حذر مراقبون من تسارع وتيرة تدهور الاقتصاد الليبي بسبب الاضطرابات واستمرار شلل القطاع النفطي الذي تلاشت إيراداته بسبب توقف الصادرات شبه التام، ورغم خطورة الأوضاع إلا أن بعض المحللين يقولون إن الاقتصاد يمكن أن يتعافى بمجرد عودة الصادرات النفطية إلى سابق عهدها. وبحسب "رويترز"، فقد بدأت وطأة الصراع تظهر على مصراتة التي تعد مركزا مهما للشحن البحري والصناعة لم يكن يعبأ بالاضطرابات التي تشهدها البلاد حتى الآن، حيث تم خفض الإنتاج في أكبر مصانع الصلب في البلاد واضطر المسؤولون عن مرفأ مصراتة للحد من أنشطته. وهوى إنتاج النفط إلى 20 في المائة مما اعتادت ليبيا ضخه قبل الانتفاضة على القذافي التي دعمها حلف شمال الأطلسي، بينما تعطلت واردات القمح وغيرها من الأنشطة في الموانئ البحرية بسبب الاشتباكات في شرق البلاد. وحتى الآن لم تكن مصراتة قد تأثرت بالاضطرابات إذ إن موانئها تخدم جانبا كبيرا من البلاد كما أنها أصبحت منفذا رئيسيا للرحلات الجوية إلى ليبيا عندما تسبب القتال في إغلاق مطار طرابلس الرئيسي خلال الصيف. كذلك فإن مصراتة ثالث أكبر مدن ليبيا تضم أكبر منطقة للتجارة الحرة وأكبر شركة لمنتجات الألبان وهو ما يجعلها الموقع الوحيد الذي يضم أنشطة صناعية غير نفطية في بلد يعتمد على النفط في تحقيق معظم إيراداته. وقصفت طائرات حربية تابعة للحكومة المعترف بها ترابط في الشرق منذ سقوط العاصمة مصنع الصلب في مصراتة والميناء والمطار، ولم تصب شيئا يذكر، لكن الحملة دفعت شركات الشحن البحري والخطوط الجوية التركية آخر شركة طيران أجنبية تسير رحلات إلى ليبيا إلى وقف نشاطها. وقال محمد الفقيه رئيس الشركة الليبية للحديد والصلب إحدى كبرى شركات الصلب في إفريقيا "إن الشركة تواجه نقصا في إمدادات الغاز وستضطر إلى خفض إنتاجها هذا العام بإغلاق اثنتين من الوحدات الثلاث للاختزال المباشر للحديد"، مضيفاً أن "الشركة اتفقت مع شركة الكهرباء على خفض الإنتاج إلى 33 في المائة من الإجمالي بسبب مشكلات إمدادات الغاز وذلك لتوفير الغاز الطبيعي والكهرباء". وسيبلغ إنتاج الحديد المختزل الذي يعد مكونا رئيسيا في صناعة الصلب 550 ألف طن فقط في عام 2015 بانخفاض كبير عن خطط الإنتاج التي كانت مقررة في العام الماضي وبلغت 1.6 مليون طن، لكن الإنتاج الفعلي في العام الماضي بلغ 60 في المائة من المستهدف بسبب نقص الكهرباء، وستؤثر هذه التخفيضات في عمليات إنتاج الصلب وسيتم إغلاق اثنين من أفران الشركة الستة. وانخفض إنتاج ليبيا من الغاز منذ شنت مجموعات مسلحة هجوما للسيطرة على مرفأ السدر النفطي في شرق البلاد، وما زالت قوات تابعة لحكومة الشرق تسيطر على المرفأ لكنه أصيب بأضرار واضطر للتوقف عن العمل، فيما تقول حكومة طرابلس "إنها اضطرت أيضا لخفض إنتاج الغاز في مجمع مليتة في الغرب بسبب خطر الضربات الجوية". وأضاف الفقيه أنه "رغم أن الأمن في مصراتة ما زال أفضل منه في بنغازي وطرابلس إلا أن مقاولي الصلب الأتراك والنمساويين سحبوا موظفيهم من المدينة بسبب الضربات الجوية"، مشيراً إلى أن أعداد السفن التي تنقل المواد الخام أو الوقود المستورد وترفض الرسو في مصراتة يتزايد. وفي مرفأ مصراتة التجاري انخفض حجم عمليات مناولة الحاويات إلى ما يعادل 174 ألفا و340 حاوية قياسية في العام الماضي من 225 ألفا و929 حاوية عام 2013 وفقا لأحدث البيانات وذلك بعد سنوات من النمو المطرد. وبينما أفاد مصدر في صناعة الشحن أن بعض شركات الشحن الأجنبية حولت شحناتها إلى موانئ ليبية أصغر مثل ميناء الخمس غربي مصراتة بعد أن أصابت طائرة حربية مخزنا في أحد الأرصفة، أشار محمد التومي عضو مجلس المدينة إلى أن 70 في المائة من الناس في مصراتة يعملون في التجارة والصناعة، ونحن نريد فعلا وقف هذه الحرب.
مشاركة :