فى أواخر سنة ١٩٧٤ كتب أحمد فؤاد نجم وغنى الشيخ إمام عيسى «قول يا عم الشيخ إمام» التى تضمنت فقرة تقول كلماتها: «بيحكو عن واحد صاحبنا... كان مدير مكتب صاحبنا... عالجميع عَرَصْ صاحبنا... يا سلام لم يا سلام... شغل العداد وهاتك... واعلى وانزل بديناراتك... خد مراتى وهات مراتك... كله ماشى يا عبسلام... وأما ريحة القرع فاحت... عاللى بانى واللى فاحت... والإشاعة جات وراحت... جابو تفسير المنام... ضحو بفنانة زمنها... بعد ما الزمان غبنها... رحنا مصر وجينا بنها... كانو نطقو بالأحكام».والحكاية التى شغلت الرأى العام أياما طويلة كان وراءها رؤساء جمهورية ورجال دولة من العيار التقيل وفضيحة أطلقوا عليها «قضية الدعارة الكبرى» كانت بطلتها الفنانة أمينة مصطفى شكيب الشهيرة بميمى شكيب المولودة فى حى حلوان القاهرى يوم ٢٥/١٢/١٩١٣ لأب ضابط شرطة وجد ضابط جيش، وكانت الفنانة قد اعتادت كغيرها من الفنانين أن تقيم خلال سبعينيات القرن العشرين بمنزلها فى حى قصر النيل حفلات استقبال كان يحضرها بعض الفنانين والفنانات وكبار رجال الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية سواء من المصريين الذين كان بينهم أشرف مروان مدير مكتب الرئيس الراحل أنور السادات ومعه مساعده صفوت الشريف (وزير الإعلام فيما بعد) أو من العرب الذين كان أشهرهم عبدالسلام جلود رئيس وزراء ليبيا ومنسق علاقاتها مع مصر ومعه مساعده أحمد قذاف الدم.وفى شهادته عن القضية الشهيرة والمنشورة على موقع الحوار المتمدن العدد ٦٠٠٣ بتاريخ ٢٤ سبتمبر الماضى، يقول الكاتب والباحث طارق المهدوى المستشار الإعلامى للهيئة العامة للاستعلامات، والذى عاصر تلك الأحداث:قام مروان والشريف بتنفيذ التعليمات الصادرة لهما من السادات كطلب الرئيس الليبى معمر القذافى ضد شريكه المزعج عبدالسلام جلود عبر قيامهما باستدراج جلود عن طريق هذه الحفلات يوم ٢٢/١/١٩٧٤ فى قضية دعارة قيدت تحت رقم ١٦٩/١٩٧٤ جنح آداب القاهرة والتى كان لابد أن تتصدر قائمة الاتهام فيها صاحبة المنزل ميمى شكيب مع ثمانى فنانات أخريات من ضيوفها هن زيزى مصطفى وعزيزة راشد وناهد يسرى وكريمة الشريف وميمى جمال وآمال رمزى وسهير توفيق وسامية شكري.فى يوم ١٦/٧/١٩٧٤ حكمت محكمة آداب القاهرة ببراءة ميمى شكيب وجميع المتهمات معها لعدم جدية الاتهام بسبب خلوه من الأدلة.جاء حفظ القضية بعد أن حققت هدف القذافى فى إجبار جلود على الاستقالة من رئاسة الوزراء مع مغادرة ليبيا بلا عودة مقابل حذف اسمه من القضية ليخلفه لاحقًا أحمد قذاف الدم كمنسق للعلاقات الليبية المصرية لاسيما وقد تواكب ذلك الحفظ القضائى مع بداية الخصومة الأولى بين الرئيسين الليبى معمر القذافى والمصرى أنور السادات والتى ترتب عليها إلغاء كافة مجاملات السادات للقذافى ومن بينها قضية ميمى شكيب. من يوم ٢٢/١/١٩٧٤ إلى يوم ١٦/٧/١٩٧٤ ستة أشهر أمضتهم ميمى شكيب داخل السجن وهى تعلم أن جريمتها الحقيقية لم تكن سوى تعاونها مع الأجهزة السيادية المصرية لصالح القذافى رجل ليبيا الأول ضد جلود رجل ليبيا الثانى لكنها ما إن بدأت تتحدث عن ذلك حتى أصيبت داخل السجن بشلل عصبى مؤقت فقدت معه السمع والنطق طوال فترة سجنها.