اجتاحت عاصفة قوية الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة، وأثرت في 20 في المئة من الأميركيين بعدما احتجزت العمّال والتلاميذ في بيوتهم وعطلت الآلاف من الرحلات الجوية ودفعت نيويورك إلى فرض حظر على قيادة السيارات وأغلقت قطارات الأنفاق. وفي وقت لا تزال ذكرى العاصفة «ساندي» حية، بعد اجتياحها الساحل الشرقي الأميركي عام 2012، أعلن حكام ست ولايات حال الطوارئ، إذ قد تؤثر العاصفة في 60 مليون شخص في نحو 12 ولاية. وحذرت «الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية» من «عاصفة تهدد الأرواح» يمكن أن تجلب معها ثلوجاً يبلغ ارتفاعها 76 سنتيمتراً في بعض المناطق بمعدل 10 سنتيمترات في الساعة، بينما قد تصل سرعة الرياح إلى 80 كيلومتراً في الساعة في مدينة نيويورك. وحظر حاكم نيويورك أندرو كومو قيادة السيارات بعد الساعة الـ11 مساءً، باستثناء سيارات الطوارئ، في 13 مقاطعة منها مدينة نيويورك، ويتهدد المخالفين غرامة قيمتها 300 دولار. وصدرت أوامر بحظر قيادة السيارات في ولايات كونيتيكت وماساتشوستس ونيوجيرزي، ما عطل حركة المرور في المنطقة التي غطاها الجليد. إلى ذلك قال فريق دولي من العلماء أن من المفارقات أن ظاهرة «لا نينيا» المناخية التي تؤدي إلى برودة مياه المحيط الهادي واضطراب الطقس في العالم، ستحدث مرتين بدلاً من مرة واحدة، وذلك في ظروف ارتفاع درجة حرارة الأرض. وقال باحثون في تقرير أن الظاهرة، المرتبطة بالفيضانات والجفاف ووصول مزيد من الأعاصير إلى اليابسة، ستحدث مرتين في المتوسط كل 13 سنة خلال القرن الـ21، في حال استمرت الانبعاثات الغازية المسببة ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك مقارنة بمرة كل 23 سنة خلال القرن الماضي. وأضاف التقرير الذي أشرف عليه خبراء من منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية في أستراليا: «أثبتنا أن ارتفاع درجة الحرارة الناجم عن الانبعاثات الغازية يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكرار ظاهرة لا نينيا المناخية المتطرفة». وتحدث هذه الظاهرة على نحو غير متوقع كل سنتين إلى سبع سنوات، وتقترن بآثار متطرفة منها الانخفاض الشديد في برودة الطبقات السطحية من مياه المحيط الهادي كما حدث عامي 1998 و1999. ومن الظواهر المتطرفة الأخرى التي اقترنت بـ «لا نينيا» عامي 1998 و1999، فيضان مياه الأنهار والعواصف التي قتلت الآلاف في الصين وبنغلادش. وفي عام 1998، قتل إعصار «ميتش» 11 ألف شخص في هندوراس ونيكاراغوا. إلى ذلك أعلنت المنظمة أمس أن أستراليا ستشهد ارتفاعاً في درجة الحرارة ربما يتجاوز خمس درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي، وهي زيادة تتجاوز ارتفاع درجات الحرارة عالمياً. وفي أشمل تحليل لها لتداعيات تغير المناخ، رسمت المنظمة أسوأ سيناريو لارتفاع يصل إلى 5.1 درجة مئوية بحلول عام 2090، ما لم تُتخذ إجراءات كفيلة بخفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري. وقال كبير الباحثين في المنظمة في أستراليا كيفن هنيسي: «لدينا ثقة كبيرة في أن الأيام الشديدة الحرارة ستتكرر، وفي أن منسوب مياه البحار سيرتفع، ومياه المحيطات ستصبح أكثر حموضة وسيتراجع سُمك طبقات الجليد». ويتناقض هذا التحذير المخيف الصادر عن وكالة تموّلها الحكومة، مع السياسة الرسمية لرئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت الذي وصف في عام 2009 علوم التغير المناخي بالـ «هراء»، كما ألغى العام الماضي ضريبة خاصة بتسعير الكربون، أي إعادة تحميل عبء الضرر الناجم عن الانبعاثات الغازية على المسؤولين عنها والذين يمكنهم تقليصها، كما ألغى اللجنة المستقلة الخاصة بالمناخ قائلاً أن «موجات الجفاف الحادة التي شهدتها أستراليا أخيراً وألحقت ضرراً بمربي الماشية ليست بالشيء الجديد على أستراليا». وعندما استضافت بلاده اجتماعات مجموعة العشرين العام الماضي، حاول آبوت حذف قضايا التغير المناخي من جدول أعمال المحادثات، ما أحرج أستراليا في قمة برزبين بعدما استغل الرئيس الأميركي باراك أوباما كلمته الرئيسية لتحذير أستراليا من أن حاجز الشعاب المرجانية الكبير مهدد.
مشاركة :