عبدالله بن زايد يفتتح منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بأبوظبي

  • 12/6/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

افتتح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، فعاليات الملتقى السنوي الخامس لـ «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الذي يعقد تحت عنوان «حلف الفضول - فرصة للسلم العالمي» في أبوظبي، بحضور معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، رئيس «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، وبمشاركة ما يزيد على ستمائة شخصية من ممثلي الأديان والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، ونخبة واسعة من العلماء والمفكرين والباحثين والإعلاميين على مستوى العالم، بينهم معالي محمد بن عبدالكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، وسام براونباك سفير الولايات المتحدة للحريات الدينية، والحاخام ديفيد روزن عضو مجلس أمناء مركز الملك عبدالله لحوار الحضارات، ومعالي محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في جمهورية مصر، ومعالي آدم أنجينغ المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وسارة خان رئيسة لجنة مكافحة التطرف - المملكة المتحدة، والسلطان محمد سعد أبو بكر الثاني سلطان سكوتو - نيجيريا، ومعالي فضيلة الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر. قيم إنسانية مشتركة ورحب معالي الشيخ عبدالله بن بيه بالحضور في أبوظبي، فضاء الإنسانية وعاصمة التسامح والتعايش والسلام المستدام، معرباً عن سروره، لأن «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» يجمع العقلاء والحكماء من ثقافات وديانات وأعراق مختلفة. وقال: «غرسنا في ملتقى المنتدى الأول بأبوظبي سنة 2014 شجرة السلام، وتعهدناها في الملتقيات اللاحقة، ليقوى جذعها ويمتد فرعها للوقوف في وجه العواصف العاتية التي تهبُّ على البشرية وتزعزع أركان بناء السلام؛ لأن العنف صار لغة كل مفلس في مشارق الأرض ومغاربها، وبات خطاب الكراهية سلعة رائجة في أسواق المزايدات الإيديولوجية». وأكد معاليه أن اختيار موضوع الملتقى الخامس «حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي» يأتي للدعوة إلى تفعيل إعلان واشنطن، من خلال تعميق الحفر المعرفي في شروط إمكان قيام حلف فضول جديد بين الأديان، ومدى راهنية التعاون الديني في سياق الواقع المعاصر المحكوم بمنطق مغاير، والمحتكم إلى المواثيق الدولية الجديدة. ولفت خلال المحور الأول، إلى أن الحاجة إلى هذا الحلف تتجلى من خلال مقدمتين، أولاهما: الوعي بالمأزق، وثانيتهما: القناعة بوجود قيم إنسانية مشتركة. استغلال الدين وأكد معالي الشيخ ابن بيه أنّ الدعوة إلى حلف فضول جديد تنبثق من الإيمان العميق والقناعة الراسخة، ووجوب إعادة القيم المشتركة في حياة الناس، كما استعرض معاليه أهداف حلف الفضول الجديد، مؤكداً أن من أهداف حلف الفضول الجديد، صناعة جبهة من رجال الدين، تدعو للسلام، وترفض استغلال الدين في النزاعات والحروب، وتعمل على إعادة التوازن في نطاق كل ديانة؛ لبناء الجسور بينها على أسس صلبة ودعائم قوية، قابلة للاستمرار والاستقرار، أما الهدف الآخر فهو تزكية العقود المجتمعية، والاعتراف بالتعددية، وإقرار الحرية الدينية. ودعا معاليه إلى وضع خريطة طريق؛ لتحقيق بعض هذه الأهداف، معتبراً أن ذلك يمثل أفضل رد على المتطرفين من كل الاتجاهات. يهود ضد الاضطهاد وتحدث الحاخام البرفيسور روفين فايرستون أستاذ ريجنشتاين المتخصص في اليهودية بالعصور الوسطى والإسلام في كلية الاتحاد العبرية - الولايات المتحدة، في الجلسة الأولى الصباحية، فعرض تجربة اليهود من حيث الحقوق في التاريخ، فلاحظ أنهم كانوا يفتقدون أبسط حقوقهم في العهد المسيحي؛ بعكس ما كانت عليه أحوالهم بالعهد الإسلامي. وقال فايرستون، إن اليهود طيلة تاريخ كانوا يشكلون أقليات محدودة في المجتمعات التي يقيمون فيها. ولكنهم في العصر الحديث، راحوا يتجمعون في فلسطين حتى شكلوا أغلبية، فتناسوا ما تعرضوا له من ظلم، وراحوا يظلمون الأقلية العربية. ولكن عليكم أن تتأكدوا أن هناك أقليات يهودية، تقف بثبات ضد الاضطهاد. وهذا ما يجعل حلف الفضول في هذه المرحلة مثيراً ليس للأفكار فقط، وإنما للمخيلات، لما ينطوي عليه من قيم تشكل غواية إنسانية حقيقة. ما يجعل الحلف كونياً بشرياً، وليست له صفة إسلامية أو مسيحية أو يهودية.. فقط إنسانية. وهذا ما يجعلنا نقبل عليه. ولسوف يقبل عليه الجميع رغم تحفظات البعض عليه، من منطق هوية الحلف العربية أو الإسلامية، إلا أنه بقيمه السامية سوف يكسر ما يواجهه من تحفظات. ومع ذلك، فهذه التحفظات ليست لها على كل المستويات؛ لأن الهدف هو القيام بسلسلة من الاتفاقات في التعاون