متابعات(ضوء): الشيخ الدكتور وليد الصمعاني قاضي في ديوان المظالم وناقش في شهر رجب عام 1433هـ في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياضرسالة الدكتوراه المقدمة إلى قسم السياسة الشرعية وذلك تحت عنوان (السلطة التقديرية للقاضي الإداري - دراسة تأصيلية تطبيقية). وقد تكونت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من كل من: معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى, وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء مقرراً, ومعالي الدكتور عصام بن سعد بن سعيد, رئيس هيئة الخبراء بمجلس الوزراء عضواً, ومعالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل, مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضواً, وقد حصل الشيخ على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى, والتوصية بطباعة الرسالة وتبادلها مع الجامعات في الداخل والخارج. لقاء سابق مع معاليه أنظمة مكافحة التزوير ليست مرنة.. والعقوبات المنصوص عليها أدت إلى ضعف استيعاب الوقائع المستجدة أكد الشيخ وليد بن محمد الصمعاني القاضي بديوان المظالم في الرياض أن العقوبات المقررة في نظام مكافحة التزوير ليست مرنة ولا تستوعب جميع الوقائع التي تعرض على القضاء. وقال في حوار لالرياض إن عدم المرونة في العقوبات المنصوص عليها في النظام أدى إلى ضعف استيعاب الوقائع المستجدة، مشيرا إلى إن النظام لم يراعِ الظروف المشددة والمخففة المقررة شرعاً ونظاماً، مطالبا في الوقت ذاته بتغليظ العقوبات المالية بحق المزورين. وتواصلالرياض مناقشة نظام مكافحة التزوير وأثره في الحد من الشهادات العلمية المزورة، وتستعرض آراء المختصين حول حق بنات الوطن اللواتي وثقن بمن منحنه الثقة في التعاقد مع أكاديميات يتولين تعليمهن وتطوير مستواهن العلمي والعملي إلا أنهن تفاجأن باستقدام مزوراتٍ لا يفقهن في تخصصهن شيئاً. وخلصنا في الحلقة الماضية إلى ضرورة معاقبة لجان التعاقد مع المزورين أو منعهم - على أقل الأحوال - من التعاقد مرةً أخرى إذ تبيّن أن التعاقد مع منء يثبت تزويره لمؤهله دون التحري والوقوف على حقيقة مؤهلاته وقدراته لاشك أنه يعد تقصيراً من الموظف أو اللجنة المكلفة بذلك، وهذا التقصير يستلزم التحقيق والمساءلة. وسنكمل اليوم تحقيقنا باستعراض أبرز الملاحظات على نظام مكافحة التزوير الذي صدر قبل تسعة وأربعين عاماً ولا زال العمل به على اليوم، وسنلمح إلى العقوبات المقررة في هذا النظام ومدى مرونتها واستيعابها لجميع الوقائع التي تعرض على القضاء، وعن الحد الأعلى فيها الذي يعد قليلاً نسبياً لا يوازي خطورة بعض جرائم التزوير خصوصاً في وقتنا الحالي.. إلى نص الحوار: @ الرياض بداية نود نلقي الضوء على أبرز الملاحظات على نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (114) وتاريخ 1380/11/26ه، والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (53) وتاريخ 1382/11/5ه .. - الصمعاني: فيما يخص تحديد ماهية التزوير وطرقه وأنواعه، فمن المهم أن يحيط النظام بطرق التزوير بشكل دقيق وواضح، كما أن من المهم قبل ذلك أن يتضمن النظام: تحديداً دقيقاً لمحل التزوير المعاقب عليه نظاماً، وذلك من أجل أن يستوعب جميع الصور والطرق التي تجد للتزوير في الوقت الحاضر، بما يغني عن ضرورة تعديله كلما ظهرت طريقة أو صورة جديدة للتزوير. والملاحظ أن مواد النظام لم تتضمن حصراً دقيقاً لتلك الطرق، كما أنها في الوقت ذاته لم تحدد مفهوماً واضحاً يستوعب كافة طرق التزوير وصوره، مما أوجد عدداً من الإشكاليات في التطبيق