والإنجازات الكبيرة على صعيد تدشين أرقى المطارات الدولية من جهة ورفع كفاءة أساطيل الناقلات الوطنية من جهة أخرى. وأدركت حكومة الإمارات مبكراً أهمية قطاع الطيران بالنسبة لمستقبل التنمية المستدامة بمجالاتها كافة، فشيّدت المطارات العالمية، وأسست أكبر شركات الطيران في العالم وأحدثها، واستثمرت المليارات في البنية التحتية، حتى بات «مطار دبي الدولي» على سبيل المثال الأكبر عالمياً من ناحية المسافرين الدوليين، و«مطار أبوظبي الدولي» الأسرع نمواً في أعداد المسافرين. ويعد قطاع الطيران من القطاعات الاستراتيجية الرئيسية التي تستهدفها الخطط الحكومية التي تسعى لبناء اقتصادي قوي ومستدام، قائم على تنويع مصادر الدخل الوطني، وبناء اقتصاد ما بعد النفط. ومنذ 5 أكتوبر 1932 - تاريخ هبوط أول طائرة في مطار إماراتي وتحديداً في مطار المحطة في إمارة الشارقة - حقق قطاع الطيران الإماراتي ازدهاراً فاق التوقعات، حيث بات يسهم بحوالي 169 مليار درهم أي بما يعادل 15% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ويشغّل أكثر من 500 ألف موظف. محاور وارتكزت محاور نمو قطاع الطيران في الدولة على توسع ونمو الناقلات الوطنية التي باتت تلعب دوراً كبيراً في صناعة النقل الجوي العالمي، سواء من خلال توسعها في الوصول إلى وجهات جديدة أو من خلال استحواذها على طلبيات ضخمة. ، أما المحور الثاني فيرتكز على توسع المطارات المحلية بهدف زيادة قدرتها الاستيعابية، سواء من حيث الحركة الجوية أو أعداد المسافرين، أما المحور الثالث فيرتكز على التصنيع، حيث تعد شركة مبادلة الأنموذج الناجح والأبرز في هذا المجال، خاصة أنها باتت مزوداً مهماً لكبرى شركات التصنيع في العالم. ويحسب للإمارات أنها كانت من أوائل الدول التي ركزت على جانبي الأبحاث والابتكار في قطاع الطيران على مستوى العالم، بهدف عمليات أكثر سلامة وأمناً ورفقاً بالبيئة. وفي هذا الصدد أطلقت الإمارات برنامج «الابتكار في مجال الطيران»، الذي يتضمن جائزة يتم منحها كل عامين، وترمي إلى تحفيز الابتكار والإبداع عبر تحسين تجربة المسافرين والارتقاء بمعايير السلامة وخفض الانبعاثات المضرة بالبيئة. السلامة وكانت دولة الإمارات قد حققت إنجازاً كبيراً، بتصدرها دول العالم في تطبيقها لمعايير سلامة الطيران المدني، وذلك خلال برنامج تقييم مراقبة سلامة الطيران المدني الذي تديره منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، حيث تصدرت الإمارات دول العالم في تطبيق معايير السلامة، وحصلت على معدل نجاح في تطبيق معايير سلامة الطيران المدني بنسبة بلغت 98.8%، وهو المعدل الأعلى على الإطلاق الذي تمنحه المنظمة الدولية في هذا الإطار. المطارات وعلى مدى العقود الماضية، نجحت دولة الإمارات في بلوغ الريادة الدولية في قطاع الطيران المدني، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي الذي جعلها مركزاً دولياً للمسافرين والسياحة، كما أنها تمتلك 8 مطارات دولية سريعة النمو، وتعتبر هذه المطارات من أهم محاور صناعة الطيران الدولية. حيث حققت الدولة قفزات نوعية في القطاع، ما ساعد على تحقيق أعلى درجات التصنيف الدولي خلال فترة وجيزة.