على نصرة المظلوم وإحقاق الحق. وهو بهذا المعنى له رمزيات عدة، ما يجعله يستوعب الجميع، ويقدم العرب بوجه إنساني مختلف، فمزاياه يجب أن يجري تعليمها في المدارس، وربما هناك تماثل مع أفكار وتصورات أخرى في الأديان المختلفة؛ لذلك يمكن أن يكون إرثا مشرفاً للإنسانية. مراجعة ذاتية وتحدثت دبورة فايكس مديرة المعهد الدولي للأديان والدبلوماسية بالولايات المتحدة، حيث عرضت سيرتها في الانغلاق والتعصب الانغليكاني، وكيف أدركت ضرورة المراجعة الذاتية، بعد أن شعرت بضرورة التعبير عن نفسها بصدق وجرأة، وأنها دهشت من فكرة الأخوة التي ينادي بها. ما حتم عليها القيام بنقل الصورة إلى الوسط الانغليكاني، التي أحدثت به تغييرات مماثلة خلال أقل من عام. ولذلك شارك العديد منهم بزيارة المنتدى في أبوظبي الشهر الماضي، ولسوف تجدون من الانفتاح الرغبة بالتعاون معكم في إطار حلف الفضول ما يسركم، وربما يدهشكم. وخلصت إلى أن الإنسان يصنع مشاكله بنفسه، خاصة عندما يبتعد عن الآخرين بضغط تصورات ذهنية مشوهة ومغلوطة في الغالب، ولو أنه يستكشف الأمر بنفسه لما حصلت هذه القطيعة مع الآخرين «ومع ذلك أريد القول إننا نتعلم من أخطائنا». وتناولت كلمة الشيخ حمزة يوسف نائب رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، موضوع حلف الفضول، منوهاً بأنه ربما له نظائر من الأديان أو الثقافات الأخرى، إلا أنه متفرد بخصوصيته الإنسانية المجردة، بعيداً عن أي خلفيات معتقدية أوعرقية. والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أقره، إنما هو كان يسجل مرحلة جديدة في تاريخ المواطنة بالمدينة تعايش مع مكوناتها الإثنية بصورة راقية، تجمع البعد الحقوقي والأخلاقي بروح إنسانية مدهشة. وتحدث الدكتور رضوان السيد، المفكر الإسلامي والعضو بالمنتدى، فاعتبر أن حلف الفضول ينبع من مجتمع المروءة، ويمكن الاستئناس بسُنّته في رعاية المصالح العامة، وأخلاق المسؤولية في الوقت ذاته. فهذا هو مجتمعُ «المروءة» أو أخلاقُها التي كان عقلاءُ الناس وأخيارُهم قبل الإسلام يتطلعون إليه وإليها. فقه المعاهدات والمواثيق في الإسلام وتناولت الجلسة الثانية موضوع «فقه المعاهدات والمواثيق في الإسلام»، وتحدث فيها الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، عضو مجلس أمناء «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، وقال إن التنوع في الخلق سنة كونية، وقد أقرها القرآن الكريم «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة». وأشار إلى أن هناك محاولات منذ بداية القرن العشرين لجعل الدين مطية ووسيلة وصولاً لأشياء تزعزع استقرار الدولة والمجتمعات ولاتزال تلك المحاولات مستمرة، ومازالت تأتي مجموعات تقول إننا نريد السلمية وهم في الحقيقة يريدون الحرب على الدين، ورغم ذلك ما زال هناك أمل أن يتم ترسيخ استقرار المجتمعات أما بخصوص حلف الفضول التاريخي وإن كان حلف الفضول مرحلة سابقة، إلا أن الإسلام أقره من أجل الاستقرار، مشيراً علام إلى أن حلف الفضول وصلح الحديبية تجربتان علينا الوقوف عندهما، والعمل حقناً للدماء من أجل إقامة دولة المواطنة، وهي الآن صارت مطلباً ملحاً، مستشهداً بتجارب عدة أجرتها دار الإفتاء المصرية حول التعايش السلمي مع الأديان الأخرى، وإن كانت نتائجها غير مرضية، إلا أنه توجب علينا أن نوقف سيل الفتاوى التي صدرت في أزمنة لها ما لها وعليها ما عليها، وعلينا النظر إلى العالم بمنظور إنساني لا منظور إقصائي. وأضاف علام أن الاستقرار الذي شكله حلف الفضول، يندرج أيضاً في إطار وظائف الدولة. وهذا ما جعل الرسول الكريم ينوه به، وأنه لو دعي إليه في الإسلام لأجاب؛ لأن صلى الله عليه وسلم، هذا ما كان يقوم به في مجتمع المدينة؛ ولذلك لم يعرف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قطع عهدا ولم يف به، منذ اتفاقية «صلح الحديبية» التي تشكل فيصلاً مهماً في السيرة النبوية. «حلف الفضول: رؤية راهنة» في الجلسة الثالثة، التي عقدت تحت عنوان «حلف الفضول: رؤية راهنة»، تحدث الدكتور محمد ولد أحظانا الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين، فتناول الأسس التي يفترض أن يقوم عليها حلف الفضول، سواء على مستوى المنظومة الأخلاقية أو على مستوى المنظومية القانونية والحقوقية. ولذلك يرى أن فرصة تبادل الخبرات بالاطلاع على التجارب الإنسانية الأخرى. وتحدث الدكتور عبد الحسين شعبان، فقدم رؤية راهنة في مفاهيم وقيم حلف الفضول، باعتباره أحد المرجعيات الأساسية للحركة الكونية لحقوق الإنسان تاريخياً، ملاحظاً أن فكرة حقوق الإنسان لم تبدأ مع الأمم المتحدة، وإنما جاءت تراكماً لأديان وفلسفات وأفكار طوال مسيرة، ما يعني أن حلم البشرية في عالم أكثر تسامحاً وعدالة وإنسانية ظلّ هاجساً دائماً ومستمراً.

مشاركة :