عبد العزيز الغرير * في عالمنا سريع التغير اليوم، يمكن لفكرة واحدة أن تقلب صناعة ما رأساً على عقب، وعندما يكون أصحاب المشاريع قادرين على الابتكار، فإنهم يحفزون النمو الاقتصادي ويخلقون فرص العمل، كما يمكن لهذه الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تساعد على خلق الفرص للصناعات ذات الصلة.في دولة الإمارات، تعتبر الشركات الصغيرة محركاً للنمو والإبداع والابتكار، وبحسب وزارة الاقتصاد، تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 94% من الشركات العاملة في البلاد، وتوفر وظائف لأكثر من 86% من القوى العاملة في القطاع الخاص، وفي دبي وحدها، تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 95% من إجمالي الشركات، حيث توظف 42% من القوى العاملة وتسهم بحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة. وبينما تسعى المنطقة لبناء اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة، لا بدّ من دعم أصحاب المشاريع كمحرك رئيسي للابتكار لبناء مستقبل مستدام ومزدهر، كما يمكن لأصحاب المشاريع رفع مستوى معيشة الأفراد من خلال توفير حلول جديدة، تعزز بدورها مستويات سعادة ورفاهية مجتمعاتهم. والأهم من ذلك، يمكن لأصحاب المشاريع أن يكونوا أدوات فاعلة للتغيير الاجتماعي. فهم، يفتحون الباب أمامنا للابتعاد عن الحلول التقليدية بفضل ابتكاراتهم، بما يسمح بتحسين نوعية الحياة والروح المعنوية للمجتمعات التي يعملون ضمنها. وحكومة دولة الإمارات تقوم بالفعل بعمل رائع في تعزيز ثقافة الابتكار في البلاد، ومن الأمثلة على ذلك حصول الدولة على المركز الحادي عشر لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال بحسب تقرير البنك الدولي، وذلك من بين 190 اقتصاداً عالمياً، وهذا الإنجاز ثمرة الإصلاحات المختلفة التي تتخذها الحكومة. ويمكن للمؤسسات الخاصة القيام بدور أكبر في دعم ريادة الأعمال والابتكار من خلال دعم الشركات المحلية، ونحن في بنك المشرق ندرك حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة لتجارة وتمويل رأس المال المتداول وندعم نمو وتطور الأعمال في دولة الإمارات، ومع ذلك، فإن تقاسم المعرفة يوازي بأهميته الدعم المالي، نحن نعمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة لضمان العثور على الحل المناسب لأعمالها، والذي يتم تقديمه بأكثر الطرق كفاءة وفعالية، ونقوم من خلال خدمات التمويل ورأس المال المتداول المرنة التي نوفرها بتزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بحلول السحوبات على المكشوف والقروض قصيرة الأجل، وهنا أؤكد من جديد أهمية أن تقدم المؤسسات الخاصة الدعم بشكل يتجاوز التمويل العادي. أصبح الشباب الإماراتي اليوم أكثر إدراكاً لأهمية التعليم الجيّد باعتباره المفتاح لإطلاق العنان لإمكانياتهم الكاملة، وفي ظل العصر الرقمي، هناك وعي متزايد حول أهمية الوظائف المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ما يعني بأن نسبة لا بأس بها من أفراد الجيل القادم من المهندسين والأطباء سيكونون مواطنين إماراتيين. ولهذا الأمر أهميته الخاصة مع تقدم البلاد نحو التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، ولا يمكن التقليل من شأن ضرورة مشاركة الشباب الإماراتي في هذا التحول، لقد كان لدى والدي قناعة راسخة بأن التحدي الأكبر الذي يواجه الشباب العربي هو الوصول إلى تعليم جيد، ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، نحن ملتزمون بضمان انتقال 5000 طالب إماراتي من مرحلة التعليم الثانوي لمرحلة التعليم العالي خلال العقد المقبل، وذلك من خلال مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم. قد يكون من الصعب على أصحاب المشاريع استقطاب أفضل المواهب وتأمين التمويل والسبب يتلخص في التكاليف، ومع ذلك، هناك طرق عديدة لجذب أفضل