في آخر يوم من شهر رمضان المبارك وفي مدينة جميلة وهادئة , بينما الأطفال يلعبون ويستعدون لاستقبال عيد الفطر المبارك ,,,, كانت هناك عائلة بسيطة مكونة من ريم تبلغ من العمر تسع وثلاثين ربيعاً كانت رائعة , معطائه , مكافحة، متزوجة من عمرّ كان جاف المشاعر وحاد الطباع لا يجيد مهارة التواصل والحديث مع الآخرين , صعب التعامل ،ولديهم أربع فتيات وأربعة صبيان. كانت تستعد هي وأبنائها لاستقبال العيد السعيد والحماس يملأ قلوب أطفالها كشعور أيُّ طفلٍ في مثل هذا اليوم. وفي يوم الجمعة 20 /10 وبعد عدة أسابيع بدأت ريم استعدادها للعام الدراسي الجديد فكانت الأقرب لأبنائها , تلبي حوائجهم و تحتويهم، ولكن لم تنسَ نفسها فكانت هي طالبة أيضاً !! وكانت ريم في أول سنة دراسية لها في الجامعة، لم تستطع أن تكمل دراستها لظروف تربية أطفالها ولأنها تزوجت في سنٍ صغير، سكنت في مدينة المجمعة التي تبعد ساعتين تقريباً عن جامعتها في الرياض. في الساعة الخامسة فجراً يوم السبت 21 /10 استيقظت ريم بكل نشاطٍ وحماس وأعدت وجبة الأفطار لأبنائها ووضعت طفلها الصغير فهد الذي يبلغ من العمر شهرين عند امرأة تدعى أم يوسف وهي امراة كبيرة بالسن تسكن في بيت كبير جداً وبجانبه مزرعتها الخاصة ولديها أبناء وبنات، واشتهرت بفعل الخير ومساعدة الناس من حولها هي وزوجها. تذهب ريم كل فجرٍ بعد أن تجهز الإفطار وتكمل ابنتها الكبيرة سارة تجهيز إخوتها للذهاب لمدارسهم، وتعود ريم قُبيل العصر , تأخذ طفلها من أم يوسف لتحضنه و لتكمل رعايته، أحست ريم بأن وجود فهد غير مرحب به بين عائلتها فلا أحد يداعبه ولا يحبه حتى والده !! وكانت تشتكي لأم يوسف عن وجود فهد بين عائلتها وكأنه غريب بين إخوته لا أحد يحبه ولا يداعبه، على عكس أم يوسف التي وكأنها أخذت الحب كله وتقاسمته هي ووالدته فقط , كانت تحبه بجنون!!! كانت أم يوسف كأم ريم الثانية، تراعيها وتعاونها وتدعيِ لها. -بعد مرور ثلاث سنوات استيقظت ريم فجراً كعادتها للذهاب للجامعة وأخذت فهد وقبلّته وتأملّته وكأنها لاتريد غياب ملامحة من ذاكرتها وذهبت به إلى أم يوسف كعادتها ثم توجهت وذهبت لجامعتها. #لم يبقى سوى القليل على تخرجها # وأثناء وجودها في الباص اتصلت على زوجها وقالت له هل تعلم ماهي امٌنيتي ؟ قال: لا , ماهي؟ قالت: أن أراك تتواصل مع أطفالك و تداعب ابنك فهد وأن نجتمع كعائلة واحدة فشعور أنك غريب عنا يؤثر على أبنائك خاصةً فهد الذي يغيب عن ناظرينا كثيراً بسبب انشغالي بدراستي الجامعية. وفي أثناء المكالمة قٌبيل الوصول للعاصمة شعر سائق الباص بالنعاس لم يتمالك نفسه فغفى أثناء القيادة وهو يقود مما أدى إلى اصطدامهم بشاحنة ولازال عمر يستمع إلى آخر كلمات ريم. وللأسف التقطت ريم وزميلاتها أنفاسهن الأخيرة. ذهب عمر مسرعاً إلى الرياض وباشر المسعفين الحالة، لم يتمالك عمر نفسه فهو لا يستطيع تدبير وإدارة أيّ شئ دون وجود ريم.. وحين علموا أبنائها حزنوا جداً لفراقها فكانت لهم الأم والصديقة وحقدوا حينما علموا أن ريم كانت تتحدث عن فهد في آخر أيام حياتها فما الذي يميزه عنا. قرر عُمر أن يعزل فهد ذو الثلاث سنوات عن إخوته بسبب كرهه وكره أبنائه له. دراسة لحالة الزوج:” هي حاله نفسية تسمى ALEXITHYMIAوالمصاب بها يعجز عن وصف شعوره أو توصيل ما يحس به للأخرين وقد يصل لدرجة أنه هو بنفسه لا يعلم ماذا به ولا يتحكم بتصرفاته وقراراته ” انتقل الخبر إلى صاحبة القلب الحنون أم يوسف وحزنت حزنين حزن على فراق ريم وآخر أن هناك فجوِّة