ميلانو (إيطاليا) - يستهل الشاعر العراقي عبدالزهرة زكي كتابه الشعري الجديد “الديوان الغربي للشاعر الشرقي” بإهداء إلى الشاعر الألماني غوته صاحب كتاب “الديوان الشرقي للمؤلف الغربي”، قبل أن تطالعنا عبارة “اغترب تتجدد” لأبي تمام كعتبة أولى تعكس ما سيمسي الخطوة التي لن ننساها ونحن نعيش التجربة بطريقة معكوسة. لغة مثقلة بالحروب والعنفلغة مثقلة بالحروب والعنف إن كان تركيز غوته على ثقافة الشرق وتراثه ومرجعياته الروحية في كتابه، فإن ديوان عبدالزهرة زكي ينشغل برؤية وتأمل وقائع الحياة اليومية في المدن الغربية، أي ما يقابل ثنائية “شرق-غرب” من موقع آخر وفي زمنين مختلفين، بين ماض بعيد وحاضر ينحاز للتفاصيل التي قد تغيب عن السكان الأصليين لتلك المدن وتلتقطها عين الغريب. ولنا في كل قصيدة تفصيل يتّكئ على خفة في السرد والتقاط لمشاهد عابرة يكثفها الشاعر حتى تغدو ذاكرة حيّة لأن تلتهمه الأحداث المتسارعة ويطويه، أو يمحيه النسيان بلمسة واحدة على شاشات الآي باد والموبايلات. يتنقل الشاعر عبدالزهرة في ديوانه الغربي عبر قصائد تبدو كشوارع، وساحات، ومتاحف، ونصب وتماثيل؛ تنتمي لذاكرة وتاريخ مدن عديدة، حيث تتحوّل الكتابة الشعرية خلال تلك الرحلات، إلى دليل إنساني لا يغفل تلك الروح التي كتب بها غوته مؤلفه، بنظرة صوفية عميقة للحياة بكل مظاهرها. هذا ما نلمسه في لغة الديوان المنسابة رغم أنها مثقلة بالحروب والعنف والدمار، حتى أن قارئ كتب صاحب “هذا خبز” الصادر منتصف التسعينات والذي يعد تعبيرا صادما ومؤسسا عن محنة الإنسان العراقي في الحصار؛ ينتبه إلى المناطق الجديدة وغير المتوقعة التي يأخذنا إليها الشاعر في البحث عن شعرية بديلة لواقع مأزوم. ونذكر أن “الديوان الغربي للشاعر الشرقي” صدر أخيرا ضمن سلسلة “براءات” لسنة 2019، التي تصدرها منشورات المتوسط وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.
مشاركة :