المواهب إلى شركتك بالرغم من القيود المالية، وبرأيي، فإنك حين تبني ثقافة مناسبة وموجهة للأفراد الموهوبين في شركتك، فمن المرجح أن يعطوا الأولوية لها على حساب الاعتبارات المالية، ولا بد من الإشارة إلى أن بناء ثقافة متينة للشركة ليس بالأمر السهل، بل يتطلب من أصحاب المشاريع وضع استراتيجية أعمال جيدة منذ البداية. وأما بالنسبة للتمويل، فهو يتطلب أكثر من مجرد ميزانية عمومية واعدة وتوقعات مبيعات كبيرة، وبالرغم من أن توقعات وجود عائد صحي على الاستثمار هو عامل محفز، يأخذ العديد من المستثمرين بعين الاعتبار إذا ما كان صاحب المشروع المعني وشركته متوافقين مع القيم والثقافة التي يلتزمون بها، ولذا، عليك تحديد ما تمثله أنت وشركتك ومن ثم التوجه إلى المستثمرين الذين يحملون قيماً مماثلة، وبهذه الحالة يكون هناك تفاعل أكبر وترتفع فرص الحصول على التمويل والدعم. ونحن في بنك «المشرق» نسأل أنفسنا دائماً: «هل هناك حلّ أفضل؟» أو «كيف يمكننا تحسين ما نقوم به؟» وفي نهاية المطاف، يتمثل الهدف الرئيسي من سعينا للابتكار في تمكين عملائنا، وجعل حياتهم أكثر سهولة وبساطة وخدمتهم بشكل أسرع.نحن نؤمن من خلال فلسفتنا التي يقودها الابتكار بأن الجمع بين روح ريادة الأعمال للشركات الناشئة وقوة البنك التقليدي تجعل من المشرق بنكاً رائداً في مجال الخدمات المصرفية الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة. نحن نعتقد بأننا مسؤولون كشركة عن ضمان تقوية مجتمعنا، وكمؤسسة انطلقت جذورها من هذا البلد، فإن التوطين هو مجال نهتم به بشكل خاص، إذ نقوم بتسخير موارد كبيرة لتوظيف وتدريب وتطوير واستبقاء الموظفين الإماراتيين ضمن مؤسستنا. ولتحقيق هذه الغاية، قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم مع كليات التقنيات العليا وجامعة زايد من أجل وضع العديد من البرامج المخصصة لمنحهم مزايا العمل والخبرة أثناء الدراسة. إن الاستثمار في المواهب المحلية هو أمر ضروري لأي بلد ففوائده لا تقتصر على تعزيز الاقتصاد المحلي فحسب، بل تمتد إلى بناء الموارد البشرية رفيعة المستوى التي يحتاج إليها، كما أن الاستثمار في المواهب المحلية يعني أن تتغلغل القيم الإماراتية في مجال العمل، بما يضمن الحفاظ على قيم دولتنا وتحديد طريقة ممارستنا للأعمال، وهذا أمر هام للغاية في بناء الهوية الوطنية التي نفخر بها. إن جودة الموارد البشرية في أي بلد هي أهم رصيد لديه، ونحن محظوظون بدعم هذه القضية لضمان تحول دولة الإمارات إلى اقتصاد قائم على المعرفة. نصائح لأصحاب المشاريع في دولة الإمارات 1.أول وأهم نصيحة أقدمها لأصحاب المشاريع الإماراتيين، ولأيّ صاحب مشروع، هي المثابرة في العمل، فمهما كانت الفكرة أو الاستراتيجية عظيمة، لن تكون جيدة إلا عند تنفيذها بشكل جيد. 2.من الضروري أن تكون مطلعاً بشكل جيد على بيئة الأعمال المحيطة: إن وجود ثغرة في السوق لا يعني بالضرورة بأن هناك سوقاً لها، قم بالبحث بشكل جيد قبل الدخول في عالم تنظيم المشاريع، قم بدراسة السوق وحاول التأكد من الحجم المحتمل للفرص المتاحة. 3.الإصغاء لعملائك هو الأهم، ففي عالم اليوم الذي يفيض بالمعلومات، يجب على كل صاحب مشروع أن يصغي جيداً لعملائه، عليك أن تفهم شكواهم وتقوم بجهد حقيقي لمعالجتها. 4. من الضروري أيضاً مواصلة التعلم، فإن أصحاب المشاريع الناجحين يخوضون رحلة تعلم مستمرة، سواء من خلال قراءة الكتب أو حضور المؤتمرات والجلسات التدريبية، ومن المهم للغاية الاستمرار في التعلم لكي تحافظ على تقدمك. 5. وأخيراً، ليكن لديك شخص يشرف على توجيهك، كان لدى معظم أصحاب المشاريع الذين نجحوا في ترك بصمتهم شخص يوجههم في مشوارهم ويساعدهم على المضي قدماً في عالم تنظيم المشاريع، وحين توضع جميع هذه الأمور في مكانها الصحيح، فإن فرص النجاح سوف تتعاظم. * الرئيس التنفيذي لبنك المشرق، رئيس اتحاد مصارف الإمارات