بعد خروج ميمى شكيب من السجن فوجئت بتعليمات سيادية صارمة تمنع منحها أى أعمال فنية دونًا عن الفنانات الثماني الأخريات فاضطرت إلى طلب إعانة شهرية من وزارة الثقافة وبدأت فى صرفها مع بداية عام ١٩٧٥ لكنها لم تتوقف عن الحديث حول مظلوميتها فتم إيداعها داخل مستشفى المجانين عام ١٩٨١.لم تتوقف ميمى شكيب عن الحديث حول مظلوميتها، حتى تم قتلها بنفس الأسلوب التكرارى المتمثل فى دفعها من شرفة منزلها الكائن بحى قصر النيل فى وسط القاهرة يوم ٢٠/٥/١٩٨٣ وتم قيد قضية القتل ضد مجهول. ويضيف المهداوى على صفحته بالتواصل الاجتماعى: فى سنة ١٩٨٥ تم تكليفى رسميًا من قبل الدولة التى مثلها رئيسى آنذاك صفوت الشريف باستضافة خمسين فنانا وإعلاميا لمدة أسبوع فى دار ضيافة سرية مطلة على بحر العريش بحجة تجربة صلاحية الدار قبل استلامها من شركة المقاولات التابعة للجيش على أن يتم تسكين الجميع كثنائيات داخل الغرف ماعدا الفنانة سامية شكرى التى يجب تسكينها منفردة مما أثار فضولى فتركتُ غرفتى حتى أبيت مع أسرتى فى غرفتها لأسمعها وهى تحكى بكل أريحية.بعد عودتنا من العريش إلى القاهرة قال لى اثنان من رفاق الرحلة هما عميد معهد تدريب الإذاعة والتليفزيون مصطفى الفار ورئيسة قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون آمال يوسف إن مبيتى فى غرفة الفنانة سامية شكرى الفندقية قد أنقذ حياتها دون أية توضيحات أو تفصيلات. كنت وقتها المنسق والمسئول عن ضيافة الرحلة، وبعد تلك الواقعة تم إعفائى من صلاحية توقيع أى أوراق، حيث منح صفوت الشريف تلك الصلاحية إلى إحدى رفيقات الرحلة وهى مرؤوسته زميلة عملى المستشارة الإعلامية فى يوغوسلافيا زينب عبدالعزيز. خلال حكم الإخوان المسلمين لمصر قاموا بتعيين رئيس جديد لقطاع الإعلام الخارجى هو تابعهم المدعو مروان برزق الذى دعانى ذات يوم من سنة ٢٠١٣ لتناول القهوة فى مكتبه حيث كان معه ضيف قدمه لى باعتباره لواء جيش سابق ليباغتنى هذا الضيف بقوله أنا أعرفك جيدًا منذ إفسادك لمأموريتى خلال رحلة فنانين وإعلاميين العريش سنة ١٩٨٥ دون أى توضيحات أو تفصيلات!!... انتهت شهادة طارق المهدوى، لكن القضية لم تنته، ومازالت عملية إلهاء الرأي العام والشعب المصرى عن القضايا الأساسية مستمرة من أيامها وحتى الآن، فقط تتغير الأسماء والوقائع، ومن قضية دعارة ميمى شكيب الى قضية فستان رانيا يوسف، يا قلبى لا تحزن.
مشاركة :