نظف العمال في العاصمة الفرنسية باريس مجددا شوارع المدينة من الزجاج المهشم وسحبوا هياكل السيارات المحترقة بعيدا، اليوم الأحد، بعد يوم آخر من الاحتجاجات العنيفة فيما أعلنت الحكومة أن الرئيس إيمانويل ماكرون يعد لتوجيه خطاب إلى الشعب الفرنسي في الأيام القليلة المقبلة. واشتبك محتجون مناهضون للحكومة مع شرطة مكافحة الشغب الفرنسية في باريس يوم السبت ورشقوا رجال الشرطة بالمقذوفات وأضرموا النار في السيارات وخربوا متاجر ومطاعم في رابع موجة من الاحتجاجات التي تنظم في العطلة الأسبوعية. وفي أنحاء المدينة غطت فروع البنوك والمتاجر واجهاتها المحطمة بألواح فيما غطت الشعارات المناهضة لماكرون الجدران والواجهات. وكُتب على ألواح غطت واجهة أحد المتاجر قرب شارع الشانزليزيه الشهير “لن تصمد إلى ما بعد عيد الميلاد يا إيمانويل”. ويواجه الرئيس انتقادات متزايدة لعدم ظهوره علنا منذ أكثر من أسبوع مع تفاقم العنف. ووجهت الاضطرابات التي تجري في موسم التسوق لعيد الميلاد ضربة قوية لقطاعات التجزئة والسياحة والتصنيع بعد أن عرقلت حواجز الطرق سلاسل الإمداد. وخلال جولته يوم الأحد في حي راق بوسط باريس شهد أعمال نهب واسعة يوم السبت، قال وزير المالية برونو لو مير لرويترز إن الاحتجاجات سيكون لها “أثر بالغ” على الاقتصاد الفرنسي. وقال “لابد أن نتوقع تباطؤا جديدا في النمو الاقتصادي في نهاية العام نتيجة احتجاجات السترات الصفراء” مضيفا أنه سيقدم المزيد من التفاصيل في الأيام القادمة. “كل شيء محطم” وقال جريجوري كراي الذي يملك متجرين لبيع الأثاث في قلب باريس إنه شعر بالارتياح لرؤية متجريه سالمين من النهب لكن الألواح التي تحمي الواجهات ملأتها الرسوم والشعارات. وأضاف لرويترز “يمكنك أن تتفهم (احتجاج) حركة السترات الصفراء. لكن هذا غير مقبول على الإطلاق. يحدث ذلك في كل عطلة أسبوعية للمرة الثالثة على التوالي الآن. أنظر حولك.. كل شيء محطم.. مدمر. اضطرت كل المحال لإغلاق أبوابها وإنفاق الأموال لتأمين المداخل.. ويحدث الأمر كل أسبوع”. واكتسبت الاحتجاجات اسمها من السترات الصفراء البراقة التي يتعين على كل قائدي المركبات في فرنسا الاحتفاظ بها في مركباتهم. واندلعت الاحتجاجات دون مقدمات في 17 نوفمبر تشرين الثاني عندما نزل ما يقرب من 300 ألف متظاهر إلى الشوارع في أنحاء البلاد احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة والإصلاحات الاقتصادية الليبرالية التي يطبقها ماكرون. وألغت الحكومة الأسبوع الماضي زيادة كانت مقررة في الضرائب المفروضة على البنزين والسولار في محاولة لنزع فتيل الأزمة لكن الاحتجاجات تحولت إلى تمرد أوسع نطاقا مناهض لماكرون. وقال برتراند كروزتيه وهو يشاهد عمال النظافة يزيلون شعارات مناهضة للرئيس من ساحة الجمهورية “لا أعرف ما إذا كانت استقالة ماكرون ضرورية، لكن ينبغي له أن يغير المسار تماما ويزيد الأجور ويقلل الضرائب”. وكان آخر خطاب مهم خاطب فيه ماكرون الشعب في 27 نوفمبر تشرين الثاني وقال وقتها إنه لن يذعن ويغير سياسته بسبب “خارجين عن القانون”. وعقب أعمال شغب الأسبوع الماضي عرضت الحكومة تنازلات لتهدئة الغضب العام تضمنت إلغاء الزيادات المزمعة في ضرائب الوقود وتثبيت أسعار الطاقة. وقال المتحدث باسم الحكومة بنجامين جريفو لمحطة (إل.سي.آي) التلفزيونية يوم الأحد “رئيس الجمهورية سيصدر بالطبع إعلانات مهمة”. ولم يدل بتفاصيل بشأن التوقيت بالتحديد أو ما قد يعلنه ماكرون. وأضاف “لكن لن تحل كل مشكلات محتجي ’السترات الصفراء’ بالعصا السحرية”. وتطالب احتجاجات السترات الصفراء بخفض الضرائب ورفع الحد الأدنى للأجور وتحسين مزايا التقاعد. لكن بالنظر إلى العجز في الموازنة الفرنسية والرغبة في تجنب مخالفة قواعد الاتحاد الأوروبي فليس لدى ماكرون مساحة تذكر لتقديم مزيد من التنازلات.
مشاركة :