كثيراً ما أجد التساؤل المثقل في الأوساط الثقافية والاجتماعية عن سر التوتر المتفاقم في البيئة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وعندما نفتش بدقة عن الإجابة، نجد أولئك الخونة والمندسين بين شعوبهم، الذين يتاجرون بأوطانهم ويبيعونها بالثمن البخس تحت شعارات الوطنية البراقة، يخدعون بها البسطاء ترويجاً لأحزابهم وأيديولوجياتهم. وفي هذا المقال، سنستعرض سمات أربعاً تمثل الخطوط العريضة التي تجمع مشروعات الخيانة في جغرافيتنا العربية، وللقارئ الكريم أن يسرح بخياله الجامح، ويقيس عليها ملامح الجوقة الارتزاقية كتنظيم الإخوان وحزب الله وجماعة الحوثي وتنظيم الحمدين وبقايا اليساريين القوميين وسواهم كثير. أولى هذه السمات هي التأطير الفكري العقيم، الذي يمنعهم من قراءة الواقع السياسي اليوم، على الرغم من التباين الصارخ فيما بينهم في العقائد والرؤى والأفكار، فهم يحملون أيديولوجيا تقيد رؤاهم وأفكارهم، وتعيقهم عن الانفتاحية والاتزانية التي تضمن النهوض بأوطانهم وبلدانهم، فهذه الأيديولوجيا في عقليتهم ونظرهم أكبر من أوطانهم، ولذا هم مخلصون لأبجدياتها السطحية، مقابل أن يضيعوا مقدرات وطنهم برمتها، وهم مخلصون لمؤسسي أيديولوجياتهم المقبورين، وأقوالهم وتنظيراتهم، كقوالب عقلية مؤطرة دون أي التفاتة إلى قراءة الواقع أو تلمس لحاجة المجتمع، فالأيديولوجيا تمثل سداً منيعاً أمام استعادة عقولهم ووطنيتهم. والسمة الثانية أنهم يمثلون حجر عثرة في طريق التنمية في أوطانهم، فيساومون على أي مشروع وطني أو قومي حتى يتم تلقيمهم بحصة مالية، أو لتمرير جزء من أجندتهم الموبوءة: فالحوثي مثلاً يمنع وصول المساعدات الإغاثية إلى الجغرافيا المتضررة إلا بشروط تعجيزية، أو بتسلم حصته منها!!، وحزب الله يتعنت في تشكيل الحكومة اللبنانية في بيروت إلا بشروطه العبثية، حتى وصل به الحال إلى منع النظافة العامة في شوارع وأحياء بيروت، فتحولت بيروت إلى كومة صاخبة من النفايات المكدسة، وهي المدينة التي كان العرب يفاخرون بها العالم، ويلقبونها بباريس الشرق. والسمة الثالثة أنهم يحملون في رؤيتهم وأفكارهم وكتاباتهم مشروعات وأجندات ملتوية، هذه الأجندة أغلبها مرتبط بجهات خارجية تمولهم في أوطانهم، وتستعملهم كورقة سياسية في المنطقة، وربما تبيعهم لو دعت الحاجة، فحزب الله في لبنان يصرح علانية بأن وطنه رهن إشارة طهران، وما الحوثي المغفل عنه ببعيد! والسمة الرابعة أنهم يملكون منصات إعلامية ومنابر دعائية (تقليدية وإلكترونية) تصرخ في ظاهرها بشعارات الوطنية، وتنتهج لغة المشاعر الإنسانية، وتداعب مشاعر البسطاء والعوام، وتخاطب غوغائية الجمهور؛ حيث ترسم مستقبلهم بالأحلام الواهية، وتشغلهم عن واقع أوطانهم، وهذا نجده جلياً في القنوات الإيرانية والحوثية والمتعاطفة مع الإخوان. وأخيراً - من وجهة نظري المتواضعة - هذه أهم السمات والخطوط العريضة لأولئك المتربصين والمرجفين وأعداء التنمية في منطقتنا العربية.
مشاركة :