افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمس، «منطقة الحصن» وسط العاصمة أبوظبي.. بعد إنجاز مشروع الترميم والتجديد للموقع الذي يعد وجهة تاريخية وثقافية. وتضم منطقة الحصن أربعة مكونات مترابطة هي: «قصر الحصن» و«المجلس الاستشاري الوطني» و«المجمع الثقافي» و«بيت الحرفيين»، حيث أنجزت دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي مشروع صيانتها وترميمها وتجديدها. ويمثل «قصر الحصن»، انطلاقاً من موقعه وسط مدينة أبوظبي، اللبنة الأساسية للكتلة الحضرية التي توسعت منها المدينة بوتيرة متسارعة، لتتحول من منطقة استقرار اعتمدت على صيد الأسماك واللؤلؤ إلى إحدى أروع المدن العالمية الحديثة. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «إن منطقة الحصن تروي فصولاً من تاريخ إمارة أبوظبي العريق، حيث بنى الآباء والأجداد هذا المعلم بعزيمة قوية وإرادة صلبة.. مشيراً سموه إلى أنه من خلال تعاضدهم وتكاتفهم ووقوفهم صفاً واحداً، وبفضل تضحياتهم العظيمة ننعم اليوم بدولة عصرية لها مكانتها المرموقة بين الأمم». وأعرب سموه، عن سعادته وفخره بافتتاح هذا الصرح الوطني المهم بعد إعادة ترميمه، والذي يجسد أحد المعالم التاريخية لمجتمعنا العريق وتراثه الغني، نستلهم منه قيم الأجداد والمؤسسين نستحضر قصصهم الملهمة وننقل إرثهم وثقافتهم وقيمهم وحضارتهم للأجيال القادمة. وشهد حفل الافتتاح، الدكتورة أمل عبدالله القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة العين، وسمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، وسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسمو الشيخ عيسى بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، وسمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس دائرة النقل بأبوظبي.وتجول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وسمو الشيوخ والحضور في منطقة الحصن، وتعرفوا من محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، إلى الترميم والتجديد الذي أدخل لقصر الحصن الذي تحول إلى متحف يسرد المحطات التي مرت بها أبوظبي عبر التاريخ، كما زاروا معرض: «الفنانون والمجمع الثقافي: البدايات»، الذي يعرض بين أركانه مجموعة من الأعمال المتميزة لفنانين إماراتيين، إضافة إلى «بيت الحرفيين» الذي يسلط الضوء على الحرف اليدوية التقليدية في الدولة. وتخلل حفل الافتتاح عرض ضوئي سردي على جدران «قصر الحصن» و«المجمع الثقافي» والساحة الممتدة بين المبنى التراثي لقصر الحصن ومبنى التراث الحديث للمجمع الثقافي، حيث شهد الحضور عرضاً سمعياً وبصرياً في مسرح صمم لهذه المناسبة يتسع ل 500 مقعد، حيث تم تحريك المسرح 200 درجة ليرى المشاهد منظراً شاملاً لموقع الحصن.. بجانب الرسومات والخرائط التي استخدمت في العرض مع الأداء الحي على وقع الموسيقى الأصيلة والسرد المرافق للحصن. وقدم حفل الافتتاح مشاهد حول تراث الدولة والقصص المرتبطة بقصر الحصن من خلال العرض الأدائي والصور المعكوسة على شاشة العرض في توظيف يرمز إلى استمرار الارتباط بالتراث والتاريخ العريقين، بعدها عاش الجمهور في العرض التالي رحلة الانتقال من الصحراء إلى الساحل وتطور المكان، وقدم ممثلو العرض مشهداً لانتقال قبيلة بني ياس إلى جزيرة أبوظبي، وتكوين أول مجتمع مستقر فيها متتبعين بذلك خطى الأجداد لتصوير الرحلة الأصيلة إلى قصر الحصن، بينما عبرت الخلفية من الرسوم والخرائط المبتكرة على جدران قصر الحصن عن الوظائف المتغيرة للحصن. ويعد قصر الحصن أقدم صرح تاريخي في مدينة أبوظبي، فيما يضم بناءين مهمين هما: «الحصن الداخلي» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1795 تقريباً، والذي تم بناؤه ليكون برج مراقبة لتوفير الحماية للتجمع السكاني على الجزيرة الذي وثقت نشأته لأول مرة خلال ستينات القرن الثامن عشر، و«القصر الخارجي» الذي بني خلال فترة الأربعينات من القرن الماضي.. ولا يزال القصر شاهداً حياً على محطات أبوظبي عبر التاريخ، فيما كان هذا الصرح العريق على مدى قرنين ونصف مقراً للحكم والأسرة الحاكمة