بقلم / رئيس التحرير- صالح بن عفصان العفصان الكواري : شهد مركز بتراجايا الدولي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور أمس حدثاً عالمياً بامتياز، ألا وهو تكريم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى ودولة السيد مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا وسعادة السيد يوري فيدو توف، ممثل الأمين العام، المدير العام لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الفائزين بـ«جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد» في نسختها الثالثة، حيث جرى توزيع الجوائز والاحتفاء بالفائزين تقديراً وعرفاناً بما يقدمونه من إسهامات مقدَّرة في البحث والابتكار والأفكار والمبادرات الخلاقة، دعماً للجهود الدولية في مكافحة الفساد وتخليص العالم من هذه الآفة المقيتة. وحظيت الجائزة منذ إطلاقها عام 2016، بترحيب دولي وأممي واسع على كافة المستويات والصعد كونها بمثابة الأداة الفاعلة والمثالية في مكافحة الفساد واجتثاثه، وتخليص العالم من تبعاته ومخاطره المدمرة، ولدورها في التنبيه والتذكير المستمرين بهذه المهالك المترتبة على الفساد، وضرورة الوعي بالتصدي له، والتأكيد على أهمية التضامن والشراكة مع الأمم المتحدة والأسرة الدولية لتجفيفه قدر الإمكان، وعدم التساهل بشأنه، فضلاً عن كون الجائزة وسيلة فاعلة وبالغة الأهمية في دعمها لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تعتبر الفساد جريمة وظاهرة خطيرة وجسيمة غير مقبولة، ما يوجب التصدي لها بكل شجاعة.رئيس الوزراء الماليزي من أكثر الشخصيات في العالم محاربة للفساد العلاقات القطرية الماليزية تاريخية.. وزيارة صاحب السمو عززت التعاون ولا شك أن دولة قطر بإطلاقها «جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد» والتي تتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد في 9 ديسمبر كل عام، فإنها تمارس بذلك دوراً رائداً واستثنائياً يضاف لأدوارها الإيجابية التي تقوم بها حالياً في مكافحة الإرهاب والجريمة بشتى صورهما وأشكالهما، وفي حل النزاعات ودعم جهود ومبادرات الأمن والسلم العالميين، إضافة إلى عطائها الإنساني، ومساعدتها للدول والشعوب المعوزة والمحتاجة، وإسماعها صوتها، والوقوف إلى جانب الحق والعدل وسيادة حكم القانون، ما أكسبها احتراماً دولياً لا حدود له، وشراكات عالمية استراتيجية، بل وأصدقاء جدداً، وعزز من مكانتها الدولية التي تتبوأها بقيادة حكيمة وتوجيهات راشدة سديدة، وسياسة فاعلة نشطة وسليمة داخلياً وخارجياً. وبالتأكيد فإن إطلاق دولة قطر لهذه الجائزة المرموقة المهمة، يصب في اتجاه الأجندة التنموية العالمية التي لا يمكن تحقيقها إلا بالحكم الرشيد ومكافحة الفساد وسيادة دولة القانون واتباع قيم النزاهة والشفافية، والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان وتهديد الدول والشعوب والقتل خارج القانون، وكلها مجتمعة تُعد من أشد أنواع الفساد وسوء استخدام السلطة. مبادرة رائدة تضاف لأدوار قطر الإيجابية في مكافحة الإرهاب والجريمةقطر تدعم الحكم الرشيد وسيادة دولة القانون واتباع قيم النزاهة والشفافية وبالطبع فإن اختيار مملكة ماليزيا لتوزيع جوائز هذه الدورة وتكريم الفائزين بها له مغزاه، فدولة الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا معروف عنه أنه من أكثر الشخصيات في العالم كُرهاً للفساد ومحاربة له، لتتبوأ ماليزيا خلال سنوات حكمه السابقة 1981- 2003، وحتى في فترة حكمه الجديدة، مكانة مرموقة وتكتسب سمعة طيبة من حيث الرقي والنزاهة والتحضر والتطور. وقد أكد السيد مهاتير على هذا المعنى في الكلمة التي ألقاها في حفل التكريم وتوزيع الجوائز، حين قال إن اختيار ماليزيا لهذا الحدث العالمي المهم هو اعتراف من المجتمع الدولي بجهودها في مكافحة الفساد، وأن رفض الفساد كان هو سبب تصويت غالبية الماليزيين ضد الإدارة السابقة والتحالف الذي حكم البلاد منذ الاستقلال. وفي هذا السياق، نقول