رسائل تهدئة متبادلة بين حزب الله وإسرائيل بعد يومٍ من التصعيد المؤقت

  • 1/30/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت رويترز ألمحت إسرائيل وجماعة حزب الله أمس الخميس إلى عدم الرغبة في تصعيد الاشتباكات التي دارت بينهما على الحدود أمس الأول وقَتَل خلالها مسلحون لبنانيون جنديّيَن إسرائيليّيَن رداً على ضربة جوية في سوريا أسفرت عن مقتل عددٍ من قياديي حزب الله الأسبوع قبل الماضي. وأعلنت إسرائيل أنها تلقَّت رسالة من قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان «يونيفيل» مفادها أن حزب الله ليست لديه الرغبة في مزيد من التصعيد. في الوقت نفسه، أفاد مصدر لبناني مطَّلع على الموقف بأن إسرائيل أبلغت حزب الله عبر «يونيفيل» بأنها «ستكتفي بما حصل الأربعاء وأنها لا تريد توسيع المعركة». ورداً على سؤالٍ لإذاعة الجيش الإسرائيلي عما إذا كان حزب الله سعى للتهدئة، قال وزير الدفاع، موشيه يعلون، إنه «توجد خطوط تنسيق بيننا وبين لبنان عبر (يونيفيل)، وتم تسلم رسالة بهذا المعنى من لبنان فعلاً». وقُتِلَ أمس الأول رائدٌ في مشاة الجيش الإسرائيلي ومجنَّد عندما كانا يستقلان سيارتين مدنيتين لا تحملان أي إشارة على طول الحدود اللبنانية. وردَّت إسرائيل بقصف مدفعي وجوي ما أدى إلى مقتل جندي إسباني يعمل ضمن القوات الدولية المنتشرة في جنوب لبنان. وفيما ألقى السفير الإسباني لدى الأمم المتحدة باللائمة على النيران الإسرائيلية في مقتل الجندي، قالت إسرائيل إن نائب وزير خارجيتها التقى بالسفير الإسباني لديها للتعبير عن أسفه ووعد بإجراء تحقيق. ويعد هذا الصدام الأخطر على تلك الحدود منذ عام 2006 عندما خاض حزب الله وإسرائيل حرباً استمرت 34 يوماً. وبدت منطقة الحدود الإسرائيلية- اللبنانية هادئة أمس الخميس، على الرغم من أن وسائل الإعلام اللبنانية أفادت بتحليق طائرات دون طيار تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية. ويبدو أن لدى الطرفين مصلحة في تجنب مزيد من التصعيد، إذ إن حزب الله المدعوم من إيران منشغل حالياً بدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب التي يخوضها ضد معارضيه، كما أنه يأخذ في الاعتبار التهديد بالدمار في لبنان في حال دخل حرباً مفتوحة مع إسرائيل. أما إسرائيل التي تستعد لإجراء انتخابات عامة في 17 مارس، فلم تنسَ بعد تكاليف هجومها على قطاع غزة العام الماضي ضد مقاتلين فلسطينيين يملكون أسلحة ضئيلة قياساً بصواريخ حزب الله بعيدة المدى. وعلى المستوى اللبناني الرسمي، أكد مجلس الوزراء عقب اجتماعه أمس ضرورة تجنيب البلاد «الانزلاق نحو تدهور أمني واسع في الجنوب تكون له انعكاسات خطيرة». وأشار المجلس في بيانه إلى حرصه على «استتباب الأمن والاستقرار في الجنوب والمناطق اللبنانية كافة وضرورة تفويت الفرصة على العدو الإسرائيلي وعدم جر لبنان إلى مواجهة واسعة تهدد دول المنطقة وشعوبها والسلم الإقليمي برمته». لكن مؤشرات الرغبة في التهدئة لن تمنع القوات الإسرائيلية من البقاء في حالة استعداد وجاهزية. وقال وزير الدفاع يعلون في مقابلة إذاعية «لا يمكنني القول إن الأحداث باتت وراء ظهرنا، وإلى أن تهدأ المنطقة تماماً ستظل قوات الدفاع الإسرائيلية مستعدة وجاهزة». ووصف الوزير الإسرائيلي هجوم حزب الله الأربعاء بأنه جاء «انتقاماً» لهجوم إسرائيلي نُفِّذَ في الـ 18 من يناير الجاري في جنوب سوريا وأسفر عن مقتل أعضاء بارزين في حزب الله وضابط إيراني كبير. ولم تعترف إسرائيل رسمياً بشن الغارة، لكن يعلون قال إنها أخَّرت جهود حزب الله وإيران لـ «فتح جبهة جديدة» ضد إسرائيل من مرتفعات الجولان السورية. واستخدم الحزب اللبناني في هجوم الأربعاء صواريخ مضادة للدبابات من طراز كورنيت أُطلِقَت من مسافة تتراوح بين 4 و5 كيلومترات، بحسب متحدث باسم الجيش الإسرائيلي هو اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر. وربط المتحدث بين مهارة حزب الله في هذا الهجوم وتدخله في سوريا؛ قائلاً «هذا لا ينبغي أن يشكل مفاجأة كبيرة نظراً لأنه اكتسب كثيراً من الخبرة القتالية على مدى العامين الماضيين». من جهتهم، لم يؤكد مسؤولو «يونيفيل» على الفور أو ينفوا الرسائل بين حزب الله وإسرائيل. وتقول قوة «يونيفيل» إنها ليست لديها اتصالات مع حزب الله لكنها على اتصال بالحكومة اللبنانية و«حزب الله جزءٌ منها». وذكر المتحدث باسم «يونيفيل»، أندريا تنينتي، أن رئيس البعثة كان على اتصال وثيق مع الجانبين طوال يوم أمس الأول. وقال تنينتي إن قناة الاتصال «ما تزال مفتوحة الآن وتبقى دائماً مفتوحة من أجل مطالبة كافة الأطراف بممارسة أقصى درجات ضبط النفس». وبالتزامن، شنت القوات الإسرائيلية حملة بحثاً عن أنفاق يشتبه في أن يكون حزب الله استخدمها لإرسال مقاتلين عبر الحدود، وهو تكتيك كان يستخدمه مقاتلو حركة حماس الفلسطينية خلال حرب غزة العام الماضي. لكن يعلون أكد لراديو الجيش الإسرائيلي أنه «لم يتم العثور على أنفاق حتى الآن». بدورها، رأت صحف لبنانية في بعض تفاصيل إقدام حزب الله على مهاجمة موكب إسرائيلي عند الحدود اللبنانية- الإسرائيلية رداً على غارة الجولان؛ تأكيداً على عدم رغبة الحزب في التصعيد وإشعال حرب مع إسرائيل. وكتبت صحيفة «السفير» المؤيدة للحزب «كان واضحاً أن انتقاء المزارع، هو إلى حد ما الخيار الآمن الذي يوفق بين حتمية الرد وبين الرغبة في عدم التصعيد، إذ إن المزارع هي منطقة لبنانية محتلة تقع خارج نطاق القرار 1701 الذي أنهى حرب العام 2006». وذكرت الصحيفة أن «الحزب وضع في حساباته أيضاً أن الرد عبر الجولان وما سيليه من تداعيات، قد يؤدي إلى إحراج حليفه السوري المنشغل بمواجهة القوى التكفيرية، وربما إلى تدحرج المنطقة كلها نحو مواجهة واسعة، وهو الأمر الذي لا يريده الحزب». كما رأت صحيفة «اللواء» أن «الهدوء الذي ساد الحدود عقب توقف القصف الإسرائيلي، وعدم حصول أي نزوح للأهالي؛ كلها مؤشرات على أن الحزب لا يعيش أجواء التصعيد». ويُفترَض أن يلقي حسن نصر الله خطاباً اليوم الجمعة يتناول فيه الغارة الإسرائيلية على الجولان ورد حزب الله عليها. وفي لندن، دعا وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، إلى ضرورة الالتزام بضبط النفس بعد التوترات التي شهدتها الحدود اللبنانية- الإسرائيلية. وأبدى الوزير، في بيانٍ نشره موقع الوزارة أمس، قلقه الشديد «بعد سماع أنباء وقوع اشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي صباح الأربعاء؛ أفضت إلى وقوع إصابات خطيرة». وحث هاموند «كافة الأطراف على ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس واجتناب مزيد من التصعيد».

مشاركة :