الاكتشافات السعودية في مشروع الجزيرة العربية الخضراء تبهر علماء الآثار في العالم وتغير نظرياتهم

  • 12/1/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل التقرير الذي نشرته أخيراً مجلةNature Ecology & Evolutions العالمية الشهيرة المتخصصة في الأبحاث والدراسات الإنسانية عن اكتشاف أول أحفورة بشرية في الجزيرة العربية بالقرب من مدينة تيماء السعودية يقدر عمرها بأكثر من 85،000 عام والذي سبق أن أعلن رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز عنه في محاضرته التي ألقاها في الأكاديمية الفرنسية للنقوش والآداب بباريس في يونيو 2016، يمثل جانبا من الأصداء العلمية العالمية المتتالية على اكتشافات لمشروع الجزيرة العربية الخضراء، واستمرار هذا المشروع العلمي الهام الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وهيئة المساحة الجيولوجية وكلية السياحة والاثار بجامعة الملك سعود ومعهد ماكس بلانك في المانيا في الكشف عن حقائق جديدة أبهرت علماء الآثار والمراكز العالمية على مستوى العالم وغيرت في عدد من نظرياتهم ودراساتهم العلمية. < ونوهت المجلة بأهمية هذه الأحفورة التي تم اكتشافها في موقع الوسطى 1 المجاور لموقع كثيب الغضاة الواقع في نفود تيماء بمنطقة تبوك، وذلك ضمن نتائج أعمال البعثة السعودية الألمانية لمشروع الجزيرة العربية الخضراء في موسم عام 2014 وعثر فيه على فقرة من الأصبع الوسطى للإنسان قدر عمرها بأكثر من 85،000 عام. وتضمن تقرير المجلة معلومات مفصلة عن أعمال مشروع الجزيرة العربية الخضراء وهو برنامج مشترك يركز على دراسة البيئات القديمة في الجزيرة العربية تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وهيئة المساحة الجيولوجية وكلية السياحة والاثار بجامعة الملك سعود ومعهد ماكس بلانك في المانيا، بالإضافة إلى عدد من الجامعات الدولية والمراكز العالمية المتخصصة بالآثار. وأوضح التقرير ان الفريق قام بحفر ثمان مربعات عثر فيها على أحافير وأدوات أثرية ورفات فقاريات وأدوات حجرية إلى جانب أحفورة الأصبع البشري، كما تم العثور على 380 أداة حجرية تظهر بوضوح تقنيات صناعة أدوات العصر الحجري القديم الأوسط أغلبها من الشرت والكوارتزيت، وتشبه هذه الأدوات ما عثر عليه بشرق وشمال شرقي أفريقيا. وأكدت المجلة أن هذا الكشف يظهر أمرا بالغ الأهمية وهو اتساع انتشار الإنسان خارج أفريقيا ووصوله إلى شبه الجزيرة العربية قبل أكثر من 85 ألف عام وذلك من خلال تأريخ أقدم أحفورة بشرية من موقع الوسطى. وذكر تقرير المجلة أن المعلومات المتاحة قبل هذا الاكتشاف كانت تفترض بأن انتشار الإنسان خارج أفريقيا كان في مناطق محددة في مرحلة مبكرة من 90-130 ألف سنة واقتصر على مناطق في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي بلاد الشام، ومرحلة لاحقة من 50-60 ألف سنة في بعض الأجزاء من أوراسيا واستراليا. وتضمن تقرير المجلة معلومات تفصيلية لنتائج أعمال الفريق الذي تمكن من استخراج 860 أحفورة من موقع الوسطى للعديد من الحيوانات، من أبرزها فرس النهر والجاموس العملاق وظبي الماء، ما يدل على ارتباطها الوثيق بحيوانات أفريقيا، إذ تَبين أن عمر مينا ناب فرس النهر83،000 سنة وجذره65،000 سنة، وترسبت جميع هذه الأحافير في حدود 92،200 سنة. وأشارت المجلة الى أن هذه الأحفورة خضعت لعدد من الدراسات التحليلية المركزة في مختبرات متخصصة خارج المملكة للتعرف على خصائصها ومقارنتها بما عثر عليه في مواقع أخرى خارج الجزيرة العربية. كما أعلنت