دبي: محمد إبراهيم اختتمت قمة المعرفة 2018، أعمالها أمس، والتي انطلقت برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تحت شعار: «الشباب ومستقبل اقتصاد المعرفة» في مركز دبي التجاري العالمي، بإعلان مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، عن العمل على قدم وساق لإطلاق أول اتحاد عربي للمكتبات الرقمية، يضم مكتبة دبي الرقمية، والمكتبة الرقمية السعودية، وبنك المعرفة المصري، بهدف توفير خدمات معلوماتية متطورة، تتيح مصادر المعلومات للجميع، وتوفر للطلاب والباحثين فرصة الحصول على موارد مجانية للتعليم والأبحاث.وأكد خبراء ومشاركون، أن المعرفة هي الحليف الأقوى لتطوير قطاعات متعددة من حياتنا، من التعليم إلى الاقتصاد إلى التكنولوجيا، مشيرين إلى أهمية توظيف المعرفة التكنولوجية، التي تسهم في تغيير منظومات الرعاية الصحية حول العالم، فضلاً عن تقديم رعاية صحية متطورة لجميع السكان. اتحاد عربي وقال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري، إن تأسيس اتحاد عربي للمكتبات الرقمية، سيشكل تحقيق حلم طال انتظاره في العالم العربي، لرفع مستوى المحتوى العربي الرقمي، وسيتيح كذلك مصادر بنك المعرفة المصري لجميع الناس في كل مكان. وتوقع أن يشكل تأسيس الاتحاد حجر أساس لإطلاق مكتبة رقمية عربية متكاملة، تصب في المصلحة العامة لقطاع التعليم، ويوحد بين الطلاب والقراء من كافة الدول، مما يشكل إضافة اجتماعية مهمة لمجتمعاتنا.وأكد جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أن الهدف من إطلاق أول اتحاد عربي للمكتبات الرقمية، هو توحيد الجهود العربية لإثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، والمساهمة في توفير مصادر معلومات موثقة ومتاحة لجميع فئات المجتمع في مختلف دول العالم. وأضاف أن المؤسسة تسعى من خلال تلك الشراكات، إلى إتاحة المعرفة للجميع وليس لإقليم أو حيز محدد، داعياً جميع المكتبات الرقمية العربية إلى الانضمام إلى هذا الاتحاد، لتوحيد الجهود وتعزيز مسارات إنتاج ونشر المعرفة. وقال: «إن القمة خلال خمس سنوات الماضية، غيرت كثيراً من المفاهيم وغرست مفهوم المعرفة بجميع أشكالها في الإمارات وباقي الدول، وأسهمت في تحفيز جهود مجتمعاتنا نحو إنتاج ونشر وتعميم وتوطين المعرفة في العالم»، مؤكداً أن القمة قدمت أدلة متنوعة أثبتت قدرة العرب على استعادة مكانتهم المعرفية، وإطلاق مكنوناتهم الإبداعية. وأشار الدكتور سعود الصلاحي، المشرف العام على المكتبة الرقمية السعودية، إلى أن المكتبة تضم أكثر من 200 مليون مصدر معلوماتي، ولديها ما يزيد على 6 ملايين مستخدم من مختلف الفئات. وسيتيح الاتحاد العربي للمكتبات الرقمية، توفير بيئة ملائمة لبناء مجتمع المعرفة. أما خالد عبد الشافي، مدير المركز الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فيرى أن الشباب كان ركيزة محورية في قمة هذا العام، بوصفهم المحرك الرئيسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. مخرجات المنظومة وشهد اليوم الختامي للقمة أكثر من 18 جلسة وورشة عمل، ركزت على مستقبل المعرفة وآثارها في إثراء المجالات المختلفة في المجتمعات و«كفاءة النظم التعليمية وفاعلية الشباب».وفي جلسة «التعليم.. الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد المعرفة»، التي شارك فيها كل من الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، والدكتورة فاطمة الشامسي، نائبة مدير جامعة السوربون بأبوظبي، وجيف أوتيك، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة إديورو للتعليم، وكين مايهيو، أستاذ التعليم والأداء الاقتصادي في جامعة أكسفورد، الذين أكدوا أهمية مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع المتغيرات العالمية المتسارعة، التي يشهدها العالم. بيئة تعليمية وأكد الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، أهمية إيجاد بيئة تعليمية متكاملة، تعمل على تطوير مخرجاتها باستمرار، وتعمل على مواءمتها مع سوق العمل، بما ينعكس على جودة الكفاءات