يا نبعة الريحان.. حِنّي على الولهان

  • 12/7/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هذا بلاغ إلى النائب الدولي العام: منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة لا تؤدي واجباتها المقررة في بيان تأسيسها في عام 1945. وأهم هذه الأهداف: القضاء على الجوع في العالم. ولتحقيق هذا الهدف ينص نظام المنظمة على مساعدة البلدان النامية والبلدان الفقيرة على تطوير وتحسين ممارسات الزراعة والغابات ومصائد الأسماك. باختصار: تحقيق التغذية الجيدة والأمن الغذائي للجميع. فماذا فعلت؟ شعار هذه المنظمة التي يعتبرها كثيرون أهم منظمة إنسانية منذ تأسيس الأمم المتحدة هو: «أوجدوا خبزاً». وعدد أعضائها 194 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي (عضو عامل) وجزر فارو وتوكلو (عضوان منتسبان). تبلغ ميزانيتها السنوية أكثر من مليارين ونصف المليار دولار. أشهر مدير عام للمنظمة اللبناني إدوارد صوما الذي تولى مسؤوليتها منذ عام 1976 إلى عام 1993 وهو العربي الوحيد الذي ترأسها بين مديرين من البرازيل والسنغال وهولندا والهند وبريطانيا والولايات المتحدة. وللمنظمة مكاتب إقليمية في غانا وتايلاند والمجر وتشيلي ومصر، أما مقرها الرئيس فهو في العاصمة الإيطالية روما. في عام 1980 زار الدكتور إدوارد صوما مدير عام المنظمة بغداد وبعثتُ المحرر العلمي لجريدة «الجمهورية» الراحل الدكتور توما شماني لإجراء مقابلة معه عن نشاطات المنظمة. ونشرنا الحديث الخالي من أي معلومات ذات قيمة غذائية تحت عنوان: «الدكتور توما يقابل الدكتور صوما»! وأعود إلى السؤال الذي بدأت به المقال: ماذا فعلت المنظمة؟ الإجابة: أصدرت مئات البيانات الصحفية والتقارير والكتب والأقراص المضغوطة والملصقات الجدارية التي تم توزيعها على الفقراء لسد الرمق والقضاء على الجوع، وخاصة في إفريقيا وملاجئ ملايين المهاجرين والفارين من الكوارث والحروب الأهلية. وفي النية إنتاج أفلام غذائية عن فوائد السوشي والكافيار والبطيخ الأحمر والأصفر والفرق بين شواء اللحوم في الأفران والشواء على الحطب في البراري أو على ساحل سان تروبيز. كما سيتم إطلاق حملة دولية من المحاضرات عن أهمية النحافة والرشاقة ونبعة الريحان التي طلب منها المطرب العراقي محمود العيساوي أن تحنّ على الولهان. وعلمتُ من مصادر غير عليمة أن المنظمة في طريقها إلى اللحاق بالتقدم الإلكتروني عن طريق تأسيس شبكة اتصالات هاتفية فضائية لتوصيل الكرواسون والبقلاوة بالفستق والخراف المحشية بالطيور على شكل «مسجات» لكل فقراء العالم للقضاء على وطأة الجوع والحرمان. أعود إلى الجدّ، من بين مشاريع المنظمة «الجادّة» مساعدة الأسر على تربية الخنازير في فنزويلا، وحدائق مدرسية في الرأس الأخضر وموريتانيا، وقطف الموز في أوغندا، وتعليم الأطفال الهنود كيفية رسم الأسماك في كراريس المدارس. وحسب موقع المنظمة الإلكتروني إن عدد الجياع في العالم مليار نسمة، يعيشون على ما يأكلونه في أيام الانتخابات على نفقة المرشحين الفاسدين وخيرات الطقوس الدينية ومآدب مجالس الفاتحة والعزاء. وتحلم الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بالقضاء على الجوع بحلول عام 2030، ومن الآن إلى ذلك الحين قد يموت الجياع الذين قرأوا الوعود، أو يموت مديرو تلك الوكالات أو يموت حمار جحا! حفزني لكتابة هذا المقال ما قرأته عن تولي مصر رئاسة المجلس الدولي للزيتون لمدة سنة. وهذا المجلس احتفل بمرور 60 عاماً على تأسيسه، وتشارك فيه 17 دولة بينها إسبانيا التي تعتبر الدولة الأولى عالمياً في زراعة الزيتون بمساحة مليونين ونصف مليون هكتار، ومصر التي تحتل المركز الأول في إنتاج زيتون المائدة، ودول أخرى هي تونس والأرجنتين وألبانيا والجزائر والعراق وإيران والأردن ولبنان وليبيا والجبل الأسود والمغرب وسوريا وتركيا والأوروغواي. لكن فلسطين التي كانت تتصدر الدول المنتجة للزيتون ليست عضواً في المجلس الذي اغتصب عضويتها لصالح «إسرائيل» التي «جرّفت» آلاف الهكتارات من الأراضي المزروعة بالزيتون العائدة إلى الفلسطينيين أصحاب الأرض والوطن المحتل. ويبدو أن هذه ال 17 دولة تعتبر الزيتون أكثر أهمية من الخبز والألبان واللحم والرز والسكر والخضراوات والفواكه. لذلك لم نسمع عن المجلس الدولي للحمص بطحينة أو الباذنجان أو الدجاج أو الرز أو القمح أو البطاطس أو الفاصوليا أو السبانخ الذي نصحنا «باباي» في سلسلة أفلام الكارتون التي تحمل اسمه بتناوله لنصبح بقوة الحديد. كل هذه المنظمات والمجالس والهيئات والوكالات هواء في شبك؛ اجتماعات وسياحة وتسوق وبيانات ووعود، وأبرز أمثلتها منظمة الأغذية والزراعة الدولية التابعة للأمم المتحدة التي ترفع شعار: «أوجدوا خبزاً» حتى أصبح هذا الشعار شأنه شأن شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد والقضاء على المخدرات حبراً على ورق.

مشاركة :