الوسيط الألماني يحرك عجلة مفاوضات الصحراء الغربية - فما فرص نجاحه؟

  • 12/6/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

آمال عريضة معلقة على مبعوث الأمم المتحدة، الرئيس الألماني الأسبق كولر، من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء الغربية، بعد عقود من المراوحة في المكان. فما هي الأوراق التي يملكها كولر؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة للحل؟ وأخيرا بدأت المحادثات المنتظرة بين المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، في جنيف، في محاولة لإحياء المفاوضات المتوقفة منذ عام 2012 حول الصحراء الغربية المتنازع عليها. وقدمت الأمم المتحدة هذا اللقاء الذي يجري على شكل طاولة مستديرة على أنه "خطوة أولى نحو عملية تفاوض جديدة بهدف التوصل إلى حل دائم وعادل ومقبول من الأطراف يتيح لشعب الصحراء الغربية حق تقرير المصير". وتبدو المحادثات صعبة لأن كل طرف متمسك بمواقفه. غير أن المحادثات الأولية قد تصطدم بعقبة إصرار المغرب -بدعم أمريكي فرنسي- على أن المفاوضات حول التسوية يجب أن تركز على اقتراح الرباط بخصوص منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً، فيما تصر البوليساريو على أنّ مصير الإقليم يجب أن يتحدد من خلال استفتاء على الاستقلال عن المغرب. من جهتها، تؤكد الجزائر أنّ حل الصراع يجب أن يؤكد حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره. وستتم مناقشة نتائج المحادثات المرتقبة في مجلس الأمن في وقت لاحق من هذا الشهر، يطرح خلالها اقتراح تجديد عمل قوات السلام الأممية "مينورسو"، والتي مددت الأمم المتحدة أعمالها لمدة حتى نهاية نيسان/أبريل 2019. رغبة مغربية -جزائرية في حل الأزمة خسائر في كافة المجالات لحقت بالجزائر والمغرب نتيجة إغلاق الحدود وقطع العلاقات السياسية بين البلدين ويبدو أن الملف -الذي تعاقب عليه مبعوثون أمميون أمريكيون وأوروبيون منذ عام 1991 وانسحبوا منه دون إحراز تسوية- يحمل اليوم في طياته بارقة أمل للحل، كما ترى الدكتورة أماني الطويل، الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصصة في الشأن الإفريقي. وترى الطويل أن "الجزائر لديها فيما يبدو رغبة في حل المشكلة، وخصوصاً أن الدولة الصحراوية على مدى تاريخها لم يتم الاعتراف بها دولياً"، مضيفة أن "هذا ما بدا واضحاً أيضاً لدى المغرب بهدف التقارب مع الجزائر بدليل الرسالة الإيجابية الأخيرة الموجهة من الملك محمد الخامس"، معبرة عن اعتقادها بأن "هناك تقدير موقف مشترك بين الدولتين بأن قضية الصحراء الغربية تعطل الاتحاد المغاربي الكبير والتكامل بين دول المغرب العربي".  ولا يخفى على أحد أن النزاع المغربي – الجزائري يؤثر سلباً على كلا الدولتين، فهناك عائلات على جانبي الحدود تقطعت بها السبل، وهناك فرص لتعاون اقتصادي هائل تم تعطيلها على مدى عقود، بخلاف تعطل مشروع الاتحاد المغاربي الكبير. وأغلقت الحدود بين الجزائر والمغرب منذ عام 1994 بعد اتهام الرباط للجزائر بالضلوع في تفجير بمراكش، إلى جانب اتهامها للجزائر بدعم البوليساريو. وترى إيزابيل فيرينفيلز، رئيسة قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط في معهد العلوم والسياسة في برلين، أن الصراع المغربي-الجزائري لا يتعلق بالصحراء الغربية فقط، بل يتعلق بالنفوذ في إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، وربما يتعداه إلى التفوق الإقليمي بين البلدين. أي أوراق في يدي كولر؟ هورست كولر، الرئيس الألماني الأسبق ومبعوث الأمم المتحدة لحل أزمة الصحراء الغربية ويبدو أن المبعوث الأممي لحل هذه الأزمة -الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر- يمتلك بعض الأوراق التي قد تجعل دوره مختلفاً عن سابقيه. فالرجل يحظى شخصياً باحترام كافة الأطراف، وهو ما اتضح من تلبية الجميع لدعوته للحوار، كما أن لألمانيا علاقات قوية وراسخة بكل من المغرب والجزائر، إضافة لدعم المؤسسة الأممية الكبير لجهود حلحلة الملف العالق منذ عقود. وترى إيزابيل فيرينفيلز، الباحثة بمعهد العلوم والسياسة في برلين، أن أغلب الدراسات حول النزاعات وسبل حلها تشير إلى أن شخصية المبعوث الخاص تلعب دوراً رئيسياً، "وقد نجح هورست كولر حتى الآن في أن يجعل الجميع يرونه في صورة الشخص المحايد، ولم يسمح هو نفسه بأن يؤخذ عليه ميله لطرف على حساب الآخر، بعكس أسلافه الذين لم ينجحوا في ذلك في كثير من الأحيان". وأضافت قائلة "إن كولر يتمتع بمستوى عالٍ جدا من الصلاحيات بسبب منصبه السابق كرئيس اتحادي لألمانيا، ورئيس لصندوق النقد الدولي، وعلاقاته القوية بالاتحاد الأوروبي. فهو قد شغل مناصب أعلى بكثير من سابقيه ما يزيد من فرص توصله إلى حلول للأزمة" . فرص النجاح وسيناريوهات محتملة للحل ويتوقع مراقبون أن تشهد مائدة المفاوضات في جنيف بعض التنازلات من كل الأطراف بعد أن طال أمد النزاع للغاية. وتتفق الدكتورة أماني الطويل مع هذه الرؤية "لأن الجزائر على سبيل المثال موقفها الدولي والإقليمي بشأن هذه القضية ربما لم يعد بالقوة التي كان عليها خلال فترات سابقة، كما أن فعاليتها في إطارها الإقليمي والدولي تقلصت كثيراً في ضوء جمود السلطة، بسبب الحالة الصحية المتراجعة للرئيس بوتفليقة. وهذه أمور هامة للغاية ربما نشهد في ضوء تلك البيئة المتغيرة نوع من الحراك في المشهد". ولكن الباحثة إيزابيل فيرينفيلز لا تبدو متحمسة لنجاح حوار جنيف، وتقول إن "أقصى ما يمكن توقعه على الأرجح من هذه المناقشة، وما يمكن أن يعتبر نجاحاً بالتأكيد من جانب الأمم المتحدة، هو عقد اجتماعات تالية للمزيد من المفاوضات. لأن أي احتمال لعقد اجتماع قادم هو في حد ذاته مؤشر قوي على احتمالات نجاح المساعي لحل الأزمة". وأقرب سيناريوهات حل الأزمة قد يكون (الكونفدرالية)، بحسب الدكتورة أماني الطويل، "لتصبح الصحراء الغربية وفقاً لها على علاقة بالمغرب بدرجة أعلى من الحكم الذاتي، وبدرجة أقل من الاستقلال الكامل". جذور النزاع مسلحون من جبهة البوليساريو في تندوف الجزائرية وتعد منطقة الصحراء الغربية آخر نقطة خلاف في القارة السمراء نتجت عن سنوات الكولونيالية. تمتد أطرافه بين المغرب والجزائر وجبهة تحرير البوليساريو. وتبلغ مساحة الصحراء الغربية 266 ألف كيلومتر مربع وتقع على ساحل المحيط الأطلسي، ويقطن المنطقة الغنية بالثروات المعدنية أكثر من نصف مليون شخص، ولها ساحل يبلغ طوله 1000 كيلومتر يطل على المحيط. ويرى المغرب أن المستعمرة الإسبانية السابقة، التي تسيطر على 80 بالمائة منها، جزء لا يتجزأ من أراضيها. لكن جبهة تحرير البوليساريو ترفض الإنضواء تحت الحكم المغربي وتطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير. في 6 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1975 لبى 350 ألف مغربي نداء الملك الراحل الحسن الثاني للتوجه في "مسيرة خضراء" تخترق حدود هذه المنطقة لتأكيد "انتمائها" للمملكة، وفي السنة التالية (1976) أعلنت جبهة البوليساريو، مدعومة من الجزائر وكوبا وجنوب إفريقيا، قيام "الجمهورية العربية الصحراوية"، لتبدأ معارك عنيفة بين الجانبين استمرت 16 عاماً سقط فيها آلاف القتلى ومئات الآلاف من اللاجئين في مخيمات الجزائر على الحدود المغربية. ويؤكد المغرب أنه عمل على تنمية المنطقة من خلال استثمارات متنوعة. لكن جبهة البوليساريو، تعتبر أن السكان الصحراويين لا يستفيدون من ثمار هذا الإنماء وتصف استغلال الثروات الطبيعية للمنطقة من طرف المغرب بـ"النهب". عماد حسن/ كيرستن كنيب

مشاركة :