وملتقى للحكومة الإماراتية، ومجلساً استشارياً وأرشيفاً وطنياً، وتحول القصر إلى متحف بعد انتهاء أعمال الترميم والصيانة ليسرد تطور أبوظبي من منطقة لاستقرار القبائل، التي اعتمدت على صيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ في القرن 18 إلى إحدى أروع المدن العالمية الحديثة. وبجوار «قصر الحصن» يبرز مبنى «المجلس الاستشاري الوطني» الذي شهد المحادثات واللقاءات الأولى التي أفضت إلى قيام دولة الاتحاد.. ويتضمن قصر الحصن معرض «الحصن الداخلي» الذي يسرد قصة القصر والأحداث التاريخية التي شهدها، كما يصور مظاهر الحياة اليومية في المجتمع القديم ودور هذا المعلم التاريخي، كونه مقراً للحكم ومركزاً لإدارة شؤون البلاد. أما «القصر الخارجي» الذي يعود تاريخ بنائه إلى أربعينات القرن الماضي، بتوجيهات الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، فهو يضم مجموعة من الأجنحة والغرف التي تسرد قصة الأجيال السابقة التي عاشت في القصر، وترصد تفاصيل حياتهم اليومية، ويمكن للزوار الاطلاع على الأجنحة الخاصة بالشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، وتجربة المشاركة في مجلس الحاكم. ويتخلل المعرض مجموعة من العروض الفيلمية والتفاعلية والمحتويات التاريخية الصوتية والبصرية، التي تجسد مشهداً متكاملاً للحياة والأحداث داخل هذا المعلم التراثي العريق، إضافة إلى مجموعة من المقتنيات الأصيلة والقطع الأثرية المتوارثة من الأجيال السابقة. ويستضيف المجمع الثقافي الذي شهد سلسلة من أعمال التجديد والترميم برنامجاً متنوعاً في مركزه الجديد المخصص للفنون البصرية، ويشمل المعرض الافتتاحي المتميز الذي يركز على تاريخ المجمع الثقافي ودوره في دعم المشهد الثقافي والفني، فيما يستقبل المجمع بعد إعادة افتتاحه جمهوره في مركز الفنون البصرية الذي يضم قاعات عرض وسلسلة من ورش العمل واستوديوهات فنية.. إضافة إلى مسرح يتسع ل 900 مشاهد وأول مكتبة مخصصة للأطفال من نوعها، واللذين من المقرر افتتاحهما خلال عام 2019. ويقام حالياً في قاعة الفنون البصرية معرض تشكيلي تحت عنوان: «الفنانون والمجمع الثقافي: البدايات» يضم أكثر من 100 عمل فني لمجموعة من الفنانين المحليين الذين شهدوا البدايات الأولى للمجمع الثقافي خلال فترة الثمانينات والتسعينات، فيما نسق المعرض مايا أليسون رئيس القيمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي والمدير التنفيذي لرواق الفن، وعلياء زعل لوتاه مساعد تقييم أول، اللوفر أبوظبي، ويرصد محطات من تاريخ المجمع الثقافي مسلطاً الضوء على دوره الريادي حاضناً للفن ومنارة للإبداع. يضطلع بيت الحرفيين انطلاقاً من موقعه المجاور لقصر الحصن والمجمع الثقافي في منطقة الحصن، بدور ريادي في حماية وصون التراث الإماراتي المعنوي العريق والترويج له.. وتحقيقاً لهذا الهدف يقدم برنامجاً شاملاً تتخلله مجموعة من المعارض وورش العمل والبرامج التدريبية، التي تركز جميعها على الحرف الإماراتية اليدوية مثل السدو «النسيج البدوي» والخوص «تجديل سعف النخل» والتلي «تطريز»، بما يضمن نقل المعارف والمهارات المتعلقة بها للأجيال القادمة. وتتميز الحرف اليدوية في «بيت الحرفيين» بالعلاقة الإبداعية والفنية التي طورها الأجداد مع الموارد الطبيعية المحيطة، فقد تمكن الحرفيون من تطوير مهاراتهم لتلبية احتياجاتهم الوظيفية والاقتصادية مستفيدين من البيئة الطبيعية التي تتميز بثرائها وتنوعها، حيث يوجد فيها ثلاثة أنواع من الأنظمة البيئية، بما في ذلك النظام الصحراوي والجبلي والبحري، ولا يقتصر دور هذا التراث غير المادي الذي تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل على الحفاظ على المهارات العملية فقط، بل يسهم كذلك في تعزيز القيم الاجتماعية المشتركة المرتبطة بالهوية الإماراتية. (وام) المنطقة تفتح أبوابها للزوار والجمهور غداً تفتح منطقة الحصن، أبوابها للزوار والجمهور عامة اعتباراً من غد الجمعة السابع من ديسمبر بدءاً من الساعة الرابعة عصراً، ويتزامن مع هذه المناسبة تنظيم أسبوع حافل بالفعاليات الثقافية.
مشاركة :