حملة تشجّع على «مثنى وثلاث ورباع» في الجزائر

  • 1/30/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

فجّرت قيود قانونية وُضعت في طريق «تعدد الزوجات» جدلاً سياسياً وإعلامياً في الجزائر، تسبب في إنعاش «الزواج العرفي». وهي القضية التي أثارتها نعيمة صالحي، زعيمة حزب زعيمة حزب «عدالة والبيان»(إسلامي) المغمور، التي تشدد على تحقيق مبدأ ديني ثابت «مثنى وثلاث ورباع». ولم تكن صالحي تتخيّل أن يثير تعليق لها نشر على صفحتها الخاصة في الـ «فايسبوك»، تلك الموجة من الجدل السياسي والمجتمعي على مدى أسابيع، بعد أن شجّعت على «تعدد الزوجات» المكفول شرعاً لكنه تعرّض لقيود منذ عشر سنوات. وتفضّل صالحي في تصريح لـ «الحياة» أن يتخذ زوجها امرأة ثانية وحتى ثالثة، على أن «يصفعني(...) هذا حقه وقد منحه إياه الشرع». وعوض أن يُفسد المجــتمع ويذهب إلى علب الليل، فيتسبب في وجود أمــهات عازبـــات ولا يستــطيع العــــيش من دون زوجـــة أخرى، وضع له الإسلام حلاً وهو تعدد الزوجات. وقالت صالحي إنها تقبل بلقب «ضرّة» تشارك زوجها امرأة أخرى، وحتى أنها تسهّل له المهمة بالبحث عن زوجة، وذلك عندما يطلب ذلك. خليلات أم حليلات؟ وتنتقد صالحي بشدة قانون الأسرة الصادر عام 2005، الذي يقضي بموافقة المرأة الأولى. وقد أثارت مبادرتها انتقادات من جمعيات محسوبة على التيار العلماني. وهي ردّت متسائلة إن كانت عضواتها يردن أن يبقين خليلات أم يصبحن حليلات. والقانون الذي سنّته الحكومة وصادق عليه البرلمان قبل 10 سنوات، يمنع الرجل أن يتزوج ثانية من دون موافقة الزوجة الأولى، أو الثالثة من دون موافقة الأولى والثانية، أو الرابعة من دون موافقة الأولى والثانية والثالثة. وأطلقت مبادرات عدة كالتي أقدمت عليها صالحي، منها صفحة «معاً لسنّ قانون تشجيع تعدد الزوجات في الجزائر» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما أنشئت مواقع إلكترونية خصصت للباحثين عن زوجة ثانية. ويؤكّد المحامي والقانوني عمار خبابة لـ «الحياة» رفضه لما طرحه قانون الأسرة عام 2005، كونه آلية تحدّ من تعدد الزوجات و»نتيجتها عكس ما هو منتظر، إذ يضطر الرجال إلى الارتباط بامرأة أخرى عبر الزواج العرفي (الاستناد إلى الفاتحة عقداً شرعياً من دون تدوين الزواج قانونياً)، ثم يذهبون إلى المحكمة لتوثيقه لاسيما أن القانون يسمح بذلك». واعتبر خبابة أن هذا القانون أحد أسباب ارتفاع نسبة العنوسة في الجزائر، ويدل على إقرار قوانين من دون دراسات أو استشارات، ومن دون أن تكون نابعة من صلب هذا المجتمع وتعبّر عن حاجاته. وحمّل الحكومة مسؤولية الخضوع لضغط جمعيات نسوية تتبع الغرب، موضحاً أن «التدخّل في خصوصيات المواطنين باستشارة الزوجة الأولى أمام القاضي قبل عقد القران على الثانية مع تقديم ما يثبت لي الاستطاعة المادية على إعالة أسرة ثانية أمر غريب عن مجتمعنا». وقبل قانون 2005، كان الزوج يُعلم الزوجة الأولى ولها الاختيار إما البقاء أو طلب الطلاق. وبالتالي، يرى خبابة التعديلات التي أدخلت عليه إجحافاً وغلواً مفرطاً بالتدخّل في الخصوصيات. وقد استعرض حالات غالباً ما كانت الزوجة الأولى ترفض، وهو ما يبقي على رباطهما غير مثبّت في المحكمة، أو الوقوع في علاقات غير شرعية، وربما لا ترثه ولا يكون لها منحة التقاعد. وقد ينجم عن هذا الارتباط مولود يعكّر صفو المواطنين إذ يصبح عالة على مجتمعه. رفض ذكوري ويبدو أن مبادرة تعدد الزوجات لم تلقَ رواجاً لدى سياسيين، إذ يعتبر أحمد قوراية، رئيس حزب جبهة الشباب الديموقراطي للمواطنة (علماني) أنه «لا توجد امرأة تقبل أن تشارك أخرى زوجها، إلا إذا كانت مريضة نفسياً أو عاجزة بدنياً أو يائسة في حياتها». ويضيف: «على من يريد تكريس تعدد الزوجات في الجزائر أن يبدأ بنفسه، وإن كانت امرأة فلتبدأ بتطبيق هذه المسألة في بيتها أولاً، لنقتدي بها بعد أن نرى السعادة تنطلق وتنير تجربتها». كما طالب قوراية الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بإنشاء صندوق وطني للزواج يستفيد منه الشباب المعوز، وتسهيل منح السكن لهم ووظيفة لكل متزوّج حتى نقضي على ظاهرة العنوسة». وكانت الحكومة جمدت عام 2006 نشاط جمعيات خيرية، كانت تزوّج الشباب غير القادر على تحمّل أعباء هذا الفرض الاجتماعي، منها «الجمعية الخيرية الإسلامية» للشيخ شمس الدين بوروبي. وفي هذا الصدد، قال مسؤول «جبهة الصحوة الإسلامية» (غير معتمدة) عبدالفتاح حمداش زراوي، «إن منع العمل الخيري والإصلاحي من الحكومة، ساهم كثيراً في تنامي ظاهرة العنوسة، وعدم قدرة الشباب على تحمّل تكاليف الزواج»، مشيراً إلى وجود 12 مليوناً بين امرأة عانس ورجل تجاوز سن الزواج بكثير ولم يكمل نصف دينه، عازياً أهم أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى منع السلطة نشاط هذه الجمعيات. ولم يكشف زرواي، الذي يقود حزباً سلفياً مصدر إحصاءاته، لكن موقع «إذاعة هولندا العالمية» أورد أخيراً أن الجزائر بأكثر من 5 ملايين عانس تحتل الموقع الأول من حيث العنوسة في بلدان المغرب العربي، يليها المغرب بـ 4 ملايين ثم تونس بمليونين، وليبيا بحوالى 300 ألف عانس. وهذه الأرقام مرشحة للارتفاع بفعل تغيّر البنية الاجتماعية والأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة. وأكد زرواي أن «هذه الظاهرة خطيرة جداً، فقد تسببت في شرخ النسيج المدني، وأثّرت على اللحمة الاجتماعية».

مشاركة :