الإكزيما البنيوية وأحدث علاجاتها

  • 11/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحت رعاية «الجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد»، عقد في جدة يوم الأحد الماضي، بحضور «صحتك»، مؤتمر طبي حول علاج مرض «التهاب الجلد التأتبي Atopic Dermatitis (AD) (الإكزيما البنيوية)» من النوعين المعتدل والمتقدم. وتحدث في المؤتمر خبراء شركة «سانوفي» عن إطلاق علاج جديد ومبتكر في المملكة بعد اعتماده من «هيئة الغذاء والدواء السعودية» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويعد العقار الأولَ من نوعه ضمن فئته (عقار بيولوجي)، استناداً إلى برنامج التجارب السريرية العالمية «ليبيرتي أد» التي شملت نحو 2.800 ممن يتعايشون مع هذا المرض الخطير. وأظهرت النتائج تدنياً ملحوظاً في علامات وأعراض المرض، وتحسناً في جودة الحياة.- مرض مناعي مزمناستضافت «صحتك» 3 من أبرز المتحدثين في المؤتمر لتسليط الضوء على هذا المرض وآلية حدوثه، وتطورات علاجه، ونتائج الدراسات العالمية المتعلقة بفعالية وأمان العقار المشار إليه.تحدث إلى «صحتك» رئيس المؤتمر الدكتور محمد إبراهيم فطاني، استشاري ورئيس قسم الأمراض الجلدية في «مستشفى حراء العام» بمكة المكرمة، عضو مجلس إدارة «الجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد»، موضحا أن «التهاب الجلد التأتبي»، ويسمى أيضا «الإكزيما البنيوية» أو «ربو الجلد»، أحد أنواع الإكزيما، وهو حالة التهابية مزمنة، ويصيب عددا كبيرا من الناس، حيث ازدادت حالات الإصابة به في البلدان الصناعية من ضعفين إلى ثلاثة، خلال العقود الماضية، وتصل نسبة الإصابة بين الأطفال إلى ما بين 15 و20 في المائة، وعند الكبار إلى ما بين 5 و10 في المائة.وتظهر أعراض المرض في الغالب على شكل طفح جلدي، حيث يحدث ذلك جزئياً بسبب التهاب كامن بالجسم يُعتقد أن له علاقة بفرط نشاط الجهاز المناعي. ويصيب المرض حديثي الولادة، والأطفال، والشباب، ومن تجاوز 60 عاماً، ويؤثر على المريض جسدياً ونفسياً.وأضاف أن هناك عدة عوامل مثيرة للمرض، من بينها الناحية الجينية في العائلة، وجفاف بالجلد، والتحسس من أنواع معينة من المأكولات، وتحسس الأطفال الرضع من أنواع معينة من الحليب، ووجود حيوانات أليفة بالمنزل، والتعرض للغبار، وتغيرات الطقس. لذا يجب وضع كل هذه العوامل في الاعتبار عند علاج المرض.وغالباً ما يغطي الطفح الجلدي كثيرا من مناطق الجسم، ويتسبب في إحداث حكة شديدة مستمرة، وجفاف بالجلد، وتشققات واحمرار وقشور ونزف دموي. وتتمثل أكثر أعراض المرض مشقة على المرضى في الحكة التي قد تكون موهنة للغاية وقد تؤثر على جودة الحياة اليومية، بما في ذلك النوم المتقطع وزيادة القلق وأعراض الاكتئاب. ويتم التشخيص بالتعرف على الأعراض من قبل اختصاصي الأمراض الجلدية عند استشارته، الذي يقوم بتحديد مرحلة المرض، وبموجبها يضع خطة العلاج المناسبة. ويظل المرضى يكافحون من أجل السيطرة تماماً على المرض، عبر الخيارات العلاجية المتاحة حاليا.