والكوادر البشرية، ويسهم في تعزيز مساهمتها في تحقيق التنمية وضمان استدامة اقتصاد المعرفة، موضحاً أن البناء السليم لمجتمعات المعرفة، يتطلب تطوير منظومة التعلم والتعليم لتكون لديها القدرة على مواكبة التغيرات والاستفادة من التقنيات الحديثة، لضمان توافق مخرجاتها مع احتياجات ومتطلبات المستقبل. وأشار إلى أن هناك عبئاً كبيراً على التعليم العالي عالمياً، في ظل المتغيرات الكبيرة التي تحصل باستمرار في سوق العمل، والتي تفرض على عناصر العملية التعليمية التأقلم والتكيف باستمرار من أجل النجاح، خصوصاً في ظل ظهور وظائف جديدة وتراجع وظائف أخرى، مشدداً على أهمية المهارات المتقدمة في تعزيز الكفاءة المهنية لرأس المال البشري، وعلى أن نشر ثقافتها من الأساسيات لبناء كفاءات مؤهلة وقادرة على النجاح في المستقبل. وأكد أنه على المجتمعات أن تعمل على تنمية وتطوير العملية التعليمية من خلال توجيه الأفراد نحو المهارات المستقبلية، من تقنية وشخصية «مهارات ناعمة»، ليتمكنوا من التكيف والتأقلم مع المعطيات الجديدة في المستقبل. المعارف والمهارات وشددت الدكتورة فاطمة الشامسي، على أهمية وجود البنية التحتية اللازمة لنشر المعارف والمهارات، وهذا يحتاج إلى درجة معينة من التطور التقني على مستوى المجتمع، وأوضحت أن الابتكار يعد أهم مرتكزات اقتصاد المعرفة، وهناك ضرورة لربطه بشكل مباشر بالعملية التعليمية، من أجل تطوير عملية نشر المعرفة بوتيرة مستمرة. وأوضح جيف أوتيك، أنه يجب على المجتمعات أن تستثمر في إدخال المهارات الشخصية و«الناعمة» إلى المنظومات التعليمية. وتحدث كين مايهيو، أستاذ التعليم والأداء الاقتصادي بجامعة أكسفورد، عن أن التعليم «الصحيح» هو شرط ضروري لتحقيق الاقتصاد المعرفي. الاقتصاد التكنولوجي وناقشت جلسة بعنوان: «اقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، دور الثورة الصناعية الرابعة في دعم الاقتصاد التكنولوجي القائم على المعرفة، وآثار الفجوة الرقمية على الاقتصاد، بينما تضمنت جلسة «المردود الاقتصادي للتعليم العالي والبحث والتطوير والابتكار»، مناقشة حول فاعلية نظام التعليم العالي، والأداء التفاضلي للبحوث والابتكار في جميع أنحاء العالم. آليات التواصل وكان لموضوع الهندسة التقنية ودراسة آليات التواصل، النصيب الأكبر في جدول أعمال القمة من خلال حلقة نقاشية بعنوان: «نظام اجتماعي جديد لجيل الألفية الجديدة»، حيث استعرضت روكسان ميدوز؛ الشريك المؤسس لمشروع «فينوس»، منهجيات البحث للعلم والتكنولوجيا، وتسخيرها لإحداث تغيير إيجابي في نظامنا الاجتماعي، وكيفية تنظيم وإدارة المجتمعات وفق أسس علمية مدروسة، وإحداث نقلة نوعية على هذا الصعيد في أسرع وقت ممكن. وفي جلسة «توظيف المعرفة لتحسين الرعاية الصحية»، أكد المشاركون أن المعرفة التكنولوجية لديها إمكانية لتغيير منظومات الرعاية الصحية حول العالم، التي تمر بكثير من المتغيرات المتسارعة، مما جعل المستقبل مجهولاً بالنسبة لتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمعرفة التكنولوجية الضخمة في هذا القطاع، مشيراً إلى أهمية مواءمة التكنولوجيا الحديثة في مجال الرعاية الصحية مع القدرات البشرية، وتوفير التدريب والدعم المستمرين للكوادر الطبية للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة واستثمار المعرفة. تنافس أم تكامل؟ وحظيت جلسة «الاقتصاد الرقمي والاقتصاد المعرفي.. تنافس أم تكامل؟» بتفاعل واهتمام كبيرين؛ حيث ناقش عدد من كبار الخبراء مجموعة من المحاور المهمة، تمثلت في التوجهات المستقبلية للتكنولوجيا الحديثة، ودورها في تطوير الاقتصاد ودعم الشركات الكبرى والصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، وأثرها في مختلف المهن والمجالات، والاستراتيجيات اللازمة للتجاوب معها، واستباق التطورات المقبلة.وأكد المشاركون أن المستقبل يعتمد أساساً على تقنيات الاتصالات، وأشادوا بإنجاز الإمارات في مد 3 ملايين كيلومتر من كابلات الألياف الضوئية، وغير ذلك من عناصر البنية التحتية القوية التي يمكن بتوظيفها على الوجه الأكمل حالياً تحقيق قفزات تقنية واقتصادية كبرى، كما أوضحوا أن نحو ثلث الوظائف التي سيحتاج إليها السوق سنة 2020 غير موجودة الآن، مؤكدين أهمية التغيير استعداداً للمستقبل.