على بعد نحو عشرة آلاف كلم من بوينس آيرس وتأخير لنحو أسبوعين، يلتقي الغريمان الأرجنتينيان ريفر بليت وبوكا جونيورز مساء الأحد في مدريد ضمن إياب الدور النهائي لمسابقة “كوبا ليبرتادوريس“ الأميركية الجنوبية، في مباراة يؤمل أن تضع حدا لسلسلة من الأحداث المثيرة للجدل. مدريد – بعد رفض ريفر بليت خوض نهائي المسابقة القارية الأهم في كرة القدم بعيدا عن ملعبه ومطالبة بوكا جونيورز، باعتباره فائزا باللقب بعد تعرض حافلته لاعتداء من مشجعي منافسه، يتحضر الفريقان الأرجنتينيان لخوض لقاء إياب الدور النهائي لمسابقة كوبا ليبرتادوريس الأميركية الجنوبية، مساء الأحد، في العاصمة الإسبانية مدريد، والذي بات يعرف بـ”نهائي القرن”، نظرا لأنه يجمع للمرة الأولى في نهائي المسابقة القارية بين قطبي كرة القدم الأرجنتينية. وكانت مباراة الإياب مقررة في 24 نوفمبر الماضي على ملعب “مونيومنتال” التابع لريفر، لكنها أرجئت بعد اعتداء مشجعيه على حافلة بوكا قبيل وصولها إلى الملعب. وقرر الاتحاد القاري (كونميبول) بداية إرجاء المباراة إلى موعد لاحق في الأمسية نفسها، قبل أن يرحّلها لليوم التالي، ويرجئها مجددا قبل ساعات من الموعد الجديد، بعد ذلك، أعلن الاتحاد نقل المباراة إلى خارج الأرجنتين، وحدد لها موعدا في التاسع من ديسمبر على ملعب سانتياغو برنابيو التابع لنادي ريال مدريد الإسباني. وفي حين أن فرصة اللعب في الملعب التاريخي الذي يتسع لـ81 ألف متفرج، قد تروق لأي لاعب في العالم، إلاّ أن لاعبي الفريقين لا يخفون خيبة أملهم لاضطرارهم إلى محاولة الظفر بأغلى لقب بالنسبة إلى أندية كرة القدم الأميركية الجنوبية بعيدا عن القارة. وقال المهاجم الدولي السابق ونجم بوكا حاليا كارلوس تيفيز “كلاعب، أعتقد أنه من المهم التركيز على المباراة، لأن خوض مباراة نهائية لكوبا ليبرتادوريس، بين ريفر وبوكا في مدريد.. شيء غريب”. أما حارس مرمى ريفر فرانكو أرماني، فقال “جميعنا كنا نرغب في أن نخوض المباراة على أرضنا، في ملعبنا، أمام مشجعينا الذين يستحقون ذلك، إلاّ أن القرار اتخذ، علينا أن نقوم بأفضل ما يمكن فعله”. وأثار نقل المباراة إلى مدريد حفيظة الناديين، حيث رفض ريفر خوض المباراة في مدريد، على اعتبار أنه لا يتحمل مسؤولية الاعتداء على حافلة بوكا لأنه وقع خارج ملعبه “مونيومنتال”، ويستحق أن يخوض الإياب على أرضه بعد تعادل الفريقين ذهابا على ملعب بوكا “بومبونيرا” بنتيجة (2-2). وفي المقابل، تشبث بوكا بحقه في نيل اللقب من دون أن يخوض الإياب، بعد أن رفع القضية إلى محكمة التحكيم الرياضي (كاس)، للمطالبة بمعاقبة ريفر بموجب مواد قانونية من نظام الاتحاد القاري تتصل بحالات مماثلة. مدرجات سانتياغو برنابيو، ستكون مسرحا لنهائي محتشد بمشجعي الغريمين، وهي المرة الأولى منذ نحو خمسة أعوام، بعدما دفع عنف كرة القدم السلطات الأرجنتينية إلى منع حضور جمهور الفريق الزائر وجاء عشية السبت الرفض من قبل محكمة التحكيم الرياضية، حيث أوضحت (كاس) في بيان عبر موقعها الإلكتروني، “بوكا رفع دعوى استئناف أمامها إلى جانب طلب عاجل باتخاذ تدابير مؤقتة تم رفضه”. وأبرزت المحكمة في بيانها أنه “سيتم تحليل الأسس القانونية للاستئناف لاحقا من جانب مؤسسة تحكيمية تابعة لها”، مشيرة إلى أن “إجراءات التحكيم ستواصل سيرها عبر تبادل المراسلات”. كما رفض اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول)، الجمعة منح بوكا جونيورز الأرجنتيني لقب بطولة كأس ليبرتادوريس دون خوض إياب المباراة النهائية له أمام مواطنه ريفر بليت. وكان الاتحاد القاري قد