قد تتسبب الأجهزة الرقمية في إتلاف محفظتك - ولكن ليس بالطريقة التي قد تعتقدها. وتسمح لنا الهواتف الذكية والأدوات الأخرى بمتابعة أصدقائنا وقراءة الأخبار ومشاهدة مباراة لكرة القدم وحتى تعقب استثماراتنا في أي وقت وفي أي مكان تقريباً. نحن دائماً نعدد المهام، أو نتحرك من جزء من المعلومات إلى التالي، ونادراً ما ننظر إلى معلومة واحدة طويلة بما يكفي لاستيعابها بالكامل. كل هذا له أثر جانبي: إنه يخلق نقصاً في التركيز، مما قد يؤدي إلى ضعف الخيارات المالية. فعندما يتعلق الأمر بأموالنا، فإن صنع القرار الفعال يتطلب عادةً المعلومات والتركيز والتفكير. منذ وقت ليس ببعيد، المعلومات نادرة ولا تتاح لنا طوال الوقت، ووقتها كانت الشكوى أننا نفتقد إلى معلومات لاتخاذ قرارات مالية مستنيرة. لكننا الآن نغرق في البيانات. وما نفتقر إليه هو القدرة على التعامل مع هذه المعلومات المتدفقة بشكل صحيح. لحسن الحظ، أنه في حين أن العالم الرقمي يزيل قدرتنا على التركيز، فإنه في الوقت ذاته يمنحنا أدوات للتخفيف من الضرر الذي قد يلحق بأموالنا. ولتقليل من تلك الأضرار الناتجة عن عدم التركيز، تجنب تعدد المهام، فمن المحتمل أنك تعلم أن تعدد المهام سيئ بالنسبة لتركيزك، مما يؤثر على قدرتك على اتخاذ قرارات فعالة. هذا صحيح بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالقرارات المالية، والتي تتطلب في كثير من الأحيان التنقل بين البدائل المتقاربة والصعبة. هل مخاطر الاستثمار الإضافية تستحق المكافأة المحتملة؟ كيف يتناسب هذا الاستثمار مع محفظتنا؟ هل الآن أفضل وقت لبيع شركة ناشئة ناجحة؟ مثل هذه الأسئلة تحتاج إلى التفكير المتأني، لكن تعدد المهام يتداخل مع قدرتنا على القيام بذلك. على سبيل المثال، أظهر البحث الذي أجراه بابا شيف وألكسندر فيدوريخين أن مطالبة الناس بتذكر بعض الأرقام الإضافية قد يؤدي إلى قصور في التحكم في اختياراتهم، مما يجعلهم أكثر عرضة لاختيار شريحة من كعكة الشوكولاتة مثلاً بدلاً من سلطة فواكه. لماذا هذا؟ أحد الاحتمالات المحتملة هو عدم التركيز فعندما نحاول أن نتذكر عدة أرقام فهذا يؤثر حتماً على المساحة الذهنية المطلوبة لنحسن الاختيار. ونتيجة لذلك، نختار الكعكة، حتى لو كان من المفترض أن نكون في نظام غذائي محدد وأنها ليست ضمن المسموح به. وبالتالي ينتهي بنا الأمر إلى الإنفاق بدلاً من الادخار. وبعبارة أخرى، فإن محاولة القيام بمهام متعددة تجعلنا أسوأ في معظم المهام. والدرس المستفاد من هذا البحث هو أن تعقيد القرارات المالية يستفيد من عملية التفكير التأملي، حتى نتمكن من حشد جميع مواردنا المعرفية على التنقل بين المقايضات الضرورية. لسوء الحظ، تشجع الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة النوع المعاكس، حيث يتم إزعاجنا باستمرار عن طريق الرسائل الإلكترونية الواردة، والنصوص والتنبيهات. إذا كان عليك اتخاذ قرارات مالية كبرى على الشاشة، فيجب عليك القيام بذلك بعد وضع هاتفك وأجهرتك الإلكترونية، على الأقل، في وضع الطائرة أو وضع «عدم الإزعاج». ويجب على المستثمرين اختيار الوقت المناسب من اليوم، فيجب أن يصبحوا أكثر وعيا بالتقلبات في مقدار التركيز الذي نحظى به خلال الأوقات مختلفة من اليوم. لقد توصلت أبحاث أجريت مؤخراً في بريطانيا، إلى أن الناس أقل احتمالا بدرجة كبيرة في التعامل مواقع الإنترنت المعقدة بنجاح في الصباح. أحد التفسيرات المحتملة ينطوي على افتقارنا إلى التركيز، حيث إن الصباح مملوء بالمهام التي تستهلك تركيزنا، من تجهيز الأطفال للذهاب إلى المدرسة إلى متابعة رسائل البريد الإلكتروني المختلفة. إذا بدا هذا منطقياً، فقد ترغب في تأجيل قراراتك المالية حتى وقت لاحق من اليوم. بالطبع، قد يكون لديك أوقات هادئة مثل فترة ما بعد الظهيرة. ولكن كقاعدة عامة، خذ بعين الاعتبار استخدام أحد التطبيقات، مثل ميزة توقيت استخدام الشاشة من آبل، والتي تتعقب وتعرض استخدام جهازك على مدار اليوم، مما قد يمثل تنبيهاً جيدا لمدى مكوثك أمام كم لا نهائي من المعلومات. إذا كنت تفكر في بيع استثمار، على سبيل المثال، لا تضغط على إرسال تعليمات البيع بالبريد الإلكتروني عندما تكون منشغلاً بتوصيل أطفالك إلى المدرسة والاندفاع للعمل. انتظر الحصول على استراحة أولاً.
مشاركة :