القضائي، ولعل مرد ذلك - بالإضافة إلى أسباب أخرى - الصياغة الموجزة جداً للنظام، على خلاف المفترض في الأنظمة الجنائية التي يجب أن تكون على قدر من الصراحة والوضوح والحسم. كما أنه من المفترض النص على أحكام جريمة التزوير كجريمة مستقلة، إضافة جريمة الاستعمال، على اعتبار أن النظام لم يفصل بينهما بحدود واضحة، فإذا كان التزوير يعني: تغيير الحقيقة بطريقة مخصوصة على نحو يرتب ضرراً على الغير مع وجود نية استعماله فيما زور من أجله؛ فإن الاستعمال يعني: التمسك بالشيء المزوَر والاحتجاج به، وبالتالي فإنه يتصور وجود تزوير دون استعمال، كما يتصور ارتكاب جريمة الاستعمال دون القيام بالتزوير. ورغم ذلك فإن الاستعمال لم يستقل بمادة من مواد النظام، وإن تضمنه عجز المادة السادسة منه، مما أوجد عدم الدقة والتنظيم في النظام. - وأيضاً فإن التزوير كواقعة إجرامية يدخل تحته العديد من الصور والطرق فهناك التزوير الذي يقع بالترك المتعمد، وهو ما يعبر عنه بالتزوير السلبي، بحيث يترك الشخص بعض البيانات في المحرر على نحو متعمد من أجل تحقيق هدف مضر بالآخرين، إضافة إلى التزوير المعنوي الذي لا يصيب المحرر في مظهره أو شكله، ومن ثَم لا يمكن كشفه من خلال النظر إلى المحرر، ومثاله: ماذا لو أثبت الموظف في ورقة رسمية انتقاله إلى موقع معين ومعاينته له، بينما الحقيقة أنه لم يقم بذلك. وكذلك الأمر بالنسبة لانتحال شخصية الغير؛ إذ إن القضاء الجزائي في ديوان المظالم قد اعتبر ذلك من التزوير المعنوي المعاقب عليه. وكذلك الأمر بالنسبة للمساس بالصور؛ إذ لم يحسم النظام الخلاف في اعتبار المساس بها تزويراً إلى أن صدر قرار مجلس الوزراء رقم (3) وتاريخ 1406/1/3ه الذي عد المساس بالصورة الشمسية المثبتة على الأوراق الرسمية وغير الرسمية جريمة معاقبا عليها بالمادة الخامسة من النظام. كما أن النظام لم يتطرق إلى التزوير في وسائل الاتصال الحديثة كما سبق تفصيله. ومن المهم الإشارة - هنا - إلى أنه لا وجه للقول إن ذلك متروك للتطبيق فحسب؛ ذلك أن الأصل هو التفسير الضيق للنصوص الجنائية وعدم القياس عليها أو التوسع فيها. @ الرياض يرى العديد من المهتمين بالشأن الحقوقي في المملكة أن العقوبات المقررة في هذا النظام ليست مرنة ولا تستوعب جميع الوقائع التي تعرض على القضاء، وأيضاً الحد الأعلى فيها يعد قليلاً نسبياً لا يوازي خطورة بعض جرائم التزوير خصوصاً في وقتنا الحالي.. فما مرئياتكم حيال ذلك؟؟ - الصمعاني: فيما يخص العقوبات التي تضمنها النظام هناك عدة ملاحظات نجملها في الآتي: 1- عدم المرونة بالنسبة للعقوبات التي تضمنها النظام، وقد تمثل ذلك من جهتين: الأولى: وضع حد أدنى للعقوبات التي تضمنها النظام. وهذا الأمر يجعل النظام لا يستوعب جميع الوقائع التي يحكمها، وهو ما تبين من الواقع العملي؛ على اعتبار أن ذلك أوجد نوعاً من التقارب بين الجرائم المتفاوتة، كما أنه يخالف المنهج الأمثل في تحديد العقوبات الجنائية المتضمن عدم وضع حد أدنى لها، وخاصة بالنسبة للعقوبة السالبة للحرية، مع رفع الحد الأعلى لتلك العقوبة، كما هو الحال بالنسبة لنظام مكافحة الرشوة، ومعلوم أن جريمة الرشوة لا تقل بأي حال من الأحوال عن جريمة التزوير، غير أن هذا الأمر لم يلحظ رغم أهميته، فالتزوير كواقعة قانونية لها درجات مختلفة من حيث القصد الإجرامي، ومن حيث الضرر المترتب عليها إلى غير ذلك من الأمور التي يجب مراعاتها عند صياغة النص العقابي. الثانية: إيجاب الجمع بين العقوبة السالبة للحرية والغرامة المالية في كل مواد النظام، وهذا ولاشك كسابقه يخالف المنهج الأولى بالإتباع من