جوناثان آموس مراسل بي بي سي للشؤون العلمية نجح المسبار فيلة في تحقيق هبوط تاريخي على نواة المذنب 67 ب التي تبلغ مساحتها أربعة كيلو مترات في نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أنه سرعان ما انقطعت أخباره بعد نفاد الطاقة من بطاريته. ومنذ ذلك الحين، تجري محاولات لاستعادة الاتصال به عبر عمليات تقوم بها المركبة روزيتا. وفشلت بعض الصور عالية الوضوح التي التقطها القمر الصناعي روزيتا في تحديد موقع المسبار. ويؤكد المشرفون على العملية أنه لا خيار أمامهم في الوقت الحالي سوى انتظار إشارة من المسبار تصلهم للتعرف على موقعه. وسوف يواصلون الاستماع إلى موجات اللاسلكي على مدار الأسابيع القليلة المقبلة أملا في نجاح عمليات الاتصال التي من المتوقع أن تبدأ في مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران المقبل. ويتوقف ذلك على تحسن ظروف الإضاءة في المكان الذي يُفترض أن يكون المسبار موجودا به، حتى يتسنى له الحصول على قدر كاف من الطاقة لتشغيل اللاسلكي الموجود بداخله. ونشرت وكالة الفضاء الأوروبية تسلسلا كامل لمجموعة من الصور الحديثة للمسبار فيلة، الذي لا يتجاوز حجمه حجم الغسالة، وهو ينفصل عن المركبة الفضائية روزيتا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ويهبط على المذنب 67 ب. واكتفت الوكالة بنشر عدد قليل من مجموعة الصور المتسلسلة للمسبار. ويبدو أن الباحثين على علم بموقع فيلة، إذ تأرجح المسبار مرتين إلى أعلى فور ارتطامه بسطح المذنب ليتعرض لمنخفض كبير يُعرف بـهاتمهت قبل أن يستقر في حفرة مظلمة أطلق عليها العلماء اسم أبيدوس. وتوضح الصور إلى حد بعيد المحيط الذي يقع فيه المسبار فيلة. ويرى العلماء المشاركون في بعثة روزيتا أنه موجود في أعلى قمة مذنب على شكل بطة. وترجح البيانات التي تتوافر من خلال بعض تجارب الاتصال اللاسلكي التي تجرى في الوقت الحالي، مع توقف فيلة تماما عن العمل، إنه ربما يكون موجودا في قطاع من حقل تصل أبعاده إلى 350 متر × 30 متر. وكانت المركبة روزيتا قد التقطت الصور التي تحدد الموقع العام أيام 12 و13 و14 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. كما تعرضت كل صورة على حدة لعملية مسح ضوئي لتتبع أي نقطة مضيئة لدى المسبار، إلا أن عملية الفحص لم تسفر عن نتيجة إيجابية. يقول ستيفان أولاميك، رئيس قسم المركبات الفضائية بوكالة الفضاء الألمانية، لبي بي سي:في الواقع رأينا عدة أجسام شبيهة بفيلة في نفس الوقت. وأضاف أن هذه مشكلة بالنسبة لنا، لأنه من الصعب أن نميز فيلة من تفاصيل تضاريس سطح المذنب التي تشبه المسبار إلي حد بعيد. وأشار أولاميك إلى أنه الوكالة تضع في اعتبارها إمكانية الاستعانة بخبراء تصوير عسكري للمساعدة في التحليل، لكنه أكد أن أن البحث عن مسبار يوجد على سطح مذنب يعتبر مهمة مختلفة تماما عن عمليات البحث في أماكن أخرى. وتخطط وكالة الفضاء الأوروبية للمزيد من العمليات النوعية للبحث المصور. ومن المتوقع أن يشهد المذنب، الذي يقترب من الشمس في الوقت الحالي، وتبلغ المسافة بينه وبينها حوالي 364 مليون كيلو متر، المزيد من النشاط في وقت قريب. على ذلك، من المتوقع أن تؤدي حرارة الشمس إلى إذابة الجليد المتكون أعلى المذنب 67 ب، ما يؤدي إلى إنتاج كميات ضخمة من الغازات والأتربة. وتضيف تلك الغازات والأتربة من صعوبة التحكم في المركبة الفضائية روزيتا التي تراجعت بالفعل 20 كيلو متر عن مكان انفصالها عن المسار الذي استقرت به لفترة طويلة في ديسمبر/كانون الأول الماضي لفترة، ولكنها الآن تسير في مدار يرتفع بواقع 30 كيلو متر عن موقع الانفصال. وتخطط الوكالة أيضا للطيران على ارتفاع منخفض في 14 فبراير/ شباط المقبل للمركبة روزيتا التي من المقرر أن تحلق على ارتفاع ستة كيلو مترات من سطح المذنب وسوف تمر ذهابا وإيابا عبر الجانب السفلي من المذنب بعيدا عن الموقع حيث يفترض وجود المسبار فيلة. ويتوقع المشرفون على مهمة فيلة أن يحدد موقعه بنفسه، بانتهاء الشتاء في النصف الجنوبي من المذنب خلال أسابيع قليلة فتتحسن ظروف الإضاءة داخل الحفرة التي يقع بها المسبار مما يزيد التوتر الداخلي ويعمل على إمداد فيلة بالطاقة اللازمة لإعادة تشغيله ومعاودة الاتصال بروزيتا. ويحتاج فيلة إلى تجميع أكبر قدر ممكن من الضوء لتحوله الخلايا الشمسية الملحقة به إلى طاقة يمكن من خلاله تشغيله ليلتقط الإشارات اللاسلكية التي ترسلها روزيتا عبر ناقل موجات اللاسلكي المثبت داخل المسبار، ومن ثَمَ تتلقى المركبة ردا تتمكن معه من تحديد موقع فيلة. كما يحتاج المسبار للضوء من أجل توفير الطاقة لإعادة شحن مجموعة البطاريات التي يعمل بها لأنه حال وصول قدر قليل من الطاقة قد يعمل ناقل الإشارة اللاسلكية بينما المسبار في حالة من السبات. ومن الممكن بعد انتهاء الشتاء في النصف السفلي من المذنب أن يتوافر الضوء، ومن ثم الطاقة اللازمة لتشغيل فيلة الذي يمكنه، حال تحقق ذلك، استئناف الملاحظات العلمية التي توقفت بعد ستين ساعة من هبوطه على المذنب في نوفمبر/تشرين الثاني. ولأن الحظ هو العامل الأكبر في استعادة الاتصال بالمسبار فيلة، من المتوقع أن يحدث ذلك في أغسطس/ آب المقبل عندما يكون المذنب في أقرب مكان من الشمس ليدخل في المرحلة الأكثر نشاطا. يقول أولاميك إن هناك ثقة كبيرة في ذلك. كما أن هناك استعدادا لدى كل فرق العمل المشاركة في المهمة لمواجهة السيناريوهات المحتملة. وسط هذه المحاولات لاستعادة المسبار وإعادة تشغيله، يأمل الجميع ألا يتحطم فيلة تحت وطأة برودة الطقس في الموقع الذي استقر فيه، إذ من لممكن أن تتعرض مكوناته الإليكترونية لدرجات حرارة أقل من 80 تحت الصفر، وهي درجة الحرارة التي تقل 20 درجة عن درجات الحرارة التي يمكن لفيلة تحملها.
مشاركة :