لكل من يقدم الجهد والفكر ويبتكر لمكافحة الفساد إن قطر وقيادتها الحكيمة تقف معكم وتبارك جهودكم وتشد من أزركم وأنتم تسيرون في هذا المنحى، فتلك هي رسالة قطر وقيادة قطر للعالم التي أكد عليها سعادة الدكتور علي بن فطيس المري، محامي الأمم المتحدة الخاص بالفساد بقوله في حفل التكريم، إن سمو الأمير يود أن يرسل من خلال هذه الجائزة رسالة لأولئك الذين يحاربون الفساد في كل مكان بأن هناك من يقف معهم ويرى عملهم ويأخذ بأيديهم ليعطيهم مثالاً يُحتذى به. كما أن إشادة ممثل الأمين العام، المدير العام لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في كلمته خلال الحفل وتوجهه بالتحية والشكر لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على هذه الجائزة الدولية للتميز في مكافحة الفساد التي تحتفي بالجهود الاستثنائية التي يبذلها الأفراد والجماعات بهذا الصدد في جميع أنحاء العالم، هي تقدير واعتراف أصيل من الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بأهمية الجائزة ودورها المتعاظم في مكافحة آفة الفساد. إلى ذلك، فقد اكتسبت زيارة العمل التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله ورعاه» إلى ماليزيا ومباحثاته مع رئيس وزرائها دولة الدكتور مهاتير محمد والقضايا الثنائية والإقليمية والدولية التي بحثها الزعيمان بما في ذلك الأزمة الخليجية، أهمية كبيرة وبعداً إضافياً من شأنه تعزيز علاقات البلدين المتنامية على كافة الصعد في ظل انفتاح قطر على الخارج ودورها النشط والمرحَّب به على الساحة الدولية وسياساتها الإيجابية لترسيخ شراكاتها مع الأشقاء والأصدقاء على قاعدة الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول وخياراتها وعدم التدخل في شؤونها، وحل الخلافات بالطرق والوسائل السلمية وفق القوانين والشرائع الدولية. فعلاقة قطر مع ماليزيا تاريخية ومتجذرة على مدى العقود الماضية في شتى المجالات التي تهم البلدين، وبدون شك فإن زيارة سمو الأمير المفدى هذه وهي الثانية من نوعها لماليزيا بعد الأولى في أكتوبر من العام الماضي، تُعد تجسيداً صادقاً لعمق العلاقات التي تربط بين البلدين وتطلعهما المشترك دوماً لتنميتها وتوثيقها، وما اتفاق قطر وماليزيا على تشكيل لجنة عُليا مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين، بالإضافة إلى تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة المشكلة منذ عام 2009، إلا خير برهان على التطور الكبير واللافت في العلاقات بين البلدين. بالتأكيد إن جولات وزيارات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى للدول الصديقة والشقيقة قد أسهمت أكثر فأكثر في تعزيز مكانة قطر وشراكاتها الاستراتيجية الإقليمية والدولية، وأدت إلى تطوير علاقاتها مع المجتمع الدولي وشتى دول العالم في كل القارات ما سيكون له أبلغ الأثر في تبادل المنافع وتحقيق المصالح واستتباب الأمن والسلم الدوليين. كما أن جائزة صاحب السمو الأمير المفدى «حفظه الله ورعاه» لمكافحة الفساد والترحيب الدولي الواسع الذي تحظى به والمشاركة النوعية من قبل المهتمين والمعنيين في مجالاتها الأربعة وهي إنجاز العمر، والابتكار، وإبداع الشباب، والبحث الأكاديمي تؤكد كذلك أنها قد حققت بالفعل الهدف الذي من أجله جرى إطلاقها، خاصة أن الفساد من المظاهر بل الآفات السالبة التي تنخر في اقتصاديات الدول ومجتمعاتها، وتقوض الديمقراطية، ما يؤدي بدوره مع غياب المساءلة والمحاسبة وإفلات الفاسدين من العقاب، إلى الغبن وإفقار الشعوب وانتهاك حقوق الإنسان، ومن ثم الاحتجاجات والعنف والتطرف والإرهاب وتهديد حياة الأبرياء والسلم المجتمعي. ولذلك كله تستحق «جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد» كل هذا الاهتمام الدولي الواسع الذي تحظى به والترحيب الكبير بها وبأهدافها النبيلة والشاملة في مكافحة الفساد ودعم وتعزيز التعاون الدولي لاجتثاثه والقضاء عليه بصورة فاعلة وناجعة. editor@raya.com
مشاركة :