- الغذاء ونوعية الحياةتحدث إلى «صحتك» الدكتور عصام حمادة، رئيس قسم الأمراض الجلدية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بمدينة الرياض وأحد المتحدثين في المؤتمر، وأجاب عن تساؤل حول تأثير النظام الغذائي على تطور المرض إيجابا أو سلبا، قائلا إن «دور الأغذية والأطعمة يكون في أول سنتين من حياة المريض، وبعد ذلك يصبح دورها لا يكاد يُذكر إلا مع القلة النادرة من الناس. نعم، هناك نسبة قليلة تتأثر بالمأكولات والأطعمة، وهذا لا يعني منع المريض عشوائيا من تناول أطعمة محددة مثل البيض والحليب والأسماك والحنطة، وإنما يجب ترك القرار للطبيب المعالج الذي يحدد ما إذا كان المرض له علاقة بالأغذية أم لا، أما الامتناع العشوائي عن الأكل فهذا مضر ويوثر على صحة المريض، خصوصا إن كان طفلا، ويحرمه من الأغذية التي يحتاجها».وأشار إلى أن حياة مريض «التهاب الجلد التأتبي» تتأثر بهذا المرض بدرجات متفاوتة وفقا للمرحلة العمرية للمريض، كالتالي:> أولاً: مرحلة حديثي الولادة والأطفال. تكون نوعية الحياة مع حديثي الولادة مؤثرة جداً على الأهل خصوصا الأم، لأن الطفل تكون عنده حكة واحمرار شبه مستمر، ويظل في حالة صياح وبكاء، ولا تدري هل صياحه وبكاؤه هذا بسبب الحكة، أم إن هناك سبباً آخر. وعندما يكبر الطفل ويكون بمقدوره التعبير عن نفسه وما يشعر به، لا يستطيع كبح جماح الحكة التي تصاحبها عادة جروح. وقد يتأثر الجلد جراء ذلك الوضع بشكل سلبي ويتغير شكله، ومن الممكن للأطفال الآخرين الأصحاء أن ينفروا من هذا الطفل المريض ويعرضوا عن مشاركته من الناحية الاجتماعية بسبب تغير شكله الذي يصبح غير مريح.وبالطبع، عندما يصبح الطفل في سن المدرسة، يبدأ المرض في التأثير على سيره الدراسي من جوانب متعددة؛ أولها أن هذا المرض يؤثر على النوم، لأن الحكة تزداد عادة ليلاً، وبالتالي لا ينام الطفل جيداً، وعندما يستيقظ في اليوم التالي للمدرسة يكون مرهقا ويشعر بالنعاس والقلق وعدم الراحة، وهذه الأشياء بدورها توثر على تحصيله العلمي.> ثانياً: مرحلة الشباب. الشاب أكثر قدرة على التحكم في الحكة التي يسببها المرض، كما أنه أكثر قدرة على التحكم في مشاعره، لكن عندما يصيب المرض الأماكن الظاهرة، كاليدين والوجه، تكون هناك صعوبة في الاختلاط بالزملاء داخل المحيط العملي. كما أن كثيراً من الناس يعتقدون أن وجود حكة يعني وجود عدوى، وهذا أمر غير صحيح، فهذا المرض مرض مناعي جيني داخل الجسم، ولا يُعدي أبداً.> ثالثاً: مرحلة الحياة الزوجية. من المعروف أن جلد المريض يكون في حالة غير جيدة، وبالتالي يفقد النضارة ويكون ملمسه خشنا وبه احمرار، مما يؤثر على الحياة الزوجية بشكل سلبي.- العلاجتحدث إلى «صحتك» البروفسور ستيفن فيلدمان، رئيس أقسام الأمراض الجلدية والباثولوجيا والصحة العامة بكلية الطب بجامعة «ويك فورست (Wake Forest)»، «وينستون سالم (Winston Salem)»، «كارولاينا الشمالية»، ورئيس تحرير «مجلة أمراض وجراحة الجلد» السعودية التي تصدر عن «الجمعية السعودية لأمراض وجراحة الجلد» وأحد المتحدثين في المؤتمر، موضحا أن هناك تطورا كبيرا في علاج «التهاب الجلد التأتبي»، الذي بدأ بالكريمات الموضعية والعلاج الضوئي، وكان على مراحل:- منذ القدم عرف طبيا أن الإكزيما تعالج بالكريمات والدهانات الموضعية التي تحتوي على الكورتيزون بتحضيرات متفاوتة القوة والتركيز. وأيضاً بالمرطبات التي تلين الجلد.