وتستثمر الإمارات في الوقت الراهن ما يصل إلى 85 مليار درهم في تطوير وتوسعة مطاراتها لرفع القدرة الاستيعابية لها لأكثر من 300 مليون مسافر سنوياً، منها 30 مليار درهم استثمارات لتطوير مطار آل مكتوم الدولي، و28 مليار درهم للمرحلة السادسة من توسعات مطار دبي الدولي، و25 مليار درهم لتطوير وتوسعة مطار أبوظبي الدولي، فيما يجري استثمار 1.5 مليار درهم في مطار الشارقة الدولي. مساهمة كبيرة ويسهم قطاع الطيران بشكل كبير في اقتصاد الدولة، وذلك من خلال النمو السريع بأعداد المسافرين عبر مطارات الدولة، والذي ارتفع من 44 مليون مسافر في 2006 إلى أكثر من 125 مليون مسافر، وزاد عدد المسافرين عبر مطارات الدولة خلال العام 2017 بنمو نسبته 167%، وتعد مطارات الدولة حلقة وصل عالمية بين الشرق والغرب. وواصل مطار دبي الدولي، الذي افتتح في 30 سبتمبر عام 1960، تصدره قائمة أكبر مطارات العالم في أعداد المسافرين الدوليين للعام الرابع على التوالي، وتشير التوقعات وبيانات أرقام المسافرين إلى أن المسافر رقم «مليار» سيعبر مطار دبي الدولي بنهاية العام الجاري. وشهدت أعداد المسافرين في مطار أبوظبي الدولي زيادة كبيرة في السنوات الماضية لتتضاعف بنحو 4.5 مرات على مدار 12 عاماً، وصولاً إلى أكثر من 23 مليون مسافر سنوياً في نهاية العام الماضي، فيما يتوقع أن يتجاوز عدد المسافرين 45 مليوناً سنوياً خلال الأعوام العشرة المقبلة بعد افتتاح المطار الجديد في نهاية 2019. وتعد الإمارات اليوم مثالاً للابتكار والتطور يحتذى به في مختلف القطاعات عالمياً، مثل قطاع الطيران والذي يتوقع أن يساهم بـ37.5% من الناتج المحلي الإجمالي لدبي بحلول عام 2020. وخلال العام الماضي، أنجزت الإمارات أيضاً واحداً من أهم المشاريع في البنية التحتية لصناعة الطيران المدني على مستوى الشرق الأوسط، وذلك باستكمال مشروع إعادة الهيكلة للمجال الجوي للدولة. وتضمنت الخطة رفع القدرة الاستيعابية لأجواء الدولة وتلبية الطلب المتوقع في الحركة الجوية حتى 2022. وسيحد المشروع من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يؤكد التزام الدولة بالتنمية البيئية المستدامة. الناقلات الوطنية ويظهر سجل الأداء الذي حققته الناقلات الوطنية على مدار السنوات الماضية مدى قدرتها على المنافسة من خلال التحديث الدائم لأساطيلها من الطائرات، مرتكزة إلى نسب الإشغال المرتفعة التي تحققها على مدار فصول السنة. والتي تؤمن لها دخلاً متصاعداً يتيح لها من الموارد المالية الذاتية، ومن إمكانات التمويل كذلك، فرص التحديث المستمر للأسطول، لتستحوذ عملياً على أفضل ما تنتجه صناعة الطائرات في العالم، وتقدم لعملائها بالتالي مستويات من الخدمة يصعب منافستها من الآخرين، الذين تحول معادلة التشغيل لديهم دون الوصول إلى أفضل مستويات الأداء والربحية ليستطيعوا تخطي العقبات التي أفرزتها تحديات الأزمة العالمية، وانعكاساتها السلبية على حركة السفر عالمياً. في حين استطاعت الناقلات الوطنية أن تخترق هذه التحديات وتحتوي كل الخسائر الناجمة، كذلك عن الارتفاع في أسعار الوقود، لتظل في المقدمة بين أغلبية شركات الطيران في العالم من حيث مستويات الأداء. وارتفع حجم أسطول الناقلات الجوية الوطنية الأربع، التي تضم «طيران الإمارات» و«الاتحاد للطيران» و«العربية للطيران» و«فلاي دبي» إلى 512 طائرة بنهاية 2017، كما