أسباب تدعو إلى القلق بشأن الركود التضخمي

  • 12/2/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بعث ألان غرينسبان، الرئيس الأسبق لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بين عامي 1987 و2006، برجفة شديدة سرت بين أوساط المستثمرين مؤخراً.ففي مقابلة أجراها معه المحاور ديفيد روبنشتاين في برنامج «محادثات النظراء» على شبكة «بلومبرغ» الإخبارية، حذر السيد غرينسبان من أن الولايات المتحدة قد تكون قاب قوسين أو أدنى من فترة ركود تضخمي كبيرة، وهي عبارة عن مزيج نادر الحدوث من التضخم المرتفع ومعدلات البطالة العالية.كانت المرة الأخيرة التي شهدت فيها الولايات المتحدة وضعاً مماثلاً في سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، ولا تزال ذكراها المؤلمة تطارد أولئك الذين عاصروها وعاينوها بأنفسهم وقتها. ولقد وثب معدل التضخم الشهري في الولايات المتحدة إلى 9.8 نقطة مئوية في عام 1980 من 2.9 نقطة مئوية في عام 1972، وذلك وفقاً لمؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي الأساسي، وهو مقياس النفقات الاستهلاكية الشخصية باستثناء الغذاء والطاقة، ومقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي. وفي الأثناء ذاتها، ارتفع معدل البطالة إلى 10.8 نقطة مئوية في عام 1982 من 3.5 نقطة مئوية في عام 1969، وفقاً لمكتب الإحصاءات العمالية الأميركي.بالنسبة إلى أبناء الجيل العاشر (الجيل إكس) – الذي أنتمي إليه – والأجيال اللاحقة عليه، فإن الركود التضخمي يعود لتاريخ قديم. فلم يتجاوز معدل التضخم السنوي 3 نقاط مئوية حتى عام 1993 واستقر متوسطه عند 1.8 نقطة مئوية منذ ذلك الحين. ويبلغ معدل البطالة الحالي 3.7 نقطة مئوية، وهو المعدل الأدنى منذ عام 1969.ومع ذلك، سرعان ما تواردت الآثار المترتبة على ارتفاع التضخم والبطالة إلى أذهان المستثمرين. وطبقاً للتقاليد، فمن شأن ارتفاع التضخم أن يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة، وانخفاض أسعار السندات، وبالتالي تدمير محافظ السندات. ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة أيضاً أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم، نظراً لأن أرباح الشركات المستقبلية سوف تنخفض قيمتها مع الخصومات ذات المعدلات الأعلى. وسوف يحدث كل ذلك عندما يعتمد كثير من المستثمرين على المدخرات لتعويض الفاقد من ارتفاع تكاليف المعيشة والنوبات المحتملة لارتفاع معدلات البطالة.ومن غير الواضح، رغم ذلك، مدى ما يمكن الاعتماد عليه من هذه الحكمة المتداولة. أجل، عندما يرتفع التضخم تميل أسعار الفائدة إلى تتبع خطواته. وقد كانت الرابطة بين التضخم على أساس سنوي والعائدات على سندات الخزانة ذات السنوات العشر إيجابية وبقوة (0.76) منذ عام 1959، وهو أول عام تتوافر فيه الأرقام المسجلة لمؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي الأساسي. (ويشير الارتباط بنسبة واحد في المائة إلى أن هناك متغيرين يتحركان بصورة متزامنة على المسار نفسه، في حين أن الارتباط السلبي بنسبة واحد في المائة يشير إلى أن المتغيرين يتحركان بصورة متزامنة في اتجاهين متعاكسين).