- منذ عقد من الزمن، حدثت نقلة نوعية في وسائل العلاج من خلال ظهور كريمات أخرى ذات فاعلية جيدة في العلاج، لا تحتوي على الكورتيزون، وإنما تحتوي على المركب نفسه الموجود في الأدوية الخاصة بتثبيط المناعة التي تعطى لمن سبق أن أجروا عمليات زراعة كبد وكلى مثلا. ومن هذه الأدوية مركب في شكل كريم اسمه التجاري «بروتوبيك»، وآخر اسمه «بايوتوبيك»، وأصبحا يغنيان أيضاً عن الكورتيزون في معظم الحالات.- ومنذ 3 سنوات تقريباً، ظهر دواء ثالث شبيه، إلا إنه لم ينتشر كثيراً بسبب تكلفته العالية، علماً بأنه لم يقدم الكثير عن سابقيه.- حديثا؛ علاج بيولوجي نوعي، استطاع أن يغير حياة مرضى الإكزيما الشديدة والمتوسطة بشكل إيجابي.* ما العلاج البيولوجي النوعي الحديث؟ أجاب البروفسور ستيفن فيلدمان بأن العلماء، أخيرا، تمكنوا من فهم المتسبب في جهاز المناعة بحدوث مرض «التهاب الجلد التأتبي» مما أدى إلى تطوير علاجات جديدة أكثر استهدافا وأمانا. وأحد أول العقاقير البيولوجية التي تم تطويرها «دوبيلوماب (Dupilumab)» المعروف تجاريا باسم «دوبيكسنت» من تصنيع مجموعة «سانوفي - ريجينيرون»، وهو عبارة عن أجسام مضادة أحادية النسيلة، تستهدف بصفة نوعية المتسبب في جهاز المناعة، ويؤخذ عن طريق الحقن تحت الجلد. ويتميز بأنه عالي الكفاءة، وذو استجابة عالية، وآمن، ويعمل بطريقة انتقائية موجهة للهدف، مما جعل نتائجه أفضل وأعراضه الجانبية أقل، خلافا للأدوية المثبطة الأخرى التي تعمل بشكل غير انتقائي وتكون آثارها الجانبية عالية. وقد أظهر نتائج واعدة في تجارب المرحلة الثالثة.وتمت الموافقة عليه العام الماضي 2017 من قبل «إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» ثم «المفوضية الأوروبية (the European Commission)» لعلاج الحالات من المعتدلة إلى الشديدة من المرض، وحديثاً تم اعتماده من قبل «هيئة الغذاء والدواء السعودية» في أكتوبر 2018.- دراسات حديثةأشار البروفسور ستيفن فيلدمان إلى دراستين في هذا الخصوص، نشرت إحداهما في عدد شهر مارس (آذار) 2018 من «المجلة الأميركية لأكاديمية الأمراض الجلدية»، ونشرت الأخرى في عدد مايو (أيار) 2018 من «المجلة البريطانية للأمراض الجلدية» (Br J Dermatol)، وقد ثبت من نتائج الدراستين أن 40 في المائة من المرضى الذين يعانون من مرض «التهاب الجلد التأتبي» بحالتيه المتوسطة والشديدة، تحسنت حالاتهم بعد استخدام عقار «دوبيلوماب» بمفرده لمدة 4 أشهر فقط.وأشارت دراسة ثالثة، نشرت في عدد سبتمبر (أيلول) 2018 من «مجلة الجمعية الأميركية للممارسات التمريضية» (J Am Assoc Nurse Pract)، إلى تحقق تحسن ملحوظ بعد استخدام العقار لمدة 3 أشهر؛ بما في ذلك التحسن في الحكة وفي فقدان النوم.وأضاف البروفسور فيلدمان أن هناك دراسة رابعة قامت باختبار استخدام المستحضر الدوائي «دوبيلوماب» مع الكورتيزون، لمدة 4 سنوات، وكانت النتائج تتسم بالأمان، حيث إن 70 في المائة من المرضى ظهر لديهم مستوى عالٍ من النجاح في علاج المرض وتحسن نوعية الحياة، دون ظهور أعراض جانبية لاستخدام الدواء.وقد وجد أنه مع تناول «دوبيلوماب» بشكل مستمر ومنتظم، تكون احتمالية عودة المرض ضئيلة، وأنه حينما يعود المريض إلى استخدام العلاج، بعد إيقافه لفترة لأي سبب كان، يظل بدرجة الفعالية والكفاءة نفسها، إضافة إلى الرفع الملحوظ في جودة حياة المرضى. وبذلك، فنحن ندخل حقبة جديدة من العلاجات البيولوجية في إدارة هذا المرض.- استشاري طب المجتمع

مشاركة :