عاقب ريفر بإقامة مباراتين على ملعبه من دون جمهور، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 400 ألف دولار، على خلفية اعتداء مشجعيه على حافلة فريق بوكا والتسبب بإصابة عدد من لاعبيه، وهو ما اعتبره بوكا جونيورز دون المطلوب. وفي غياب أي مفاجأة قد تطيح بالمباراة مجددا، سيكون قطبا الكرة الأرجنتينية على موعد، الأحد، في مدريد التي منحت كرة القدم العالمية بعضا من نكهتها، وفي إسبانيا التي تضم أكبر جالية أرجنتينية في العالم. ولا تخفى أهمية كرة القدم في مدريد على أي من مشجعي اللعبة، فناديها الملكي ريال هو المتوج بأكبر عدد من الألقاب في دوري أبطال أوروبا بمجموع 13 لقبا، وما تعنيه منافسته مع برشلونة الكتالوني في “كلاسيكو” كرة القدم المحلية، وهي المقابلة التي تكون دائما إحدى أكثر المباريات مشاهدة عبر الشاشات في العالم. وفي يونيو المقبل، ستكون المدينة أيضا مضيفة لنهائي مسابقة كروية كبرى هي دوري أبطال أوروبا، لكن هذه المرة في “واندا متروبوليتانو”، ملعب القطب الآخر للمدينة أتلتيكو. ورغم كل هذا الألق الكروي للعاصمة الإسبانية، تبقى غصة إقامة نهائي كوبا ليبرتادوريس بعيدا عن “مهدها”، مدعاة لخيبة أمل عبّر عنها بشكل مثالي الأرجنتيني سانتياغو سولاري، مدرب ريال، بقوله في تصريحات سابقة “للأسف، بالنسبة إليّ، هذه المباراة فقدت بريقها”. وأضاف اللاعب السابق لريفر بليت (1996-1998) “من المحزن قول ذلك، لكن هذه هي الحقيقة، نأمل في أن يساهم النهائي على ملعب برنابيو في تصحيح ما حصل.. لا أعني تصحيحا، وإنما تقديم نهاية تليق بمباراة كهذه، فما حصل مؤسف بالفعل، لا سيما بالنسبة إلى الأطفال، خسارة حقا أن يكون قسم من مجتمعنا يقوم بتخريب كل شيء”. وتسعى السلطات الإسبانية إلى أن يمر النهائي بسلام، مستبعدة مثيري الشغب في كرة القدم الأرجنتينية، والذين تم تحميلهم مسؤولية الاعتداء على حافلة بوكا، وتحذيرهم من القدوم إلى مدريد، كما وفرت السلطات الإسبانية أربعة آلاف شرطي وعنصر أمن خاص للمباراة. ويأمل الناديان في أن تمتلئ مدرجات سانتياغو برنابيو، باستثناء جزء منها سيبقى فارغا للفصل بين المشجعين، وهي المرة الأولى منذ نحو خمسة أعوام التي ستكون مدرجات ملعب بين فريقين أرجنتينيين، محتشدة بمشجعي الطرفين، بعدما دفع عنف كرة القدم السلطات الأرجنتينية، بدءا من عام 2013، إلى منع حضور جمهور الفريق الزائر. وعنونت صحيفة “ماركا” الإسبانية السبت “لنعِش هذا الاحتفال بسلام”. وخصصت 20 ألف بطاقة لمشجعي كل من الفريقين في إسبانيا، إضافة إلى خمسة آلاف لمشجعي كل منهما في الأرجنتين، وفي حين نفدت الفئة الأولى خلال ساعات من طرحها، لا تزال بعض بطاقات الفئة الثانية متوافرة، على الأرجح نظرا للكلفة المرتفعة للانتقال عبر المحيط للحضور. ويعود الفوز الأخير لبوكا جونيورز بلقب المسابقة إلى 2007 عندما ظفر بلقبه السادس، أما ريفر بليت فيسعى إلى التتويج به للمرة الرابعة في تاريخه والأولى منذ 2015. وهي المرة الأخيرة التي سيقام فيها الدور النهائي لكوبا ليبرتادوريس بنظام الذهاب والإياب، حيث تقرر اعتماد نظام المباراة النهائية اعتبارا من العام المقبل، على أن يقام النهائي الأول في العاصمة التشيلية سانتياغو. وسينال الفائز باللقب القاري شرف تمثيل أميركا الجنوبية في كأس العالم للأندية المقررة في الإمارات في ديسمبر الجاري، وتعود أول مواجهة بين الفريقين إلى العام 1913، وانتهت بفوز ريفر بليت (2-1)، لكن بوكا يتفوق في تاريخ لقاءات الفريقين بـ88 انتصارا مقابل 81 لمنافسه، في حين انتهت 78 مباراة بالتعادل.
مشاركة :