تلاميذ المدارس الابتدائية في بريطانيا يدرسون علوم الكمبيوتر

  • 12/2/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في غرفة صفية بلا نوافذ في مدرسة بارو هيل جونيور شمالي لندن، مجموعة صغيرة من الأطفال في سن تسع وعشر سنوات يحاولون بكل حماس تصميم لعبة فيديو خاصة بهم باستخدام لغة الترميز سكراتش Scratch. المعلمة سوزي تيرنر تساعد أحد الطلاب، يدعى آسال، على كتابة الرمز الصحيح لتوجيه سفينة عبر متاهة، فتقول لآسال الذي يبدو خجولا: "لا يمكنك تخطي كل تلك الخطوات في الوسط. فهي موجودة لسبب ما؛ كي تبني عليها". المعلمة تيرنر واحدة من 40 ألف معلم ومعلمة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، أصبحوا جزءا من أكبر تجربة حكومية في العالم لتعليم الحوسبة. سيتم تدريب المعلمين، الذين ليس لدى كثير منهم خلفية كمبيوترية، من قبل شركة راسبيري بي آي Raspberry Pi الناشئة، التي تبيع الكمبيوتر البريطاني الأكثر شعبية في العالم إلى زبائن يراوحون من محطة الفضاء الدولية إلى تلاميذ المدارس في ويلز. تعهدت الحكومة بتوفير تمويل يبلغ 78 مليون جنيه استرليني، بعد ذلك سينتشر المعلمون لتدريس علوم الكمبيوتر للأطفال في كل مدرسة في إنجلترا. فيليب كوليجان، الرئيس التنفيذي لشركة راسبيري بي آي، قال: "لم نشهد من قبل أي دعم كهذا من ناحية الحجم والشمولية تقدمه حكومة أي دولة في دول العالم، وهو أمر مثير بالفعل". وأضاف: "الجمع بين التركيز على تدريب المعلمين، والالتزام بالموضوع، وإتاحة المصادر ليحصل عليها المعلمون خارج الفصول المدرسية - هذا مزيج رائع من الاستثمار". سيتولى فريق من "راسبيري بي آي" وشريكتاها، "ستيم ليرنينيج" (تدرس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات) وجمعية الكمبيوتر البريطانية، توفير برنامج لمعلمي المدارس الابتدائية والثانوية، يشتمل على مصادر تعليمية مجانية، وتدريب على المستوى الوطني، وإصدار الشهادات. خلال السنوات الأربع المقبلة، سيتم عقد ورشات عمل مباشرة في 40 مدرسة في المناطق ذات الأداء الجيد، بعد ذلك ستوفر هذه المدارس التدريب للمدارس المجاورة لها. في بلدان أخرى عادة ما يكون تدريب المعلمين على علوم الكمبيوتر مدموجا مع مواد علمية أخرى، أو يتم تمويله من خلال أعمال خيرية. في الولايات المتحدة، تقول منظمة Code.org، وهي منظمة غير ربحية، إن 900 ألف معلم يستخدمون مصادرها التعليمية، لكن فقط أكثر من ثلث المدارس الثانوية هي التي تُدرّس علوم الكمبيوتر. ويتم التمويل عن طريق تبرعات الشركات وكذلك من أموال الدولة أو الاحتياطي الفيدرالي. وتعمل ورش العمل في الغالب من خلال شبكة من شركاء التنفيذ المحليين الذين يوفرون التدريب. ويمثل تمويل المملكة المتحدة لهذا التدريب جزءا من مبلغ 100 مليون جنيه استرليني من الأموال التي أعلن عنها وزير المالية في الميزانية الأخيرة، وهو (بحسب حصة الفرد) استثمار من قِبل الحكومة غير مسبوق. قال كوليجان: "لدينا كثير من المعلمين هم أنفسهم لا يملكون مؤهلات في علم الكمبيوتر ويحاولون تدريس منهج دراسي