اتفق المغرب وجبهة «بوليساريو» بعد أول محادثات بينهما حول الصحراء الغربية منذ 2012 في جنيف على اللقاء مجدداً مطلع 2019 تحت رعاية الأمم المتحدة التي تأمل بدء مفاوضات يتوقع أن تكون شائكة. ويبدو استئناف المباحثات معقداً مع تمسك الطرفين بمواقفهما إزاء آخر منطقة من الحقبة الاستعمارية متنازع عليها في القارة الأفريقية. وبعد ست سنوات على فشل آخر مفاوضات مباشرة بين الطرفين اللذين خاضا نزاعاً حتى إعلان وقف النار في 1991، شارك المغرب وبوليساريو على مدى يومين في قصر الأمم في جنيف، في محادثات حول طاولة مستديرة بمشاركة الجزائر وموريتانيا. وتحدث المبعوث الأممي للصحراء الغربية الخميس بلهجة إيجابية عن إمكان التوصل إلى «حل سلمي» للنزاع المستمر منذ عقود. هورست كولر وهو رئيس ألماني سابق مكلف بالملف منذ 2017، قال للصحافيين: «الحل السلمي ممكن. من خلال مناقشاتنا، يتضح أن لا أحد يستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه، وأعتقد أن من مصلحة الجميع انتهاء النزاع». وزاد إنه «مسرور للإعلان التزام الوفود بالمحادثات»، معلنا أن جولة محادثات جديدة موعدها «في الربع الأول من عام 2019». وقدمت الأمم المتحدة المحادثات باعتبارها «خطوة أولى نحو استئناف عملية مفاوضات تهدف إلى التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الطرفين لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية». وذكر مبعوث المنظمة الدولية إن المحادثات جرت في «جو من الالتزام الجاد والاحترام المتبادل». ورأت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية إن «اجتماع جنيف يعيد إطلاق المفاوضات حول الصحراء الغربية». وعندما انسحبت إسبانيا من الصحراء الغربية عام 1975، أرسلت الرباط آلاف الأشخاص عبر الحدود وأعلنت أن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من المغرب. في العام التالي أعلنت جبهة «بوليساريو» إقامة «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» بدعم من الجزائر وليبيا، وطالبت استفتاء تقرير المصير. ومذاك، اعترفت 84 دولة عضو في الأمم المتحدة بالجمهورية الصحراوية. إلا أن حالة من الجمود سيطرت على الوضع، وشيد المغرب جدران رملية تعلوها أسلاك شائكة في الصحراء لا تزال تحيط بثمانين في المئة من أراضي الصحراء الغربية التي تبلغ مساحتها 266 ألف كلم مربع. وبموجب وقف إطلاق النار لعام 1991، نشرت الأمم المتحدة بعثة لحفظ السلام أدامت خط المراقبة، لكن المجتمع الدولي سعى منذ فترة طويلة لإجراء استفتاء لتقرير وضع المنطقة. وترفض الرباط أي تصويت يكون فيه الاستقلال خياراً وتعتبر أن الحكم الذاتي هو فقط المطروح على الطاولة وهو ضروري للأمن الإقليمي. وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للصحافيين: «تقرير المصير شيء والاستفتاء شيء آخر. تقرير المصير يجري من خلال التفاوض». وإن أكد أن المحادثات جرت «في أجواء جيدة جداً»، فقد شدد على أنه «لا يكفي... يجب أن تترجم الأجواء الجيدة إلى إرادة حقيقية» لتغيير هذا الوضع. وحذر من أن «هذا الزخم سيخبو في غياب الإرادة السياسية». وقال الوزير المغربي إن بلاده «ليست مستعدة للمشاركة في اجتماعات لا نهاية لها». من جانبه كرر رئيس «البرلمان» والرئيس الصحراوي المؤقت خطري أدوه الذي ترأس وفد البوليساريو المطالبة بالحق في تقرير المصير. وقال «لو كان لدى (مسؤولي) المغرب الإرادة الحقيقية لإنهاء هذا الوضع وبصورة أسرع من تنظيم استفتاء، لكان عليهم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية». ويؤكد المراقبون أن الأطراف المعنية تتعرض لضغوط مع خفض ولاية قوة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية إلى ستة أشهر بدل سنة. وفي انتظار التوصل إلى تسوية، يعيش حوالى مائتي الف لاجئ في مخيمات قريبة من مدينة تندوف غرب الجزائر، قرب حدود المغرب والصحراء الغربية.
مشاركة :