على الرغم من تحذيرات السلطات ودعوة بعض “قادة” حركتهم المتنوعة، عاد محتجو “السترات الصفراء” إلى باريس لينجزوا “الفصل الرابع” من غضبهم الشعبي والمطالبة بتغيير. كتب أحد المتظاهرين على سترته الصفراء التي أصبحت رمز هؤلاء الفرنسيين الذين لم يعودوا قادرين على الانزلاق باتجاه الفقر ويدينون سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون التي يرون أنها لا تفيد سوى الأغنياء، “فرنسي عنيد لا يقهر”. وكان الرئيس الفرنسي تحدث مازحا خلال زيارة للدانمارك الصيف الماضي عن هؤلاء الفرنسيين “العنيدين في مواجهة التغيير” الذين يريد تحفيزهم. وطالب المتظاهرون في باريس السبت بتغيير ما، تغيير الرئيس أو على الأقل مزيد من العدالة الاجتماعية. هتف المحتجون “ماكرون، استقل!” بعدما ردووا النشيد الوطني، ثم كرروه. كما رددوا شعارات موجهة إلى قوات حفظ النظام. وعلى علم كبير رفعه المتظاهرون دونت ثلاثة أعوام “1789، 1968، 2018″، كما لو أنهم يسعون إلى الارتقاء بتحركهم إلى مستوى تحركين شعبيين كبيرين هما الثورة الفرنسية واحتجاجات الطلاب. عدالة اجتماعية وقال أحد المحتجين كزافييه وهو ثلاثيني قدم من موزيل بشرق فرنسا ويعمل في قطاع البناء إن “الناس لم يعودوا قادرين على التحمل”، لكنه أبدى بعض التحفظ على المواجهات بين الشرطة ومتظاهرين. وأضاف “نحن نشتري أواني الطعام من (الجمعية الخيرية) أيموس”، في تلميح إلى الجدل الذي أثاره شراء قصر الإليزيه مجموعة من أواني الطعام بعشرات الآلاف من اليورو. وتابع “عليهم هم أيضا أن يبذلوا بعض الجهد”. أما كريستوف وهو طباخ من لوريان (غرب) شارك في التظاهرات كل سبت منذ بداية التعبئة، فأكد “لم نأت لنطلب خفض الرسم فقط بل ليشدوا هم أيضا الأحزمة. ما زال لديهم هامشا”. وعبر كزافييه عن غضبه من عنف بعض المتظاهرين. وقال بينما كانت قطع زجاج تتناثر إن “العنف مشين. إذا رغبوا فيه فسنرحل. أنا أب لولدين في نهاية الأمر”. وأكد انتوني (23) “ليخربوا المصارف والشركات المتعددة الجنسيات، لا يهمني، لكن ليس المتاجر الصغيرة ومحلات الأفراد، فهذا غباء”. وقالت صديقته إنها تشعر بخيبة أمل من الذين جاؤوا “للتخريب فقط” لأنهم يجردون التحرك من مصداقيته. وصرح رجل في السادسة والثلاثين يملك محلا تجاريا في بلدته بورج (وسط) “لسنا موافقين على العنف (…) لكننا نلاحظ مع الأسف أن الفلتان وحده هو الذي يدفع الحكومة الى التفكير في سياستها غير العادلة التي تعمق التفاوت وتضر بكثيرين منا”. وجاء هذا الرجل الذي رفض ذكر اسمه “للمطالبة بعدالة اجتماعية”. وقد خط على سترته الصفراء على ظهره “ولى زمن الذين يمارسون القمع”. وهذا ما يطالب به أيضا في الشانزليزيه تيم فيتو (26 عاما) الذي حضر من ليون (وسط الشرق). وبعدما عمل عشر سنوات نادلا، أصبح الآن عاطلا عن العمل. وصرح “أنا الآن على لائحة +بول انبلوا+ الشركة الأولى للتوظيف في فرنسا”، موضحا أنه رفض وظائف بأجر يبلغ 1200 يورو شهريا. وهو مضطر للتخلي عن مسكنه مع صديقته. وقال “سأعود إلى بيت أمي وكذلك صديقتي. عدنا مثلما كنا في السادسة عشرة من العمر. أمي أيضا منهكة. إنها تعمل ممرضة”. وهتف “أهلا بكم في فرنسا”. وتابع بأسف أن ما يملكه من مال يسمح له بتغطية نفقاته “لأربعة أشهر”. وقال “أريد أن أنجب أبناء. كيف يمكنني أن أحقق ذلك في هذا الوضع؟”.
مشاركة :