يتعرض مرضى السرطان في اليمن لحرب حوثية منذ قرابة أربعة أعوام، أدت إلى تفاقم معاناة المرضى بشكل يثير الفزع وعرّضت حالات كثيرة في مرحلة الشفاء إلى انتكاسة كبيرة ارتفعت معها نسبة الوفيات إلى حد كبير لاسيما في المناطق التي تسطر عليها ميليشيات الحوثي الإيرانية التي تُوصف في الأوساط الشعبية اليمنية بـ «سرطان إيراني». وفي سياق الحرب «السرطانية الحوثية « على مرضى السرطان وقيامها بتدمير الخدمات الصحية والطبية في البلاد ووضع العراقيل أمام دخول المساعدات الطبية ونهبها أحيانا، فقد شرعت أخيرا في اتخاذ إجراءات للالتفاف على الدعم الإنساني الذي يقدمه مركز الملك سلمان والمنظمات الإنسانية الدولية لمرضى السرطان. حيلة التفاف حوثية ووفقاً لمركز العاصمة الحقوقي فقد استحدثت ميليشيات الحوثي الانقلابية التابعة للنظام الإيراني أخيرا هيئة جديدة تابعة لها باسم «رابطة مرضى السرطان» للالتفاف على الدعم الإنساني الذي تقدمه المنظمات الدولية، مشيرا إلى أنه حصل على وثيقة تتضمن مذكرة من القيادي الحوثي «طه المتوكل» يوجه فيها المستشفيات والهيئات الحكومية في صنعاء بالتعامل مع الرابطة الحوثية المستحدثة وتقديم الدعم عبرها. وتسعى ميليشيات الحوثي الإيرانية من خلال إنشاء الرابطة المستحدثة إلى إحلالها محل المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، على نحو يمكنها من الالتفاف على الدعم الإنساني المقدم من مركز الملك سلمان ومنظمات إنسانية دولية لمرضى السرطان وفرض مبالغ مالية كبيرة على رجال الأعمال والتجار لصالح «الرابطة» التي تزعم أنها مخصصة لمكافحة السرطان، في حين أنها تسخر الأموال عادة لتمويل مجهودها الحربي وإثراء قادتها دون أن يحظى المرضى بأي رعاية طبية. وفاة 1000 مريض بتعز على أن محاولة الالتفاف على الدعم المقدم من مركز الملك سلمان والهيئات والمنظمات الإنسانية الدولية لمرضى سرطان تُعد شكلاً من أشكال «الحرب السرطانية الحوثية» وسببا واحدا فقط من عدة أسباب وعوامل حوثية أخرى ضاعفت معاناة المرضى وأدت إلى ارتفاع حالات الوفاة، إذ إن في مدينة تعز وحدها كشف مسؤول في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان عن وفاة أكثر من 1000 مريض بالسرطان في المحافظة بسبب عجز مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية عن تقديم العلاج بفعل الحرب الانقلابية والحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي الإيرانية على المدينة منذ قرابة أربعة أعوام، لافتا إلى أن مركز الأمل تعرض أيضا للقصف بقذائف وصواريخ الميليشيات. وسائل حوثية أخرى وبحسب مسؤول في وزارة الصحة اليمنية فإن تفاقم معاناة مرضى السرطان في اليمن يعود إلى عوامل عديدة أبرزها تدمير الحرب الانقلابية للمقومات والخدمات الصحية العامة والخاصة في البلاد التي ذكرت تقارير أممية أن الحرب الانقلابية فيها تسببت في خروج أكثر من 50 في المئة من المرافق الصحية عن الخدمة، في حين تعاملت الميليشيات مع المراكز والمرافق الطبية والمستشفيات العامة والخاصة كغنيمة، وقامت بتغيير جميع الكوادر الإدارية على رأسها وإحلالهم بعدد من عناصرها الطائفيين ليتمكنوا من جني عائدات المراكز الصحية والمستشفيات. وأشار المسؤول في وزارة الصحية اليمنية لـ»الرياض» إلى أن من بين الأسباب التي ضاعفت معاناة مرضى السرطان، وضع العراقيل أمام المنظمات الإنسانية وقيام الميليشيات الحوثية بحظر دخول المساعدات الطبية إلى المستشفيات عبر النقاط والحواجز والممرات التي تسيطر عليها، علاوة على الممارسات التي تضيق من خلالها على الجمعيات الخيرية والإنسانية التي كانت تساعد المرضى في تأمين تكاليف العلاج التي تُعتبر باهظة جداً بالنسبة لأي مريض. كما أن الحرب الانقلابية عطلت أعمال أهالي المرضى ووضعتهم في موضع العجز وانعدام الحيلة أمام فتك السرطان بمرضاهم في ظل ارتفاع تكاليف العلاج والدواء، خصوصا في ظل الحملة التي تنفذها الميليشيات لسحب الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة من المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية في صنعاء، ومن ثم إعادة توزيعها على الصيدليات الخاصة والتابعة لقيادات حوثية وبيعها بأسعار خيالية ومضاعفة، ناهيك عن صعوبة سفر المرضى من القرى الريفية لتلقي العلاج سواء في مراكز الأورام السرطانية في المدن اليمنية الرئيسة أو خارج اليمن في ظل ما تفرضه الميليشيات الانقلابية من إجراءات شاقة في التنقل وتعرض بعض المرضى للاعتقال في النقاط والحواجز الحوثية بتهم متعددة. ثقة بإنسانية المملكة ويقول الشاب (ح . ع) لـ «الرياض»: إنه لم يتمكن من نقل والده المريض بسرطان الكبد لتلقي العلاج في مستشفيات صنعاء بسبب الوضع الأمني وخوفا من تعرضه للاختطاف والابتزاز من قبل الحوثيين، مشيرا إلى أن السرطان يفتك بوالده أمام عينيه وتزداد حالته تدهورا، ويعاني ألماً شديداً دون أن يتلقى أي أدوية، حيث يعيش في قرية نائية بمحافظة ريمة التي تفتقر لوجود أبسط المؤهلات الخدمية والطبية، في حين يعاني ذوو المريض من القهر بسبب عجزهم أمام إجرام ووحشية الميليشيات وعدم تمكنهم من نقله لتلقي العلاج. وما إن تحدثت «الرياض» إلى أهالي المريض حتى وجدوها فرصة لتوجيه استغاثة للمنظمات الدولية وللأمم المتحدة لوضع حد لجرائم الميليشيات بحق مرضى السرطان في اليمن والضغط عليها لرفع القيود والعراقيل التي تفرضها على جهود مكافحة السرطان. وقال الشاب (ح . ع) لـ « الرياض»: إن الحوثيين يقتلوننا ببطء، ولا يسمحون لمن يحاول مساعدتنا أن ينقذنا، ونحن نثق وندرك أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لن يتأخر عن إنقاذ كافة مرضى السرطان في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية الإيرانية كما شاهدناه وهو ينقذ المرضى في مختلف المحافظات المحررة، لكننا ندرك أيضاً أن الميليشيات هي من تمنع وتُعيق وصول المركز إلينا، ولا تريد أن يساعدنا وينقذنا، وسيبقى أملنا الوحيد هو أن تتحرر مناطقنا من قبضتها الإرهابية ليتمكن مرضانا من الحصول على العلاج والدواء، وليتمكن أشقاؤنا في مركز الملك سلمان من الوصول إلينا ومساعدتنا.
مشاركة :