أكد محللون اقتصاديون، أن المضامين التي خرجت بها قمة العشرين تتسق مع نهج السعودية في الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد والإرهاب والنهوض بالتنمية المستدامة. وأوضحوا لـ"الاقتصادية"، أن البيان الختامي للمجموعة راعى ما يمر به الاقتصاد العالمي، الذي يمر بمرحلة حساسة وحرجة بسبب التوترات التجارية بين الصين وأمريكا، أكبر اقتصادين في العالم، مؤكدا أهمية اعادة الثقة للأسواق العالمية. وقال محمد العمران، محلل اقتصادي، إن البيان الختامي فيه نوع من التهدئة، مراعاة لتداعيات الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، مبينا أن الاقتصاد العالمي بشكل عام مستمر في النمو من خلال التنسيق بين الاقتصادات الكبرى. وأوضح أن مشاركة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في القمة تؤكد دور السعودية في ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي، وأنها محور مهم لاستقرار أسواق النفط الدولية. من جانبه، أكد حجاج بوخضور، محلل اقتصادي كويتي، أن اجتماع قمة العشرين خرج ببيان ختامي يتسق تماما مع النهج الذي تسير عليه السعودية في استراتيجيتها طويلة المدى، وذلك باعتماد أدوات الإصلاح المالي والاقتصادي. وأفاد بأن بيان زعماء العالم لقمة "العشرين" جاء بضرورة إجراء إصلاحات في منظمة التجارة العالمية، مبينا أن القادة تمسكوا باتفاقية باريس للمناخ، إذ إنه أمر مهم للغاية في إصلاح الجوانب المتعلقة بالبيئة. وذكر أن البيان يتوافق مع سياسة السعودية في محاربة الإرهاب والفساد وغسل الأموال، إضافة إلى خطوات الإصلاح نحو المستقبل. بدوره، قال المحلل وليد الراشدي، أن البيان الختامي للقمة، التزم باتخاذ خطوات إصلاحية في منظمة التجارة العالمية لزيادة فرص الإنتاج وتوفير فرص العمل والتنمية. وأضاف الراشد، "عموما فإن البيان الختامي في مجملة جاء متسقا مع التوجهات العالمية خاصة توجهات المملكة في قضايا محاربة الفساد باعتباره أكبر آفة تضر الاقتصاد والتنمية". من جانبه، أوضح عبد الرحمن العامري محلل اقتصادي أن معظم الدول تسعى لزيادة الاهتمام عالميا بالمناخ وهو ما هيمن على بعض توصيات البيان الختامي. في حين أكد أيمن الدمنهوري، محلل اقتصادي، أن السعودية في القمة سلطت عليها الأضواء، لثقلها الاقتصادي، مبينا أن المملكة تعد صمام أمان للمنطقة والعالم أجمع. وذكر أن القادة بحثوا إصلاح التشريعات المالية، للحد من المخاطر التي تؤثر في الاستقرار المالي العالمي، متوقعا أن تبهر السعودية العالم في قمة 2020. وشكل دخول السعودية مجموعة العشرين الدولية التي تضم أقوى 20 اقتصادا حول العالم زيادة في الدور المؤثر الذي تقوم به في الاقتصاد العالمي، كونها قائمة على قاعدة اقتصادية - صناعية صلبة. وكانت مجموعة العشرين قد أنشئت عام 1999م بمبادرة من قمة مجموعة السبع لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة بهدف تعزيز الحوار البناء بين هذه الدول كما جاء إنشاء المجموعة بسبب الأزمات المالية في التسعينيات، فكان من الضروري العمل على تنسيق السياسات المالية والنقدية في أهم الاقتصادات العالمية والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، كما كان تأسيسها اعترافا بتصاعد أهمية الدول الصاعدة وتعاظم أدوارها في الاقتصاد والسياسات العالمية وضرورة إشراكها في صنع القرارات الاقتصادية الدولية. وتمثل مجموعة العشرين الاقتصادية (الدول الصناعية وغيرها من الدول المؤثرة والفاعلة في الاقتصاديات العالمية) نحو 90 في المائة من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80 في المائة من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم. وتضم مجموعة العشرين السعودية، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وروسيا، وجنوب إفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ثم الاتحاد الأوروبي المكمل لمجموعة العشرين. إلى جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتأتي أهمية هذه المجموعة ليس على المستوى الاقتصادي والتعاون فيما بينها فحسب، بل كونها تمثل ثلثي سكان العالم، أي أغلبية الدول وبالتالي فإن النتائج لاجتماعات مجموعة العشرين سيكون لها نتائج إيجابية حاضرا ومستقبلا؛ كونها أيضا لا تتوقف على الجانب الاقتصادي فقط بل تشمل الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية، كون الاقتصاد هو المحرك الرئيس للسياسة التي قد تنعكس سلبا أو إيجابا على الحياة الاجتماعية للشعوب. وسجل دخول المملكة كعضو في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم اعترافا بأهمية المملكة الاقتصادية ليس في الوقت الحاضر فقط، إنما في المستقبل أيضا، وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة قوة ونفوذا سياسيا واقتصاديا ومعنويا كبيرا يجعلها طرفا مؤثرا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية التي تؤثر في اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة. وجاءت عضوية المملكة في مجموعة العشرين نتيجة لارتفاع أهميتها كمصدر ومسعر للطاقة العالمية التي تهم جميع دول العالم، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية وتأثير ذلك على دول العالم، كما جاءت نتيجة لارتفاع مواردها المالية، التي من المتوقع أن تزداد في المستقبل، وتزيد من أهمية المملكة في الاقتصاد العالمي. ولهذا فإن السياسات المالية التي تتخذها المملكة لا تؤثر في اقتصادها فقط، إنما لها تأثير واضح وواسع في المستوى العالمي، حيث تؤثر في نشاط الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها في التجارة العالمية ومن خلال التحويلات إلى الخارج وسياسة الاستثمار في الأوراق المالية العالمية. وأسهم توسع دائرة تأثيرات الدور الاقتصادي السعودي في المنطقة في تصنيف المملكة من بين أفضل اقتصادات العالم الناشئة جنبا إلى جنب مع دول صاعدة كالصين والهند وتركيا، وسط ما تمثله المملكة من ثقل اقتصادي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والبلدان العربية. ومن النتائج الإيجابية لعضوية السعودية في هذه المجموعة توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية، ما يعزز التعاون الثنائي مع الدول الرئيسة المهمة في العالم، كما رفعت عضوية المملكة في هذه المجموعة من أهمية توفير مزيد من الشفافية والمعلومات والبيانات المالية والاقتصادية المتعلقة بالمملكة أسوة بدول العالم المتقدم. ومن المتوقع أن تؤدي عضوية المملكة في المجموعة إلى تنسيق وإصلاح بعض السياسات في عدد كبير من المجالات المالية والاقتصادية، ما سيدفع إلى مزيد من التطوير للقطاعات المالية والاقتصادية ويصب في نهاية المطاف في مصلحة المملكة واقتصادها.
مشاركة :