ارتفع عدد المسافرين عبر مطارات الدولة إلى أكثر من 126.5 مليون مسافر. وفتحت شركات الطيران المحلية أبواباً واسعة من الفرص التجارية، وتنطلق يومياً من الدولة رحلات جوية منتظمة إلى أكثر من 300 مدينة، ووضعت الناقلات الوطنية خططاً للتوسع تتضمن شراء طائرات وتوسيع شبكة الوجهات. وأظهرت بيانات لشركتي «إيرباص» الأوروبية و«بوينغ» الأميركية، عن أن عدد الطائرات التي لا تزال «تحت الطلب» بالنسبة للناقلات الإماراتية «طيران الإمارات» و«الاتحاد للطيران» و«فلاي دبي»، وصل إلى 561 طائرة، بقيمة إجمالية بلغت نحو 600 مليار درهم، وذلك وفقاً لقائمة الأسعار المعلنة للشركتين خلال العام الجاري. وأوضحت البيانات، أن إجمالي عدد تلك الطائرات من شركة «بوينغ» بلغ 406 طائرات، مستحوذة بذلك على 72.3% من إجمالي الطلبيات بقيمة تصل إلى أكثر من 413 مليار درهم مقابل 155 طائرة لشركة «إيرباص»، بقيمة إجمالية بلغت نحو 186 مليار درهم، فيما استحوذت الطائرات عريضة البدن ذات الممرين على 63.10%، من عدد الطائرات تحت الطلب. التوطين وكشفت الهيئة العامة للطيران المدني عن أن إجمالي عدد الطيارين المواطنين المسجلين لديها وصل إلى 762 طياراً بالإضافة إلى 82 مراقباً جوياً، فيما وصل عدد منظمي الرحلات الجوية إلى 10 مواطنين. ويأتي النمو في عدد المواطنين العاملين في قطاع الطيران نتيجة تكثيف البرامج التدريبية التي تنفذها الناقلات الوطنية لرفع نسبة التوطين في هذا القطاع، حيث أطلقت «شركة طيران الإمارات» برنامجاً لتدريب الطيارين المواطنين المبتدئين منذ عام 1992. التركيز على النمو وكفاءة العمليات أكد تقرير اكسفورد أن من أهم عوامل نجاح قطاع الطيران في دبي هو إدراك حكومة دبي لأهمية قطاع الطيران، واتباع سياسات مرنة تشجع على الاستثمار والمنافسة المفتوحة، والتركيز على النمو وكفاءة العمليات والربط الفعّال مع مختلف الأسواق، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي لدبي ووقوعها على تقاطع جغرافي بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، مما يضع الرحلات المنطلقة من دبي، على بعد 8 ساعات من نحو ثلثي سكان العالم. وتوقعت دراسة اكسفورد أن يواصل قطاع الطيران في دبي معدلات نموه خلال العقد الجاري، وأن ترتفع مساهمة القطاع إلى 32% من إجمالي الناتج المحلي لإمارة دبي، أي ما يوازي أكثر من 165 ملياراً، ونحو 22% من اليد العاملة، توازي 372 ألف موظف من مختلف الفئات الوظيفية، بحلول عام 2020. التجربة الإماراتية في قطاع الطيران باتت تشكل خريطة طريق بالنسبة إلى العديد من الدول التي تطمح للارتقاء بهذا القطاع، مشيرين إلى أن نموذج قطاع الطيران، في دبي بشكل خاص، والإمارات بشكل عام، يعد من أنجح النماذج إن لم يكن أنجحها، خاصة أنه حقق قفزات نوعية ساعدته على اختصار الزمن ووضعته على رأس العديد من المؤشرات العالمية خلال فترة زمنية قصيرة. واستطاعت شركات الطيران الوطنية الانتقال إلى العالمية بمستوى «خمس نجوم» من خلال قدرتها على انتزاع حصة متصاعدة من الأسواق الدولية، جعلتها تنافس الناقلات العريقة على مستوى العالم، والتي تستند إلى أسواق محلية بكثافة سكانية عالية مثل كبريات الشركات الأوروبية والأميركية. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :