تونس/يسرى ونّاس/الأناضول جني الزيتون في تونس ليس كغيره من المواسم .. تبدأ الاستعدادات له مبكرًا وينتظره الجميع بشوق.. فهو فرصة لقاء تحت ظلال شجرة "مباركة" ذكرها القرآن وأوصت بها السنة النبوية. عند الساعة السادسة من صباح شتوي تكسوه نفحات هواء بارد تنعش الأرواح، ورائحة أرض مسقيّة بعد ليلة ممطرة .. تتوجه العمالة وأغلبهن من الأيدي الناعمة في منطقة "سبالة بن عمّار" التابعة لولاية أريانة (شمال العاصمة تونس) نحو حقول الزيتون لجني المحصول السنوي. تبادل للحديث والمزاح وأحيانا ترديد لبعض الأغاني الشعبية .. وضحكات تتناثر بين ثنايا هذه الضياع هي السّبيل الوحيد للعاملات المتفانيات ليمر يومهن بعيدًا عن الإحساس بالتعب والشقاء رغم صعوبة المهمة. فتحت كل زيتونة .. فُرشت أقمشة ونُصبت سلالم وأخذت النساء مشاطهن وتسلقت أخريات لتتخذ مكانا لها في "قلب الشجرة" غير مبالية بـ"المغامرة" التي تقوم بها، فيما تنهمك بقية النسوة في التقاط حبات الزيتونة التي تتساقط أرضاً. وفي جانب آخر من الحقل تجد شابين منهمكين في تعبئة ما تم جنيه في أكياس كبرى وتهيئتها قبل نقلها إلى "المعاصر" حيث يستخرج زيت الزيتون. ** عمل يرفضه الشباب "عمل يرفض كثير من الشباب الإقبال عليه ويفضلون البقاء في المقاهي واحتساء القهوة بدل جني الزيتون".. يقول المنصف الماجري، بحسرة. ويضيف الماجري، الذّي التقته الأناضول في هذه الضيعة،: "قلة هم من يقبلون العمل معنا.. مهما قدمت له ما يطلب من أجر فهو في نهاية الأمر يرفض". ويرى أن "محاصيل هذه السنة ضئيلة جدا مقارنة بالسنة الماضية.. وهو أمر متوقع فجميع المزارعين تعودوا على أن تكون الصابة (كمية الزيتون) متفاوتة بين الموسم السابق والذّي يليه". ويشير إلى أنّ "جني الزيتون له روح وأجواء خاصة والعمالة تنتظره لأشهر .. فشجرة الزيتون مباركة وتدر الربح دائما على الجميع رغم قلة المحاصيل. هؤلاء اختاروا الطرق والوسائل التقليدية في عملية جني الزيتون حفاظًا على الشجرة المباركة من التلف، حيث يتبركون بها وتمثل مصدر رزق للكثيرين. ** محاصيل متراجعة وينتظر أن تبلغ صادرات تونس من زيت الزيتون خلال موسم 2018/2019 نحو 170 ألف طن بقيمة تتراوح بين 1.6 و 1.8 مليار دينار (نحو 580 مليون يورو). وتراجع الإنتاج بأكثر من النصف ويقدر بحوالي 140 ألف طن مقارنة بالموسم الماضي (325 ألف طن)، ويرجع المسؤولون ذلك إلى الجفاف الذي ضرب الموسم وأثر في الإنتاج. وبلغت صادرات زيت الزيتون الموسم الماضي 215 ألف طن بقيمة 2.146 مليار دينار (أكثر من 600 مليون يورو). ونالت تونس المرتبة الأولى عالميا في تصدير زيت الزيتون لسنة 2015. وانطلق موسم جني الزيتون في تونس، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ويتواصل موسم التصدير حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول القادم. وتونس، هي البلد الأكثر شهرة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط في مجال زراعة الزيتون، وتخصص أكثر من 30 بالمائة من أراضيها الزراعية، لزراعة أشجار الزيتون (1.68 مليون هكتار). وتمتلك تونس 88 مليون شجرة على مساحة مليون و800 ألف هكتار، وينطلق موسم جني الزيتون فيها عادة في نوفمبر/ تشرين الثاني ويتواصل إلى بداية آذار مارس. ووفق المجلس الدولي للزيتون فإن الاستهلاك المحلي يبلغ سنويًا معدل 35 ألف طن. ويبلغ معدل استهلاك التونسي لزيت الزيتون 8 لترات للفرد الواحد في السنة أي 7.2 كلغ، وكان سنة 2000 حوالي 9 لترات أي 8.2 كلغ للفرد في السنة، بحسب المعهد الوطني للاستهلاك. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :