المطرية تئن تحت وطأة «عنف الإخوان» و «التحريض الإعلامي» من مؤيدي الحكم

  • 1/30/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بينما كان المذيع يطالب، عبر منبره الإعلامي، الشرطة بمحاصرة حي المطرية (شرق القاهرة) وبالقسوة في التعامل مع التظاهرات التي شهدها الحي في الذكرى الرابعة لثورة يناير، وتخللها أعمال عنف واسعة، كان خالد مصطفى يجلس في أحد المقاهي المطلة على شارع الخارجة الرئيسي في الحي الشعبي، يحتسي الشاي ويدخن الشيشة، مستنكراً حديث المذيع الإعلامي البارز، ومبدياً تخوفه من «تحريض» وسائل الإعلام على شن «حملة أمنية ضارية على المطرية». كانت آثار المعركة الحامية الوطيس على شارع الحرية وميدان المطرية، ما زالت ظاهرة بوضوح لزائر المطرية. فرائحة الغاز المسيل للدموع ما زالت عالقة في الهواء، وكذلك مخلفات الحرائق وإطارات السيارات المحترقة المتراكمة على جنبات الشوارع. كما كانت مدرعات الشرطة والجيش ما زالت منتشرة في الحي. غير أن الحياة بدت تسير على عادتها، في أحد أكبر أحياء القاهرة تكدساً سكانياً. فعلى بعد أمتار من المنطقة التي تركزت فيها المواجهات بين عناصر «جماعة الإخوان» وقوات الشرطة والتي سقط خلالها نحو 25 قتيلاً، كان سكان المطرية يمضون حياتهم الطبيعية، وكأنهم في وادٍ آخر. ويقول خالد مصطفى وهو مهندس شاب: «نستغرب حديث الإعلام على مدى الأيام الماضية، فقد ظل يتحدث عن اشتعال المطرية، وانتشار الإرهابيين في الحي، فيما كانت الشوارع تكتظ بالمارة والسيارات. كأنهم كانوا يتحدث عن مكان غير ذلك الذي نعيش فيه». ويوضح مصطفى لـ «الحياة»: «اعتدنا على تظاهرات الإخوان في كل جمعة، وكثيراً ما يسقط ضحايا»، عازياً تركّز تظاهرات «الإخوان» في المطرية إلى أن المنطقة «ملتقى لعدد من الأحياء المتاخمة، إذ يأتيها المتظاهرون من أحياء عين شمس والمرج وشبرا وعدد من المحافظات المتاخمة للقاهرة، فضلاً عن أن عدداً من الشباب المنتمين إلى الإخوان قُتلوا خلال عملية فض اعتصام الجماعة في رابعة العدوية، وبالتالي فهي تعد رمزاً لهم». ويتابع: «شاهد ما يكتبونه (أي مناصري الإخوان) ويرددونه في منابر إعلامهم: يريدون اصطناع مظلومية جديدة. وللأسف، وسائل الإعلام المؤيدة للحكم، تساعدهم في ذلك (من خلال التحريض على شن حملة أمنية على المطرية)». لكن كان واضحاً أن دعوات الحشد والتظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي لقيت إقبالاً كبيراً من قبل مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في المطرية. غير أن مصطفى ينفي أن هناك «وجوداً كبيراً للإخوان في الحي». إذ يلفت إلى أن ميدان الحي نفسه شهد واحدة من أكبر التظاهرات المطالبة بسقوط حكم جماعة «الإخوان» في 30 حزيران (يونيو) العام 2013، «كما عمّت الاحتفالات في الحي في أعقاب إعلان وزير الدفاع في حينها عبدالفتاح السيسي عزل الرئيس السابق محمد مرسي». ويبدي مصطفى الآن تخوفه من أن يؤدي «تحريض» وسائل الإعلام إلى «استنفار أجهزة الأمن ومن ثم تشديد قبضتها على الحي». وركزت وسائل إعلام مصرية خلال الأيام الماضية على أحداث العنف التي شهدتها المطرية، وظل مؤيديون إعلاميون للحكم المصري ينادون قوات الشرطة لمحاصرة الحي و «القضاء على الإرهابيين». وبالفعل نزل كبار المسؤولين إلى الحي، فتفقد أول من أمس وزير الداخلية محمد إبراهيم قوات الشرطة في المطرية، كما زارها محافظ القاهرة. وتعد المطرية أحد أكبر الأحياء القاهرية التي ينتشر فيها الأقباط، وتتواجد على بعد أمتار من ميدانها «شجرة مريم» التي يُقال إن السيدة العذراء مكثت أسفلها لفترة خلال رحلتها في مصر. كما تنتشر فيها الكنائس التي تمثّل ثلاث طوائف مسيحية. ولا يشعر الأقباط في المطرية بـ «الغربة» في الحي، بل إن «العلاقات بين الطوائف (بين المسلمين والمسيحيين) لا تشوبها أي شائبة في حيّنا»، وفقاً لماريا دميان التي التقتها «الحياة» وهي تخرج لتوها من كنيسة العذراء مريم في المطرية. وتقول: «ظواهر العنف غريبة على المطرية، فمنذ الطفولة وأنا على صلات صداقة مع الجيران المسلمين، لا حديث بيننا عن فرز أو تقسيم طائفي، بل على العكس نتزاور في الأعياد، وأغلب من حضروا زواجي داخل الكنيسة كانوا من مسلمي الحي». وتتفق دميان مع مصطفى في أن المطرية «لا يتواجد فيها الإخوان بكثرة، وإنما يتوافدون من المناطق المتاخمة». لكنها تلفت النظر إلى استمرار سيطرة جماعة «الإخوان» على أحد أشهر مساجد المطرية، مسجد النور المحمدي الذي يتواسط بين المطرية وعين شمس، «كما يتواجد أعداد من البلطجية والمستأجرين داخل المطرية لا سيما في الشوارع العشوائية، والذين يسهل استئجارهم في أعمال العنف، وهؤلاء لديهم رغبة عارمة في عدم عودة الأمن إلى مصر وبالتالي يريدون إسقاط الشرطة مجدداً»، كما قالت. ومع دخول الزائر إلى المطرية تظهر بجلاء إرهاصات الانتخابات التشريعية التي تنطلق في آذار (مارس) المقبل. ومثل أغلب الحملات الدعائية التي انطلقت في مصر، تنافس المرشحان المحتملان على رفع الشعارات المؤيدة للحكم والداعمة لـ «الحرب على الإرهاب». ولا يبدي المرشح المحتمل للبرلمان طارق عبدالمحسن تخوفاً على الحالة الأمنية في الحي خلال معركة التشريعيات، إذ يقول لـ «الحياة»: «الدولة عادت، ولن تسمح بأي تعطيل لخارطة الطريق. مثلما مر الاستحقاق الرئاسي في المطرية من دون أي معكرات، ستمر التشريعيات كذلك بلا عنف». وقال: «كلنا مع الدولة، ونساند جهود مكافحة الإرهاب، واستكمال المؤسسات وصولاً إلى تحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو».

مشاركة :