كبيرة بين فهد و عمر وأبناءه البقية وهو غير مرحب به بالعائلة. لم تتمالك نفسها وتعجبت من أباه بعد فعلته الغير مدروسة والغير عادلة! وتكفلت اُم يوسف بعناية خاصة للطفل فأصبحت له خير اُم قبل وبعد ريم. ترعرع فهد على أكنافها وكان لا يعلم أن عائلة اُم يوسف ليست بعائلته الحقيقية، فدرسته في أرقى المدارس ووفرت له أنظف وأجمل الملابس ،كان حسن الخلق وكان يصطحبه أبو يوسف إلى المساجد وحلقات التحفيظ والنشاطات التي تعود عليه بالنفع والفائدة. نست عائلة عمر بأن لهم أخ اسمه فهد فكان لا وجود له بينهم حتى بالأعياد والمناسبات لا يلتقون به وكانت قلوب بقية إخوته قاسية تجاهه، حيث إن والده بعد فترة قصيرة من وفاة زوجته تزوج من مرأة أخرى و أنجب منها أطفالاً. كبُر فهد وأصبح فضولي كثيراً فهو دائماً ما يكرر على أم يوسف أسئلة غريبة مثل لماذا لا أشبهكم ولماذا أسمي غير أسماء إخوتي !!فكانت أم يوسف لا تستطيع أن تشبع فضول فهد فهو الآن ناضج. وفي يوم مثل بقية الأيام ذهب فهد إلى مدرسته وهو بكامل حماسه ونشاطه كأمه التي كانت تحب العلم هو الأن … في المرحلة الثانوية آآآه كبر ذلك الطفل الصغير. تناقشت أم يوسف وأبو يوسف حول موضوعه هل سنبقى على هذا الحال؟ فهد أصبح بالغاً ولا يجوز أن يرى ويجلس مع باقي إخوته وكيف سنحل هذه المشكلة؟ وهي أيضا لا تستطيع فراقه بالرحيل عنها بعيداً فأخذ التفكير هاجس الجميع للبحث عن حلٍ. قررت أم يوسف وزوجها إنهاء هذه المسألة وتمهيد الحقيقة لفهد كي لا ينصدم وبعد ذلك هو من يقرر البقاء أم الانتقال لعائلته الحقيقية ؟ بدأت أم يوسف تروي لفهد عن تلك المرأة المكافحة كتمهيد له.. ومع مرور الوقت تمنى أن يلتقي بها وفي يوم قالت له “لطالما تلك المرأة كانت تحلم بالشهادة الجامعية إلى أن تصل إلى الدراسات العليا رغم مشقة وتعسر حياتها”.. أخذت ريم هاجس وتفكير فهد إلى أن جاء اليوم الذي سيعرف فهد ما صلة قرابتها به. قرر أبو يوسف إبلاغ فهد بالحقيقة قبل أن يموت ويظلم فهد فقرر أن يأخذه إلى بيت والده عمر في أيام عيد الفطر المبارك وأخبره أنه الآن أصبح رجلاً يعتمد على نفسه ويتخذ قرارته بعقلانية وأن هذا منزل والدته وإخوانه !! كان فهد في قمة صبرة بعد علمه بكل ماحدث!!! تبنته عائلة وتحملته منذ صغره ,عائلة لم يشعر تجاهها بأي بوادر أو تقصير ورأى في وجه أبيه “عمر” عدم المبالة والحفاوة بقدومه بل كان مجيئ فهدٍ إضافة لتوتر العائلة أكثر مما يلزم ومع همسات ولمزات إخوته من حوله،أصبح عيد فهد أشبه بالصدمة. فقال له أبو يوسف: نحن من قررنا تربيتك وأحببناك ولا نستطيع فراقك لكن لابد من إخبارك بالحقيقة حتى وإن كانت قاسية عليك يا بني .. تقبل فهد حقيقة أن عائلته مختلفة وعلم أن المرأه التي تتحدث عنها أم يوسف كثيراً تصبح والدته وأجزم أنه سيحقق ماكانت تطمح إليه. أكمل الثانوية بمعدل عالٍ ساعده في التحاقه ببرنامج خادم الحرمين الشريفين “وظيفتك بعثتك” فقرر أن يكمل دراساته العليا ليحظى بتحقيق أحلام والدته التي أقبلت أن تشرق ولكن الموت حال بينها وبينه .. -بعد مرور الزمن: تزوج فهد وأصبح لدية أسرة واستقر في مدينة الخبر وكانت عائلته هي أم يوسف يذهب لزيارة والده في كل عيد ليتذكر فقط أنه قريب بينهم وكأنه ارتكب ذنب لا يمت له بصلة .. فهنيئاً بالأجر لكافل اليتيم لقوله صلى الله علية وسلم “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة” تم بحمد الله تعالى. بقلم الكاتبة : تغريد بنت عبدالله المخلفي. الساعة 11مساءً 30/9
مشاركة :