واستعرضت ندوة خلال فعاليات «قمة المعرفة 2018»، النموذج المصري لتطوير التعليم، ومجموعة من الأفكار الريادية المتقدمة في مجال التعليم. واستضافت الجلسة الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الفني والتدريب، والدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بمصر، حيث تناولت الندوة البرنامج المصري لتطوير التعليم قبل الجامعي. مناقشة دور الإعلام في نمو اقتصاد المعرفة وتضمنت فعاليات اليوم الثاني للدورة الخامسة من قمة المعرفة 2018، جلسة تفاعلية بعنوان: «الإعلام.. تأثره وتأثيره في اقتصاد المعرفة»، استضافت نخبة من المتحدثين من المسؤولين وصناع الإعلام. وناقشت الجلسة مجموعة متنوعة من المواضيع المهمة، شملت أهمية الإعلام في دفع عجلة اقتصاد المعرفة، وآليات اختيار المحتوى الإعلامي في عصر الوفرة، وكيفية إسهام جيل الشباب في تغيير ملامح صناعة الإعلام، إضافة إلى مناقشة دور وسائل الإعلام في صناعة محتوى إعلامي معرفي يواكب تطورات العصر واهتمامات المجتمعات الشابة.وقال منصور المنصوري، مدير عام المجلس الوطني للإعلام: «إن العلاقة بين الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي تكاملية، وما زالت وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية هي الأكثر مصداقية، مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يسمى بالإعلام الجديد في نظر القراء». وبيّن علي جابر، عميد كلية محمد بن راشد للإعلام، مدير مجموعة أم بي سي، أنه لا وجود لاقتصاد المعرفة من دون الإعلام الذي تحول إلى صناعة رائدة ومتفردة تضاهي الصناعات الكبرى، وضمن هذا التوجه تسعى حالياً كبرى المؤسسات المطورة للتكنولوجيا، إلى دعم البعد الإعلامي من خلال ما تقدمه من حلول ووسائل تقنية تشكل شريكاً استراتيجياً للإعلام، وتسهم في إبراز أهميته وتعزز من سرعة نقل المعلومة. وحول محور المصداقية والتصدي للأخبار الكاذبة، أكد الجابر أن منصات التواصل الاجتماعي هي وسيلة لنقل الأكاذيب، ونمت في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في قطاع الإعلام، وبالتالي بدأت بعض المؤسسات الإعلامية بالتخلي عن التحقق من صحة الأخبار ومصادرها، لتستطيع منافسة سرعة نشر الأخبار.وقال عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، نقيب الصحفيين المصريين: «الإعلام التقليدي اليوم، يواجه مرحلة مفصلية في تاريخ الصناعة ككل، والتطور السريع الذي يشهده القطاع بفضل ما جلبته أحدث مخرجات التكنولوجيا، يشكل نقطة تحول في مسار هذه الصناعة، وهو عامل رئيسي يجب الاعتماد عليه في مواجهة التحديات، والحيلولة دون اندثارها». وأكد سلامة أن صحيفة الأهرام تسعى إلى استدامة التطوير والارتقاء بأدائها المؤسسي، ضمن رؤيتها 2025، بهدف تحقيق تحول ذكي وشامل لكافة مكوناتها، بما يتناسب مع التطور الذي يشهده العالم. من جانبها أكدت الشيخة فوز الصباح، مؤسسة كراود كرييتف هاوس، أهمية إشراك الشباب في صناعة الإعلام وإيجاد مساحات تعكس اهتماماتهم. 175 مواطناً أعمارهم 27 عاماً قال عامر الصايغ الغافري، مدير مشروع «خليفة سات» في مركز محمد بن راشد للفضاء: «إن المواطنين يمثلون أغلبية فريق العمل في المركز، ويبلغ عددهم 175 مواطناً متوسط أعمارهم 27 عاماً، ونحن نفخر بأن العنصر النسائي يمثل أغلبية العاملين في المركز، وهو ما يعكس دور دولة الإمارات البارز في تمكين المرأة لما لها من دور في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة». المعرفة واستيطان الفضاء وسلطت جلسة نقاشية بعنوان: «توطين المعرفة لاستيطان الفضاء»، الضوء على نماذج إماراتية وخليجية مشرقة في مجال الفضاء. واستعرضت نخبة من المتحدثين الإماراتيين، استراتيجية الدولة للفضاء التي جعلتها رقماً عالمياً قوياً في هذا المجال، وتسير بخطى ثابتة حققت العديد من الإنجازات على أرض الواقع.
مشاركة :