غير أن ذلك لم يُترجم إلى أي علاقة ذات مغزى بين التضخم والعائد من السندات الحكومية طويلة الأجل على مدى الستين سنة الماضية. وكان الارتباط بين الاثنين ضعيفاً على مدار عام واحد فقط (0.07-)، وعلى مدار 3 أعوام (0.11-)، وعلى مدار 5 أعوام (0.08-)، وعلى مدار 10 أعوام (0.10). وبعبارة أخرى، عندما يرتفع التضخم، فإن أي شخص يمكنه التخمين بشأن أداء السندات.ولم تختلف الأسهم عن ذلك في شيء. فقد كانت العلاقة ضعيفة بين التضخم والعائدات الإجمالية لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، ومرة أخرى، كان الارتباط ضعيفاً على مدار العام الواحد (0.06-)، وعلى مدار السنوات الثلاث (0.04-)، وعلى مدار السنوات الخمس (0.02-)، وعلى مدار السنوات العشر (0.12). وليس من الآمن الافتراض أن ارتفاع التضخم سوف يعصف بالأسهم.وليس من الواضح أن «الأسهم» و«السندات» تبدوان أسوأ حالاً بعد ضبط التضخم. والارتباط بين التضخم والعائدات الحقيقية لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» كان أقوى بقدر طفيف، ولكنه أضعف منه على أساس عام واحد (0.19-)، وعلى أساس 3 أعوام (0.26-)، وعلى أساس 5 أعوام (0.29-)، وعلى أساس 10 أعوام (0.24-).لذلك، حتى وإن ارتفع التضخم إلى مستويات مثيرة للقلق، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن الأسهم لن تواكب ذلك الارتفاع؛ بل في حقيقة الأمر، شهد الركود التضخمي ارتفاعاً كثيفاً بين عامي 1973 و1982، وبلغ متوسط العائدات الحقيقية لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نسبة 0.2 في المائة على فترات متتالية لمدة عام واحد، وبلغ نسبة 0.4 في المائة على أساس سنوي على مدى 3 سنوات، ونسبة 0.4 في المائة السلبية على أساس سنوي على مدى 5 سنوات. وهذا ليس سيئاً بالنظر إلى أن تلك الفترة تتضمن انهيار سوق الأسهم بين عامي 1973 و1974، وكان من أسوأ الانهيارات المسجلة على الإطلاق.وشهدت العائدات الحقيقية للسندات صعوبات كبيرة في مواكبة ارتفاع التضخم، ولكن لمرة أخرى، فإن أسوأ العواقب أبعد من أن تكون مؤكدة. والارتباط بين التضخم والعائدات الحقيقية من السندات الحكومية طويلة الأجل كان ضعيفاً على فترة العام الواحد (0.26-)، رغم تحسنه على فترة السنوات الثلاث (0.43)، والسنوات الخمس (0.45-)، والسنوات العشر (0.53-).ومن المنطقي أن تشهد السندات، بخلاف الأسهم، أوقاتاً عصيبة في مكافحة التضخم. ويعني التضخم أن أسعار كثير من سلع وخدمات الشركات مستمرة في الارتفاع، إلى جانب تكاليف الإنتاج. وينبغي لأرباح الشركات – وأسعار الأسهم التمويلية – أن تعكس التغيرات الجارية على التضخم. وتفتقر السندات إلى مثل هذه المرونة، خصوصاً بالنسبة للسندات طويلة الأجل ذات المعدلات الثابتة.وحتى مع ذلك، فإن الفترة بين عامي 1973 و1982 لم تكن فترة كارثية بالنسبة للمستثمرين في السندات؛ إذ بلغ متوسط العائد الحقيقي من السندات الحكومية طويلة الأجل نسبة 2.3 في المائة على مدى سنة واحدة فقط، ونسبة 2.6 السلبية على أساس سنوي لمدة 3 سنوات، ونسبة 1.9 في المائة السلبية على أساس سنوي لمدة 5 سنوات.وهناك كثير من الأسباب التي تدعو إلى القلق بشأن الركود التضخمي، والقيام بكل ما هو ممكن من أجل تفادي تكرار وقوع أزمة السبعينات. ولكن، الانهيار المؤكد لمحافظ المستثمرين ليس من بين هذه الأسباب على أي حال.- بالاتفاق مع «بلومبرغ»

مشاركة :