مليء بالتحديات. جزء كبير من المال يذهب إلى المنح الدراسية. سندفع للمدارس المبالغ التي كانت ستدفعها لخروج المعلم من المدرسة ليوم واحد. كثير من المدارس لا يستطيع تحمل تكاليف إرسال معلميها للتدريب، لذا سيكون هذا رائعا للمدارس في المناطق المتضررة". تيرنر، رئيسة شعبة الرياضيات في مدرسة بارو هيل، ذكرت أنها طُلب منها تدريس الحوسبة قبل عامين، على الرغم من عدم معرفتها بهذة المادة. وكانت في الصباح تدرس اللغة الإنجليزية والرياضيات، وتدرس الحوسبة في فترة بعد الظهر. قالت: "جئت إلى هذه المدرسة وأنا لا أعرف أي شيء عن الترميز ولم يكن لدي تدريب يزيد عن التدريب الذي حظي به أي شخص آخر من معلمينا". في العام الماضي كانت تأتي إلى "نادي الترميز" Code Club، وهو اجتماع معلمين في فترة ما بعد الدوام المدرسي تديره "راسبيري بي آي" ـ حضرته "فاينانشيال تايمز" ـ في قرية بارو هيل. اليوم يوجد أكثر من ستة آلاف من هذه الأندية في جميع أنحاء البلاد، كل مجموعة يدربها أحد معلمي المدارس، ليصلوا إلى ما يقدر بـ 110 آلاف طفل كل أسبوع. وتعتقد تيرنر أن "معظم المدارس سيكون لديها معلم مثلي ليس متخصصا، يؤدي هذا الدور إلى جانب مهام أخرى". وأضافت: "إذا كان المنهج التدريبي (الذي وضعته "راسبيري بي آي") مؤلف من أشياء يمكن للمعلمين أداؤها بسرعة وبسهولة، خلال فترات قصيرة على الإنترنت، سيكون ذلك مثاليا، لأن هناك الكثير من ضغط الوقت". عندما أسس إيبين أبتون "راسبيري بي آي" في عام 2008، كان الهدف جذب الشباب إلى التكنولوجيا. قال أبتون: "بدأنا في العام الذي تقدم فيه أقل عدد من الطلاب لقسم علوم الكمبيوتر في كامبريدج. تراجعنا من 600 طلب في عام 1999 نزولا حتى وصلنا بالكاد إلى 200 طلب في عام 2008. ألقى إريك شميدت (الرئيس التنفيذي السابق لجوجل) محاضرة كانت ناقدة للغاية لكيفية تعليم الكمبيوتر لدينا - قال هذا بلد (ألان) تورينج (مخترع الكمبيوتر) والآن أذهب إلى المدارس لأجد الأطفال يتعلمون برنامج باور بوينت. لقد كان مريعا". الشركة غير الربحية صممت أجهزة كمبيوتر بحجم بطاقات الائتمان، بسعر خمسة دولارات، يُمكن برمجتها من قِبل أي شخص، بدءا من مهندس مختبر إلى طفل. في آخر الإحصاءات، باعت "راسبيري بي آي" 23 مليونا من هذه الأجهزة وتعمل مع شركاء آخرين بينهم "جوجل" و"آرم" و"سيسكو". ويعمل متطوعو المؤسسة الخيرية مع الأطفال لإلهام الإبداع باستخدام أجهزة كمبيوتر "بي آي" وغيرها من الأجهزة، ما نتج عنه مشاريع تتضمن الأنظمة الصوتية لـ "جوجل هوم" والتجارب الفضائية وكذلك برامج الدردشة "شاتبوتس". قال كوليجان: "كنت طفلا في الثمانينيات من القرن الماضي، أذكر مختبر الكمبيوتر الذي كان يجري إنشاؤه في مدرستي. اعتدت أنا وصديقي على نسخ مئات الأسطر من الرموز من المجلات لإنشاء ألعاب على كمبيوتر ZX Spectrum". وأضاف: "ما نفعله الآن في هذا البلد أكثر منهجية وأكثر أهمية وطموحا مما كان في ذلك الوقت. لو نظرنا إلى الوراء وقلنا إن ذلك كان عصرا ذهبيا للحوسبة البريطانية، فما الذي يمكن أن نراه الآن؟".

مشاركة :