يتسابق عدد من فرق العلماء في أنحاء العالم إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لخلق نسخ رقمية للموتى لتخفيف ألم الفراق على أحبائهم، لكن مدى قرب تلك النسخ من شخصية الموتى يعتمد على حجم الإرث الرقمي الذي تركوه من مدونات وآراء وصور وتسجيلات فيديو. لندن - ينهمك باحثون في معهد “شري ديفي” للتكنولوجيا في الهند على دراسة إمكانية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لخلق شخصيات رقمية افتراضية من الموتى، لتتمكن عوائلهم وأحباؤهم من التواصل معهم بعد موتهم. وذكر موقع “فيز.أورغ” المتخصص في الأبحاث العلمية والتكنولوجيا أن الباحثين شريا ديفاديغا وبهاكتي شيتي، اعتمدا في دراستهما على التطبيق الإلكتروني “ريبليكا أي.آي” للنسخ عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تخليق شخصيات رقمية من أشخاص فارقوا الحياة. وقال ديفاديغا “لقد حصلنا على الفكرة الأساسية من تطبيق ريبليكا أي.آي، الذي ابتكرته العالمة الروسية يوجينيا كيودا، والذي يهدف إلى خلق شخصيات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد الأشخاص على التعبير عن أنفسهم من خلال محادثات مفيدة”. وأضاف أن الإنسان في العصر الحالي حين يفارق الحياة فإنه “يترك وراءه كمّا ضخما من الرسائل النصية والتدوينات وغيرها من التعبيرات والصور وتسجيلات الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي”. بحوث معهد شري ديفي تستند إلى تطبيق ريبليكا أي.آي، الذي ابتكرته العالمة الروسية يوجينيا كيودابحوث معهد شري ديفي تستند إلى تطبيق ريبليكا أي.آي، الذي ابتكرته العالمة الروسية يوجينيا كيودا وأشار إلى أن “أصدقاء المتوفي وأفراد عائلته قد ينسون ذلك الإرث الرقمي الذي تركه، ولكنهم يشعرون لاحقا بالمعاناة بسبب افتقاده، ولذلك فإن هدفنا الأساسي هو بحث السبل من أجل تخفيف آلام الخسارة والفقدان”. وتأخذ نسخة الذكاء الاصطناعي التي يهدف الباحثان إلى ابتكارها شكل شخصية مجسمة تبدو وتتحدث مثل الشخص المتوفي. وتستطيع هذه المنظومة جمع وتحميل البيانات الرقمية للمتوفي عبر تقنيات الحوسبة السحابية. ويقول ديفاديغا إن “التكنولوجيا تسمح لنا اليوم بالتواصل مع برامج الذكاء الاصطناعي التي تقلد شخصية المتوفي”. وأضاف “سوف يتم إرسال رابط دعوة للزبائن الراغبين في إدامة التواصل مع أحبائهم الموتى، وعندما فتح الرابط، سيكون بمقدور المستخدم التواصل مع النسخة الرقمية البديلة للمتوفي”. وأوضح أن “تلك النسخ الرقمية سوف تكتسب أسلوبها في التحاور والحديث من خلال جميع الإرث الرقمي وبضمنه الاتصالات الإلكترونية السابقة التي قام بها الشخص قبل وفاته”. وقال ديفاديغا إن “هذه الخدمة سوف تخلق إنسانا افتراضيا يمكن التحاور معه على خدمات التواصل الاجتماعي مثل واتساب وغيرها” ويمكن أيضا تصنيع روبوت يمثلهم بعد ذلك. ويقول محللون إن ذلك لا يعني استعادة الموتى أو استمرار وجودهم، وأنها تعني فقط استمرار وجود نسخة مقاربة لشخصياتهم لتخفيف فراقهم عن أحبائهم الأحياء. ويمكن لنسخة الذكاء الاصطناعي التي يعمل عليها ديفاديغا وشيتي أن تأخذ شكل روبوت مجسم ويمكن أن يكون مشابها لهيئة الشخص المتوفي. ويقول ديفاديغا إن هذه التكنولوجيا تهدف لتخفيف الخوف من الموت وآلام الفقدان على الأحياء عن طريق إدامة التواصل مع أحبائهم الموتى. بحوث معهد شري ديفي تهدف لتخفيف آلام الفراق عن الأحياء بإدامة التواصل مع الموتىبحوث معهد شري ديفي تهدف لتخفيف آلام الفراق عن الأحياء بإدامة التواصل مع الموتى ولا تزال مثل هذه البحوث في مراحل أولية لكنها يمكن أن تصبح في المستقبل حقيقة ملموسة. ويعتمد مدى قرب النسخة الرقمية من شخصية المتوفي على حجم الإرث الرقمي الذي تركه من التدوينات والأفكار والصور وتسجيلات الفيديو، حيث سيكون من الصعب خلق شخصية رقمية لأشخاص لم يتركوا إرثا مسجلا كبيرا. ولا تعد جهود معهد شري ديفي للتكنولوجيا الوحيدة في العالم. فقد نشرت صحيفة داغن السويدية في فبراير الماضي تقريرا عن بحوث مشابهة تجريها شركة فينيكس لخدمات دفن الموتى، والتي يشير اسمها إلى طائر الفينيق الأسطوري الذي ينهض من الرماد. وذكرت الصحيفة أن الشركة تبحث عن متطوعين يسمحون لها بخلق شخصيات رقمية لأحبائهم الذين فارقوا الحياة. وأضافت أن المرحلة الأولى ستكون برنامج ذكاء اصطناعي مطابق لشخصية الموتى ويتحدث بصوتهم مثل المساعد الرقمي سيري واليكسا ويتفاعل معهم. وتراود الكثير من العلماء اليوم فكرة أبعد من ذلك بكثير وهي الوصول ذات يوم إلى تحميل كامل وعي الإنسان على جهاز روبوت والذي يعني اجتياز حاجز الموت رقميا.
مشاركة :