الهيئة مطلع العام الحالي عن اكتشاف أثار أقدام إنسان قديم على ضفة بحيرة قديمة في صحراء النفود على أطراف منطقة تبوك بالمملكة العربية السعودية يعود عمرها إلى 85,000 عام، ما يعد اكتشافا مدهشا ونادرا جداً يظهر اتساع انتشار الإنسان خارج أفريقيا ووصوله إلى شبه الجزيرة العربية ضمن مناطق الهجرات البشرية الأخرى. ويتعاصر هذا الموقع مع أحفورة أصبع إنسان عاقل عثر عليها أخيراً بالقرب من موقع الوسطى في محافظة تيماء يعود عمرها إلى 85,000 سنة، وسبق أن أعلنت عنها الهيئة، ويرجح أنه من أوائل المهاجرين في العصر الحديث إلى الجزيرة العربية وعبر صحراء النفود التي كانت آنذاك مراعي خضراء غنية بالأنهار والبحيرات والمياه العذبة ووفرة الحيوانات التي كانت مصدر غذاء للإنسان. وكان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد أعلن في المحاضرة التي ألقاها في الأكاديمية الفرنسية للنقوش والآداب بباريس في يونيو 2016 عن آخر الاكتشافات الحديثة والمهمة في المملكة والمتمثلة في الكشف عن عظمة بشرية وجدت في البحيرة الجافة بمحافظة تيماء وتعد أقدم عظام بشرية وجدت في الجزيرة العربية. وأوضح الامير سلطان بن سلمان أن المكتشفات الحديثة أثبتت وجود بحيرات وأنهار قديمة كانت السمة العامة للجزيرة العربية، وهو ما يثبت بالدليل العلمي نبوءة نبينا صلى الله عليه وسلم قبل 15 قرناً، إذ قال صلى الله عليه وسلم: «لن تقوم الساعة حتى تعود الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً» وهي دلالة قطعية على أنها كانت كذلك من قبل وذلك ما نؤمن به بدون شك ولا ريب، ولكن الآن نحن أمام دلالات علمية على كون الجزيرة العربية كانت مغطاة بالمروج والأنهار تتقاطع على أرضها. مبينا أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أطلقت مشروع (الجزيرة العربية الخضراء) في عام 2012 بالتعاون مع جامعة أوكسفورد كمبادرة لدراسة العلاقة بين التغييرات المناخية التي تعرضت لها شبه الجزيرة العربية على مر العصور وبين بداية الاستيطان البشري فيها وهجرة البشر إليها عبر قارات العالم القديم حتى الآن، كاشفا العثور في الأطراف الغربية من صحراء النفود على أحفورة «ناب الفيل» ضمن مجموعة كبيرة من الأحافير لحيوانات عدة شملت الغزلان بما فيها المها العربي والأبقار والجواميس البرية والخيل والذئاب وأفراس النهر والنمور والطيور والفيلة، والموقع يمثل بحيرة قديمة تشير الدلائل الأثرية والجيولوجية فيها إلى أن عمرها يزيد على 500 ألف سنة مضت، في حين أرَّخت الأحافير التي وجدت بحوالى 335 ألف سنة قبل الوقت الحاضر. ونوه الأمير سلطان في افتتاح معرض روائع آثار المملكة بمتحف اللوفر أبوظبي الشهر الماضي إلى الأهمية العالمية لمشروع الجزيرة العربية الخضراء، وقال: «نعمل عبر مبادراتٍ مهمةٍ مع منظومة من المؤسساتِ العلميةِ المرموقةِ، ونستخدمُ أحدثَ تقنياتِ الاستكشافِ والبحث العلمي، كمشروع الجزيرة العربية الخضراء (Green Arabia) لرصدِ التحوُّلاتِ المُناخية، وربطِ ذلك بالهجراتِ الإنسانيةِ الأولى، وقد أدى ذلك إلى رصدِ أكثرَ من عشرةِ آلافِ بحيرةٍ جافةٍ تحتَ رمال بلادِنا، وآلافِ الأنهارِ المندفنةِ التي وفرت في حقبةٍ زمنيةٍ ماضيةٍ أرضاً خصبةً للاستقرارِ الإنسانيِّ والحيوانيِّ قبلَ فترةِ التصحُّرِ الحاليِّ، ولقد استشرف ذلك نبي الأمة صلى الله عليه وسلم بقولة (إن الساعةَ لا تقوم حتى تعودَ أرضُ الجزيرةِ العربيةِ مروجاً وانهاراً)، ونحن نؤكد اليوم علمياً أن هذه الأرضَ المباركةَ كانت كذلك سابقا».

مشاركة :