حيث جواز الجمع بين العقوبتين أو الاكتفاء بإحداهما. وقد نتج عن ذلك أن النظام لم يراعِ الظروف المشددة والمخففة المقررة شرعاً ونظاماً، على اعتبار أنها من الإطلاقات المتروكة للقضاء، حيث إن ضمانات القضاء وإجراءاته المعروفة هي خير وسيلة لإيقاع العقوبة على الوجه الأمثل من حيث مراعاة نوعية الجريمة المرتكبة، وحال المجرم، وأثر الجريمة على المجتمع، وهذه من المسائل التي لا يمكن النص عليها في الأنظمة أو تبنيها من الهيئة التنظيمية، بل الواجب رسم حدودها العامة وترك التطبيق فيها للقضاء الذي تخضع تقديراته للمراجعة عن طريق تعدد درجات القضاء. 2- أن الحد الأعلى في العقوبات قليل نسبياً ولا يوازي الخطورة التي تمثلها بعض جرائم التزوير - خاصة في الوقت الحالي -، وبالتالي فإنه من المفترض زيادة الحد الأعلى لتلك العقوبات، ولاسيما الغرامة المالية على اعتبار أنها تحقق في بعض الأحيان الوسيلة المثلى للزجر والردع. 3- أنه من المبادئ المتعارف عليها في الأنظمة المقارنة أن التزوير حين يقع من موظف مسئول؛ فإن عقوبته تكون أشد، إلا أن المادة الخامسة من النظام خالفت ذلك المبدأ حين عاقبت الموظف الذي يقع منه التزوير بعقوبة واحدة هي السجن، بينما تضمنت المادة السادسة إضافة الغرامة المالية على المزور إذا لم يكن موظفاً!. @ الرياض يرى بعض الباحثين في الأنظمة عدم انسجام مواد نظام مكافحة التزوير فيما بينها.. فهل يوافق فضيلتكم تلك الرؤية؟ - الصمعاني: نعم إن الناظر في مواد النظام يلحظ عدم ترابطها رغم قلتها، إضافة إلى ورود بعض التعارض الذي لا يتضمن استثناء بالطريقة المتعارف عليها، ومثال ذلك: أن المادتين الخامسة والسادسة من النظام شملتا تزوير جميع المحررات الرسمية واستعمالها، إلا إن المادتين الثامنة والتاسعة جاءت ببعض الجرائم المستثناة من الجرائم المنصوص عليها في المادتين الخامسة والسادسة دون تحديد دقيق وواضح لتلك الجرائم، وجعلت لها عقوبات مخففة، مما أوجد إشكاليات في التطبيق القضائي نتج عنه تعطيل بعض مواد النظام. كما أن ضعف الصياغة أمرٌ ظاهر من حيث عدم وضوح مدلول بعض مواد النظام كما هو الحال بالنسبة للمادة الخامسة التي انتهجت طريق تعداد طرق التزوير غير أن هذا التعداد لم يكن حاصراً، إضافة إلى عدم وجود تعريف دقيق يشمل تلك الطرق بضابط صالح للتطبيق، إضافة إلى أن المادة العاشرة نصت على طرق تزوير الأوراق العرفية وعقوبتها ولم تبين عقوبة الاستعمال.. - وأما عدم ترتيب المواد، فكما سبق تفصيله، فإن الترتيب المنطقي للنظام كان يستلزم البدء في تحديد ماهية التزوير وطرقه، وبيان كل طريقة أساسية وعقوبتها سواء تعلقت بختم أو ورقة رسمية أو مصرفية أو عرفية أو وسيلة الكترونية، كل على حدة، إضافة إلى إيجاد نص لجريمة الاستعمال، ونص يتعلق ببعض صور التزوير الأخرى كالتزوير السلبي والمعنوي، هذا بشكل عام، غير أن النظام توسع في ذكر الطرق كما في المادة الخامسة واختصر في المواد الأخرى، ودمج جريمة الاستعمال في المادة السادسة، ونص على بعض الصور المستثناة في المادة الثامنة والتاسعة بطريقة غير دقيقة. @ الرياض نسمع أحياناً عن عبارة التزوير (المفضوح) وأن الشخص لا يعاقب إذا ارتكب تزويراً مفضوحاً، فما أصل ذلك؟ - الصمعاني: ركن الضرر والتزوير: التزوير الظاهر أو ما يعبر عنه - أحياناً - ب(التزوير المفضوح) يمثل إحدى الحالات التي تؤكد اختلاف جرائم التزوير من ناحية الخطورة والأثر؛ إذ إنه بالإضافة إلى ركني جريمة التزوير المادي والمعنوي يوجد ركن الضرر، ويقصد به: أنه لابد من قيام جريمة التزوير أن يوجد ضرر مترتب عليها ولو كان ذلك الضرر محتملاً، ومن ثَم فلا وجه لقيام جريمة التزوير النظامية في حال انتفاء الضرر من التغيير في المحرر، كما هو الحال بالنسبة لاصطناع محرر لإثبات حق لا نزاع فيه، أو لإثبات دين تم الوفاء به، ففي هذه الحالة لا عقوبة، ولا يفهم من ذلك أن الشخص القائم بهذه الأفعال غير مخطئ، ولكن النظر هنا إلى الفعل ذاته هل يعد تزويراً يستحق العقوبة النظامية المنصوص عليها أو لا؟ إذ يمكن معاقبة الشخص عن هذا الفعل بعقوبة أخرى، كما هو الحال بالنسبة لما يعبر عنه بالتزوير المفضوح، والذي يكون التزوير فيه ظاهراً بشكل كبير مما لا يتصور معه انخداع أي شخص بذلك التزوير، وبالتالي لا يتصور وجود ضرر من هذا التزوير، غير أن ذلك لا يحول دون معاقبة الشخص بعقوبة تعزيرية؛ لكذبه. وهذا هو مقتضى العدالة والمنطق السليم؛ إذ إن نظم العقوبات الخاصة إنما وجدت للحد من بعض الجرائم ذات النوعية الخاصة التي ينتج عنها ضرر بالغ على المجتمع وتعاملاته؛ ومن ثَم كان النظام متناولاً للوقائع التي تحدث ذلك الضرر دون غيرها، وبالتالي يوقع على مرتكبها العقوبة التي تعد بالمقياس العام زاجرة وخاصة نظراً لعظم الجرم المرتكب أو نوعيته الخاصة، غير أن ذلك لا يستدعي بطبيعة الحال أن تحشر مع هذه الجرائم الخاصة جرائم ومخالفات أخرى، ومن ثم فإن عدم معاقبة الشخص على اعتبار أن فعله لا يعد تزويراً لا يعني الحيلولة دون معاقبته بعقوبة أخرى، وهذا ما عليه الحال بالنسبة لنظام مكافحة الرشوة حيث لا يعاقب المرتشي في الشركات الخاصة نظاماً، وهذا لا يعني عدم إيقاع أي عقوبة أخرى عليه. @ الرياض هل ترون أن نظام مكافحة التزوير قد أغفل مصادرة المال الحاصل نتيجة استعمال المحرر أو الشهادة المزورة؟ وماذا تقترحون حيال ذلك؟ - الصمعاني: بالنسبة لعقوبة المصادرة؛ فإن النظام لم يتطرق للمصادرة حسب مفهومها الشرعي والنظامي، وإنما ورد في المادة الرابعة أنه: (يغرم الفاعل الأصلي والشريك المروج للأشياء المزورة إضافة إلى العقوبات السابقة بجميع المبالغ التي تسبب بخسارتها للخزينة أو للشركات أو للمصارف أو للأفراد). والواقع أن هذا النص غير دقيق في الصياغة؛ إذ إن تفسيره محل خلاف: هل يقصد به الغرامة أو التعويض في صورة رد المبالغ التي تسبب المزور في خسارتها للأشخاص المتضررين؟ والمعروف أن الغرامة بمفهومها الشرعي والنظامي تؤول إلى خزينة الدولة، وهو ما لا يمكن القول به هنا، خاصة مع عجز المادة التي يظهر منها تعويض الأشخاص المتضررين، وبالتالي كان من الأولى التعبير بلفظ (الرد) أو (التعويض) مع جعل ذلك في مادة مستقلة؛ ليشمل جميع أنواع التزوير، ولا يقصر على ما تضمنته المادة الرابعة فقط. وأما إيراد المصادرة في نظام مكافحة التزوير، فإن من طبيعة المصادرة أنها عقوبة تكميلية، عينية، بمعنى أنه لابد من النص عليها في الحكم، وأن تكون واردة على شيء مضبوط أثناء كشف الجريمة، وبالتالي فأرى أنه لا محل لإيرادها في نظام مكافحة التزوير مع الحكم برد المال الذي تسبب المزور في خسارته، كما أن المصادرة غالباً ما تقع في الجرائم التي يكون محلها مالاً بشكل عام كالرشوة، والتزييف - أحياناً - وبالتالي يكون للنص على المصادرة وجه، مع ملاحظة أنه يجب أن لا تمس المصادرة أموال الغير حسني النية، وهم الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالجريمة، أما في التزوير فإن غالب الأموال المتحصل عليها من التزوير تكون مستحقة لأشخاص غير مشتركين في الجريمة، ومن ثم فلا محل شرعا أو نظاماً للقول بمصادرة هذه الأموال، بل يجب إلزام المزور بردها. كما أن تضمن النظام للغرامة المالية، ووجوب رد الأموال التي تسبب المزور في خسارتها للغير كافٍ في هذا الأمر. @ الرياض سمعنا عن وقف تنفيذ العقوبة عن مزورة بسبب إبدائها التوبة والندم.. فهل يحق للقاضي أن يوقف تنفيذ العقوبة؟ وإلى أي أساس يستند في ذلك؟ وما الضابط في وقف تنفيذ العقوبة؟ - الصمعاني: وقف تنفيذ العقوبة ليس مقصوراً على جريمة التزوير؛ بل هو حكم نظامي مقرر لكافة الجرائم التي صدرت أنظمة لها كالرشوة، وقد ورد النص عليه في المادة الثانية والثلاثين من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم ( 190) وتاريخ 1409/11/16ه حيث نصت على أنه: (للدائرة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سِنُه أو ظروفِه الشخصية أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة، أو غير ذلك مما يبعث على القناعة بوقف التنفيذ، أنَّ تنُص في حُكمِها على وقف تنفيذ العقوبة، ولا أثر لذلك الإيقاف على الجزاءات التأديبية التي يخضع لها المحكوم عليه. ويُلغى الإيقاف إذا أُدين المحكوم عليه أمام إحدى دوائر الديوان بعقوبة بدنية في قضية جزائية أُخرى ارتكبها خِلال ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحُكم الموقوف تنفيذُه نهائياً). ومن المقرر أن وقف تنفيذ العقوبة لا يصار إليه إلا عند وجود النص الدال عليه، كما أنه يعد استثناء من الأصل؛ إذ إن الأصل هو تنفيذ العقوبة المحكوم بها، ومن الثابت أن الاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه. كما أن وقف التنفيذ له ضوابط وشروط، ولا يمكن الأخذ به على إطلاقه، فهناك شروط متعلقة بالجريمة ذاتها والنظر إلى آثارها، وهناك شروط متعلقة بالمحكوم عليه نفسه، فلابد من وجود أسباب ثابتة تبعث على القناعة بعدم خطورته، ووجود ظروف شخصية معتبرة له، وأن فعله لا يدل على تأصل النزعة الإجرامية لديه، وقد أشارت المادة أعلاه إلى شيء من ذلك، كما أن بعض الأنظمة المقارنة قد قيدت وقف التنفيذ بأن لا تزيد مدة السجن فيه عن سنة. كما أن هناك بعض الضوابط المستقرة قضاء، وذلك مثل عدم وقف تنفيذ العقوبة في حال الحكم بأعلى من حدها الأدنى، وهذا في حال وجود حد أدنى للجريمة، إضافة إلى وجوب تسبيب الحكم بوقف تنفيذ العقوبة من أجل تحقيق الرقابة القضائية على الحكم بصورة كاملة، ومحققة للعدالة. ومن ذلك يتبين أن وقف تنفيذ العقوبة إذا تمت ممارسته ضمن مجاله المحدد، وفي إطار ضوابطه الصحيحة؛ فإنه يكون عوناً في تحقيق العدالة والاستقرار في المجتمع، ويكون مكملاً للنظام العقابي في الدولة، وذلك بتلافيه للسلبيات التي قد تحصل من جراء تنفيذ العقوبة في بعض الأحيان. @ الرياض ما مدى قناعتكم بالغرامة المالية الواردة في نظام مكافحة التزوير الذي صدر قبل 48سنة؟ - الصمعاني: إن الإجابة على هذا السؤال ترتبط بما سبق الإشارة إليه فيما يتعلق إلى طبيعة الأنظمة الجنائية، ولاسيما القسم الخاص منها، والذي ينتمي إليه نظام مكافحة التزوير؛ على اعتبار أن تلك الأنظمة تتسم بطابع التطور والتغير تبعاً لاختلاف الظروف والزمان والمكان، وهذا ما يتأكد بالنسبة لجريمة التزوير بشكل أكبر، حيث إن طبيعة المجتمع الحالي تختلف بشكل كبير عن طبيعته إبان صدور النظام الحالي؛ إذ حدثت في مجتمعنا تطورات متسارعة ومعقدة، وبالتالي فإن الغرامة المالية الواردة في النظام لا يمكن القول إنها مناسبة البتة، خاصة وأن هذه الجريمة تفترض زيادة الغرامة المالية بحيث يمكن أن تغطي كافة وقائع التزوير المختلفة، ولاسيما ما يتعلق بالتزوير بقصد الحصول على الأموال؛ إذ يكون من المناسب في هذه الحالة تغليظ الغرامة المالية في حق المزور معاملة له بنقيض قصده. 0 | 0 | 0
مشاركة :