بعد أن شهدت مملكة البحرين يوم 30/ أكتوبر/2018 انعقاد المنتدى السنوي لجمعية مصارف البحرين تحت عنوان (التكنولوجيا المالية.. الفرص والتحديات) وناقش انعكاسات التكنولوجيا المالية على القطاع المصرفي في البحرين جاء انعقاد مؤتمر بلوك أون الدولي 2018. في 23 نوفمبر 2018 بتنظيم من خليج البحرين للتكنولوجيا المالية وتحت رعاية الأستاذ خالد الرميحي الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، من أجل استكشاف الفرص الواعدة وتحليل التحديات القائمة والمحتملة أمام تقنية «بلوك تشين» والخدمات المالية عموما، وعقد ورش عمل للتعريف بتطبيقات بلوك تشين، وخاصة أن مملكة البحرين هي أول دولة في الشرق الأوسط تطبق تكنولوجيا (بلوك تشين)، وذلك في إطار سعيها لاستنبات وتوطين التكنولوجيا المالية، وتوفير مصرف البحرين المركزي لقواعد البنية التنظيمية والتشريعية للتكنولوجيا المالية، وإطلاقه وحدة خاصة بالتكنولوجيا المالية، وبيئة تجريبية رقابية لاختبار حلول التكنولوجيا المالية، بما يضمن دعم القطاع المالي لتبني خدمات التكنولوجيا المالية. الأمر الذي يتطلب مزيدا من الورش والدورات التدريبية للعاملين في القطاع المالي والمصرفي والقطاعات الاستثمارية المختلفة للتعرف على هذه التكنولوجيا الجديدة، وعرض أمثلة من تجارب دول أخرى تطبقها أو تطبق تكنولوجيات مشابهة لها، لغرض تحقيق أفضل النتائج من تطبيقها وطنيا ومواجهة التحديات التي يمكن أن تنشأ عن ذلك، وخاصة أن هناك عدة دول سبقتنا في تطبيق هذه التكنولوجيا لأجل الاستفادة من قوة التقنيات المالية الجديدة والمنصات الرقمية على غرار البلوك تشين لما توفره من أمان تقني كبير، فمثلا كندا تطبق هذه التكنولوجيا في إطار (مشروع جاسبر) واليابان في (مشروع ستيلا) وسنغافورة في (مشروع أوبين) تعزيزا لاستخدام نظام دفع المعاملات الإلكترونية المؤتمتة. في هذا المقال نسلط الضوء على هذه التكنولوجيا وبيان مزاياها. يعرف البلوك تشين Blockchain أو سلسلة الكتل بأنه قاعدة بيانات أو أسلوب جديد لتنظيم البيانات الخاصة بالصفقات وتدوينها بما يتيح لكل الأطراف ذات العلاقة تتبع المعلومات عبر شبكة آمنة لا تستدعي التحقق من طرف ثالث؛ أي أن تكنولوجيا بلوك تشين تساعد في الحفاظ على قوائم مقاومة للتلاعب في سجلات البيانات المتنامية باستمرار، وتتيح تبادلا آمنا وسريعا للأموال أو الأسهم أو حقوق الوصول إلى البيانات. وخلافا لأنظمة التجارة التقليدية، فإنه لا حاجة إلى وسيط أو نظام تسجيل مركزي لمتابعة حركة التبادل، بل تقوم كل الجهات بالتعامل مباشرة مع بعضها بعضا، كما تعرف أيضا بأنها التكنولوجيا المخصصة لتخزين التعاملات الرقمية عبر شبكة الإنترنت والتحقق من صحتها وترخيصها وتأمينها بأعلى درجات الأمان والتشفير. فيما تتمثل المزايا الأساسية لمنصات البلوك تشين بأنها تتسم بـ(الشفافية Transparency) إذ إن السجلات المالية للبنك أو المؤسسة المالية التي تعتمدها في مدفوعاتها تعد مكشوفة نسبيا ويمكن لأي شخص من ذوي العلاقة الاطلاع عليها وتدقيقها، ما يضفي طابع الشفافية والثقة على هـذه المعاملات، وكذلك بخاصية (الثبات Immutable) أي انعدام المقدرة على تغيير تاريخ إجرائها، لذا توصف تسجيلات البلوك تشين باللا معاكسة، كما تتسم سجلات البلوك تشين بـ(عدم قابلية الاختراق Hack-proof) وأن الحوالات عن طريق البلوك تشين رخيصة الثمن جدا مقارنة بالتحويلات البنكية العادية، وسريعة للغاية، ما يوفر على صاحب الحوالة فرق الثمن، علاوة على الزمن المستغرق لوصول الحوالة بين الأسلوب الاعتيادي وأسلوب منصات البلوك تشين. وتتسع دائرة استخدامات تقنية البلوك تشين بدءا من المعاملات المالية، كما هو الحال في الأسهم، والتحويلات المالية، والعملات الإلكترونية الافتراضية مثل البيتكوين، وسلاسل التوريد، حيث تمتاز هذه التقنية بإمكانية احتفاظها بمعلومات منتجٍ ما كتاريخ المنتج والشحنة والمنشأ ومعلومات عن المنتج بكل أمان وموثوقية وتشفير، بحيث تمنع التلاعب فيها، كما تستخدم في مجالات عديدة أخرى، مثل تسهيل استخراج رخص القيادة، وشهادات الزواج، وحفظ كلمات المرور، وإدارة الأملاك والتجارة والمدفوعات والأمن والملكية القانونية وغيرها. لقد وفر هذا المؤتمر فرصة طيبة للتعليم والتدريب على هذه الحلقة المهمة من حلقات التكنولوجيا المالية عبر تنظيم عدد من ورش العمل المتخصصة بالمسارات التجارية والفنية، بما يساعد المديرين التنفيذيين وقادة الابتكار على اكتساب المعرفة الضرورية وفهم أفضل لـهذه التكنولوجيا، إضافة إلى تدريب المطورين على مهارات العقود الذكية لـ«بلوك تشين» للخدمات المالية. وقد تم عقد ورش العمل بالتعاون مع أكاديمية بلوك تشين الدولية، فيما بلغ عدد الحضور نحو (300) مبتكر وخبير عالمي في مجال البلوك تشين ونخبة من ممثلي المصارف المركزية، ورواد الأعمال، والمستثمرين وكبار المسؤولين في الصناعة المالية.
مشاركة :